الأحد 2015/03/22

آخر تحديث: 12:04 (بيروت)

هكذا يتعاون النظام السوري و"داعش"

الأحد 2015/03/22
هكذا يتعاون النظام السوري و"داعش"
التنظيم سهّل مرور أكثر من 185 قاطرة تحمل القمح من وإلى مناطق سيطرة النظام، مقابل حصوله على جزء منها
increase حجم الخط decrease
تسير العلاقة بين تنظيم الدولة الإسلامية والنظام السوري، في اتجاهين متناقضين؛ فمن جهة تشهد المعارك التي اندلعت بينهما على حالة من العداء المفرط الذي أخذ شكلاً من عدم الرحمة، كما حدث في كل من الرقة والطبقة ومؤخراً في دير الزور و"حقل الشاعر" للغاز. ومن جهة ثانية تسري بينهما حالة من التنسيق المضمر، في الأمور العسكرية والخدمية والغذائية.

في الشرق السوري، وإذا استثنيا المعارك في الرقة والطبقة ومقر الفوج 93، ومحاولة التنظيم السيطرة على مطار دير الزور العسكري، هناك حالات تنسيق مشترك في مجال نقل شحنات القمح من مناطق سيطرة النظام، في محافظة الحسكة إلى محافظة حماة، مروراً بمناطق سيطرة التنظيم في الرقة.

وبحسب نشطاء، فالتنظيم سهّل مرور أكثر من 185 قاطرة تحمل القمح إلى مناطق سيطرة النظام، مقابل حصوله على جزء منها، بحسب اتفاق تم بعد وساطة قبليّة في المنطقة.

ويشار إلى أن التنظيم يحرم مناطق سيطرة المعارضة من القمح والطحين والخبز، ويمنع اخراجها من مناطقه، ويعاقب كل من يخالف بالسجن والغرامة المالية، بتهمة التهريب غير المشروع.

أما في مجال الطاقة في المنطقة الشرقية، فقد نفى الناشط الميداني أبو محمد، من محافظة دير الزور، أي تنسيق في مجال النفط في المنطقة، إلا أنه تحدث عن تنسيق في مجال الغاز والطاقة الكهربائية بين الطرفين. فالتنظيم يسمح بخروج الغاز من حقل "كونيكو" للغاز الذي يسيطر عليه، إلى محطة "جندر" بريف حمص لتوليد الطاقة الكهربائية الواقعة تحت سيطرة النظام. والنظام بدوره، يسمح بوصول الكهرباء إلى "محطة تحويل التيم" في مناطق سيطرة التنظيم جنوبي دير الزور، ومنها يوصل التنظيم الكهرباء إلى مناطق سيطرة النظام في دير الزور، ومناطق سيطرة القوات الكردية في الحسكة والقامشلي.

التعاون بين الطرفين، بدأ بعد توقيعهما على اتفاقية تشغيل المحطة الحرارية، التي سيطر عليها التنظيم أواخر العام 2013 بريف حلب الشرقي، والتي جرت تحت اشراف مبادرة أهلية من حلب. الاتفاقية حرمت مناطق سيطرة المعارضة من الكهرباء، كونها تنص على إعطاء الغاز المشغل للمحطة للنظام، مقابل تقاسمه الكهرباء مع التنظيم. النظام حوّل الكهرباء إلى مناطق سيطرته في حلب، وإلى معاقله في الساحل السوري، عبر خطوط تم تجهيزها ضمن أراضٍ يسيطر على التنظيم، وعن طريق "خط الثورة" للتوتر العالي في حماة.

وعلى عكس المناطق الشمالية في سوريا، فالتنظيم يفرض حصاراً مشدداً على مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور منذ ثلاث شهور، ويمنع إدخال المواد الغذائية والتموينية. وأشار أبو محمد إلى أن الحصار لا يؤثر على قوات النظام في المدينة، كونها تمتلك خط إمداد جوي من مطار دير الزور العسكري، الذي يمدها بالأسلحة والذخائر والمواد الغذائية. في حين يعاني المواطنون من هذا الحصار، من شح المواد الغذائية، وغلاء أسعار المواد التي ينجح بعض المهربين في إدخالها عبر نهر الفرات. بينما تشهد الجبهات بين الطرفين اشتباكات متقطعة، ونادراً ما يُقدم أي طرف على اقتحام مناطق الطرف الآخر. آخر المحاولات كانت من طرف النظام لاقتحام عدد من أحياء المدينة، ولم ينجح في ذلك.

وهناك تناغم كبير بين تنظيم الدولة والنظام السوري في مجالات عديدة بحلب، كونهما يتقابلان على خطوط جبهة طويلة تقدر بأكثر من 70 كيلومتراً؛ من إخترين بريف حلب الشمالي الشرقي، وحتى أثريا بريف حماة الشرقي جنوباً. ولا تسجل أي معارك حقيقية على تلك الجبهات، والتي تعد خطوط إمداد رئيسية للنظام إلى مدينة حلب وريفها. حيث تمر من خناصر ومعامل الدفاع في السفيرة جنوب شرقي حلب، وصولاً إلى المدينة الصناعية والشيخ نجار شمال شرقي حلب، والتي حولها النظام إلى قاعد عسكرية ضخمة، لانطلاق قواته باتجاه ريف حلب الشمالي.

وساعد التنظيم قوات النظام بإشغال المعارضة مع كل معركة كانت تبدأها؛ حيث شنّ التنظيم والنظام، معارك ضد المعارضة السورية المسلحة، في الوقت ذاته، في كل مرة تقدمت فيها قوات النظام إلى مناطق جديدة واستراتيجية. وآخر تلك العمليات المتزامنة، كانت عندما سيطرت قوات النظام على قرية سيفات وكتيبة حندرات شمالي حلب، حيث هاجم التنظيم، في ذات الوقت، هجوماً للوصول إلى مدينة مارع.

وفي السياق، أفاد نشطاء، قبل أيام، عن مشاهدتهم رتلاً ضخماً من سيارات الدفع الرباعي التابعة لتنظيم الدولة، مزودة برشاشات ثقيلة ومحملة بمقاتلي التنظيم، مرّ ضمن مناطق سيطرة النظام بين بلدة أثريا بريف حماة الشرقي، وبلدة خناصر بريف حلب الجنوبي، وقادماً من ريف حلب متجهاً نحو جنوب سوريا.

وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها أرتال التنظيم إلى مناطق النظام، حيّث مرّ رتل مؤلف من أكثر من خمسين آلية محملة بمقاتلي لواء داود، في تموز/يوليو 2014، والذي انشق عن المعارضة السورية وتوجه لمبايعة التنظيم في الرقة، ومنها إلى جبهات قتال ضد المعارضة بريف حلب الشمالي. قوات النظام سمحت للرتل بالمرور في مناطقها، رغم قدرتها على استهدافه، لكنها لم تفعل. وذلك لإشغال قوات المعارضة وإضعاف دفاعاتها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها