الأحد 2015/11/22

آخر تحديث: 17:29 (بيروت)

إذن سفر من "والي منبج"

الأحد 2015/11/22
إذن سفر من "والي منبج"
لا تجوز مغادرة "أرض الخلافة" إلا بتصريح شخصي من "والي القطاع"
increase حجم الخط decrease
لم يكن محمد يدرك أن حياة شقيقه، ابن الـ39 عاماً مهددة بالخطر، ولم يتصور أن إصابته بتصلب الشرايين، لا علاج لها في مناطق سيطرة تنظيم "الدولة"، وأنه يتوجب عليهما السفر خارج حدود "الدولة الإسلامية" للحصول على علاج. ولكن الخروج من مناطق "داعش" يتطلب الحصول على ورقة "إذن سفر" من "الوالي".

الأمراض الحساسة، ومنها تصلب شرايين القلب وانسدادها، لا يتوفر علاجها في مناطق سيطرة التنظيم، فهي بحاجة لأطباء متخصصين وأجهزة حديثة وإمكانيات محصورة بعلاج عناصر التنظيم وقياداته، وليس للعامة من الناس.

فنصح أحد الأطباء المتواجدين في مناطق التنظيم، المريض، بالسفر إلى تركيا، لإجراء عمل جراحي بأسرع وقت ممكن، وأكد له أن تأمين الدواء لا يقل صعوبة عن تأمين العلاج لمرضى تصلب الشرايين.

ولكن لا تجوز مغادرة "أرض الخلافة" إلا بتصريح شخصي من "والي القطاع"، وهذا قرار صدر مؤخراً لمنع الشباب من الرحيل عن مناطق التنظيم، بغرض تجنيدهم للقتال في صفوفه.

تقدم محمد بطلب لـ"والي" اخترين، في ريف حلب الشرقي، للسماح له بإخراج أخيه بغرض العلاج. يقول محمد: "ذهبت إلى المركز الطبي الذي في اخترين وطلبت إذن السفر، فقال لي الممرض إنه يتوجب علي العودة غداً لرؤية الطبيب، الذي انتهى وقت عمله. ورغم أني اخبرته بحالة اخي السيئة، لكني لم أجد أذناً صاغية". اضطر محمد للانتظار، حتى اليوم التالي، فلم يحضر الطبيب (خليجي الجنسية) حتى الظهيرة. وعلى الرغم من ذلك، فقد اتضح أنه لا يملك صلاحية تؤهله لطلب إذن بالسفر. فتوجب على محمد وأخيه، الرحيل نحو مدينة منبج، الواقعة تحت سيطرة التنظيم، في ريف حلب الشرقي.

ومدينة منبج هي مركز قيادة "ولاية حلب" في "دولة الخلافة"، وفيها "والي الولاية"، وفيها كافة القيادات الأمنية والعسكرية والمدنية والطبية لمناطق سيطرة التنظيم في محافظة حلب. ويهدف التنظيم إلى أن تكون قرارات الخروج من مناطق "الخلافة"، محصورة بيد القيادات في منبج. ولم تعطَ صلاحية لأية منطقة، باصدار "اذونات خروج المواطنين"، خوفاً من تزوير الأوراق. الأمر الذي قد يتسبب في هروب حاد للشباب من مناطق التنظيم. وهذا أمر كان قد حصل مع مدير "المشفى الوطني" في مدينة الرقة، والذي قام بتزوير أوراق السماح بالخروج من مناطق التنظيم. وقبل انكشاف أمره، هرب إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية المسلحة، بعد التنسيق معها.

الطريق إلى منبج كانت طويلة، وتأخر محمد الذي سافر لوحده، ووصل في نهاية يوم العمل الرسمي. وقيل له، أن ينتظر حتى اليوم التالي، حين جاء الطبيب المسؤول، الذي "طلب مني أن احضر أخي كي يقوم بمعاينته، فمن الممكن أن أكون كاذباً".

عاد محمد إلى اخترين، مرة أخرى، ليحضر أخاه، بسيارة خاصة. ومرة أخرى، لم يتمكنا من لقاء الطبيب المخصص لاعطاء أذونات السفر، في منبج. واضطرا للبقاء في المستوصف، حتى اليوم التالي.

في اليوم الثالث، جاء الطبيب، وأعطاهم بعد فحص المريض، إذن السفر. لكنه طلب منهما تصدقيه من قيادة الولاية. وهو الأمر الذي لم يستغرق كثيراً من الوقت.

محمد وأخوه المريض إستقلا سيارة أجرة خاصة، للذهاب مباشرة إلى معبر باب السلامة، الحدودي مع تركيا. كان يتوجب إدخال المريض للمستشفى بأسرع وقت، نتيجة حالته الإسعافية.

خلال الطريق إلى المعبر، راودت محمد أفكار مقلقة، عن كيفية الدخول إلى تركيا، وتكاليف المستشفى والعلاج هناك. يقول محمد: "سرعان ما أمسك أخي بيدي، وحاول أن يتحدث معي، لكنه فارق الحياة، وهو ينظر إلى عيني، قبل أن نصل إلى اخترين في الطريق إلى المعبر الحدودي".

يقول محمد: "الموافقة على إذن السفر، استغرقت ثلاثة أيام، كانت كافيةً لإنهاء حياة أخي، الذي ترك خلفه عائلة وثلاثة أطفال".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها