الأربعاء 2016/11/16

آخر تحديث: 13:40 (بيروت)

"درع الفرات" تسيطر على قباسين.. وتثير "داعش" و"قسد"

الأربعاء 2016/11/16
"درع الفرات" تسيطر على قباسين.. وتثير "داعش" و"قسد"
انسحاب "قوات سوريا الديموقراطية" من منبج، والابقاء على مجلسها العسكري، هو تلاعب بالألفاظ والمسميات (RFS)
increase حجم الخط decrease
تتسارع وتيرة المعارك التي تخوضها فصائل الجيش الحر المنضوية في غرفة عمليات "درع الفرات" ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بهدف السيطرة على مدينة الباب. وبعد السيطرة على بلدة قباسين شمالي الباب، الثلاثاء، بدأ الخناق يضيق على التنظيم في المدينة، خصوصاً مع التقدم الذي أحرزه الجيش الحر من الجهتين الغربية والشمالية.

التقدم الذي احرزه الجيش الحر خلال الساعات الـ24 الماضية، حول المدينة، جعله سبّاقاً إلى الباب التي تسعى "قوات سوريا الديموقراطية" أيضاً للوصول إليها من العريمة شرقاً ومن جهة قرية طعانة غرباً، بالإضافة إلى قوات النظام المتمركزة في مطار كويرس جنوبي المدينة.

رئيس المكتب الإعلامي في "لواء المعتصم" حسين ناصر، قال لـ"المدن"، إن فصائل الجيش السوري الحر المنضوية في غرفة عمليات "درع الفرات" تخوض اشتباكات هي الأشد عنفاً بسبب استماتة "داعش" للمحافظة على الباب والقرى المحيطة بها. وتمكنت الفصائل من السيطرة على بلدة قباسين المهمة، ومن خلالها تمكّن الجيش الحر من السيطرة على بلدة بزاعة شرقي الباب، ما يُساعد في فرض حصار على التنظيم من ثلاث جهات؛ الشمال والشرق والغرب. كما أن السيطرة على قباسين تحبط محاولة "قسد" التقدم إليها.

وأضاف ناصر، أن فصائل الجيش الحر، تمكنت من السيطرة على قرى حزوان وقاح وقديران وسوسيان وتل بطال وعويلين، وبذلك أصبحت المسافة التي تفصلنا عن الباب هي 1.5 كيلومتراً من الغرب والشمال الغربي. وتعتبر هذه القرى خطوطاً دفاعية أولى للتنظيم عن مدينة الباب.

من جهة أخرى، أصدرت "القيادة العامة لوحدات حماية الشعب"، الأربعاء، بياناً، قالت فيه إنها ستنسحب من مدينة منبج لتنتقل إلى ضفة الفرات الشرقية للمشاركة في معركة الرقة، وتسليم المدينة إلى "المجلس العسكري لمنبج". البيان قال: "بعد التحرير قامت وحداتنا بمساعدة قوات التحالف الدولي بتأهيل القوات التابعة للمجلس العسكري لمنبج، التي باتت تملك الآن مؤسسات عسكرية وأمنية كافية، وأصبحت قادرة على الدفاع عن تراب منبج وشعبها أمام جميع الأخطار المحدقة بها".

و"مجلس منبج العسكري" تم تشكيله من قبل "قوات حماية الشعب" الكردية، ويضم قيادات من حزب "الإتحاد الديموقراطي" مثل المتحدث الرسمي باسم "مجلس منبج العسكري" شرفان درويش، وهو في الوقت ذاته المتحدث الرسمي باسم "قوات سوريا الديموقراطية". وبحسب المعارضة السورية، وأهالي منبج، فهذا المجلس لا يمثل فصائل الجيش الحر لمدينة منبج وريفها، والتي شكلت مجلسها العسكري العامل ضمن قوات "درع الفرات" بقيادة أنس شيخ ويس، الذي تم انتخابه من قبل فصائل الجيش الحر في مدينة منبج وريفها.

وانسحاب "قوات سوريا الديموقراطية" من منبج، والابقاء على مجلسها العسكري، هو تلاعب بالألفاظ والمسميات. عضو "الهيئة السياسية" لمدينة منبج وريفها عبد الكريم أبو صلاح، قال لـ"المدن"، إن ذلك هو بقاء حقيقي وفعلي لحزب "الاتحاد الديموقراطي"، وكل ما يتم اعلانه عن انسحاب "قسد" من منبج لا يعدو كونه تصريحاً للاستهلاك الاعلامي فقط.

أبو صلاح أكد أن إعلان "قسد" الانسحاب من مدينة منبج، سبقه إعلان مماثل منذ شهور، وناقضته الوقائع على الأرض. "قسد"، كانت قد واصلت تحركاتها العسكرية، واستولت على المزيد من القرى والبلدات شمالي منبج باتجاه جرابلس، في محاولة منها لعرقلة عملية "درع الفرات". واليوم، ومع إعلانها الانسحاب مجدداً من منبج، الذي ترافق مع تحركات عسكرية للتقدم غرباً باتجاه مدينة الباب، سيطرت على قرى منها الشيخ ناصر وساب ويران وقنقوي شمال شرقي الباب. فهي تحاول التمدد والاستيلاء على المزيد من القرى باتجاه الباب، وتعمل على فرض طوق حماية لقوات النظام شمالي وشرقي حلب، ولم توقف هجماتها بالاسلحة الثقيلة والصاروخية على مناطق سيطرة "درع الفرات"، في مارع وكلجبرين. وهجومها بالتعاون مع طيران النظام على تل مضيق، بعد سيطرة قوات "درع الفرات" عليه وطرد "داعش" منه، أكبر مثال على ذلك.

ومع وصول المعارضة إلى مشارف الباب، مايزال 60 ألفاً من سكان المدينة يقيمون فيها، ممن يعجزون عن مغادرتها، وسط عيشهم ظروفاً صعبة بسبب ممارسات "داعش" بحقهم، وتعرضهم للقصف العشوائي من كافة الجهات، بالإضافة إلى نقص المواد الغذائية والطبية.
وقام التنظيم بفرض العديد من الإجراءات الصارمة بحق الأهالي، من فرض حضر التجوال داخل المدينة، وإغلاق المحال التجارية، ووقف تقديم الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ونظافة، واحتكار التنظيم لانتاج الخبز وتوزيعه.

ويخشى سكان الباب تكرار سيناريو مدينة منبج، عندما قامت "قوات سوريا الديموقراطية" وطيران "التحالف الدولي" بطرد التنظيم منها، منتصف آب/أغسطس. وتعرض الأهالي حينها للحصار والقصف والقنص، ما تسبب في مقتل المئات منهم، وتعرضهم للجوع والصدمة، واستخدامهم دروعاً بشرية، من قبل "داعش".

وبلغ عدد سكان الباب قبل سيطرة "داعش" عليها نحو 250 ألف  نسمة، ونزح معظمهم باتجاه الريف الشمالي المحرر وتركيا، ومن كان موالياً للتنظيم نزح باتجاه الرقة ومسكنة. ويعاني النازحون أوضاعاً إنسانيةً صعبةً بسبب عدم توفر الخدمات الإغاثية والسكن، فأقاموا في القرى والبلدات المحررة حديثاً التي لم تتمكن حتى الآن من تشكيل "مجالس محلية" تعمل على تأمين الخدمات.

أبو جمعة، من الباب، قال لـ"المدن" إن من تبقى من سكان المدينة يعاني أوضاعاً صعبة، بعدما قام التنظيم بقطع المياه عن المدينة، ونقل محولات الكهرباء وآلات الضخ إلى الرقة. ما اضطر المواطنين للاعتماد على الصهاريج إن وجدت. كما قام التنظيم بإغلاق المحال التجارية في المدينة، ما تسبب بنقص المواد التموينية والخبز. وبات الأهالي يعتمدون على ما هو موجود في منازلهم من أرز وبرغل ومؤن. التنظيم فرض حظراً للتجوال، ونصب حواجز على الطرق لمنع أي مواطن من مغادرة المدينة.  بالإضافة إلى تنفيذ عمليات قنص بحق الأهالي، وخلال اليومين الماضيين قام عناصر التنظيم بقنص عائلة من بيت قشقوش حاولت الخروج من الباب، ما تسبب في مقتل اثنين منها.

وأشار أبو جمعة، إلى أن التنظيم نقل معدات المشافي والأدوية إلى مدينة الرقة، مما تسبب بنقص المواد الطبية، وهناك كلام عن قيامه بفك الأفران من المدينة ونقلها إلى جهة مجهولة. كما قام التنظيم بنقل وتخريب ما تبقى من شبكة الري التركية، وثقّب أنابيب الشبكة الرئيسية، كل مائة متر، بثقب بقطر نصف متر.

دور التنظيم لم يقتصر على مضايقة المواطنين في حياتهم اليومية، بل قام بتفخيخ البيوت والمباني السكنية العامة والخاصة والدوارات والشوارع الرئيسية والفرعية، مثل شارع عصفور وساحة مرطو وشارع خضيران. كما قام التنظيم بإقامة تحصينات دفاعية قوية حول المدينة، وداخلها، بهدف إطالة عمر المعركة، فحفر شبكة أنفاق بمسافات طويلة، تربط بين مقرات ونقاط متعددة، مثل النفق الذي يصل مشفى الجبل بمبنى المرور والزراعة، وانفاق تصل بين شوارع ودوارات أساسية مثل دوار تادف.

ولحماية آلياته وعناصره ومفخخاته، يلجأ التنظيم إلى الاختباء بين المدنيين خوفاً من ضربات الطيران، وقبل يومين تعرضت خيم لنازحين فارين من مدينة الباب إلى قصف من قبل الطيران، ما تسبب في مقتل 10 أشخاص بسبب قيام التنظيم بركن مفخخة بين خيامهم. وهذا الامر يكرره التنظيم دائماً.

سيطرة الجيش الحر على الباب، ستبعد التنظيم عن أهم خزان بشري له في المنطقة، كما ستمنع "قسد" من ربط عفرين بمنبج، وبالتالي ضرب مشروعها في تشكيل كيان انفصالي في المنطقة. كما ستساهم السيطرة على الباب في تخفيف الضغط السكاني عن مدينة أعزاز شمالي حلب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها