الإثنين 2015/01/26

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

صدفة في موسكو :المنتدى السوري..بجوار اللقاء الروسي الاسرائيلي

الإثنين 2015/01/26
صدفة في موسكو :المنتدى السوري..بجوار اللقاء الروسي الاسرائيلي
تشكل المفارقة الجديرة بالاهتمام استضافة قاعات قصر الضيافة التابع للخارجية الروسية لقاء المعارضة ولقاءاً بين لافروف وليبرمان
increase حجم الخط decrease

بعد مرور عام وبضعة أيام، ينتقل المشهد السوري من دوائر اللقاءات في جنيف 2، ليتكون مرة جديدة وبشكل مختلف، ولكن هذه المرة في العاصمة الروسية، التي اختتمت تحركاتها لعقد لقاء يجمع بين أطياف السوريين وليكون محاولة لإنتاج ما تسميه موسكو "خطة التسوية السلمية" للأزمة السورية، من دون إدراك الهدف المباشر في الوقت الحالي لغاية روسيا التي تضطلع في عدة أزمات حول العالم أبرزها الأزمة الأوكرانية، والتي أدخلت موسكو في صراع مفتوح مع الغرب.

مؤتمر موسكو حمل صيغة مختلفة للقاء الذي يندرج تحت مسمى "منتدى"، إذ إن شكل الاجتماعات وحجم التمثيل المشارك للهيئات والأحزاب والشخصيات فيه لا يسمح بتخطيه هذا المستوى، بين وفد النظام السوري المشارك والمتضمن مستشار وزير الخارجية والمغتربين أحمد عرنوس، ومجموعة من المحامين كأحمد كزبري، ومحمد خير عكام، مع موظفين من وزارة الخارجية وسفير النظام السوري لدى روسيا رياض حداد، ويتقدم الوفد مندوب النظام لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، والذي كان رئيساً لوفد النظام في مفاوضات جنيف، أما من جانب المعارضة السورية فقد تمثلت ببعض الهيئات التي تتقدمها هيئة التنسيق الوطني السوري من دون رئيسها حسن عبد العظيم الذي اشترط لحضوره مشاركة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وبغياب الائتلاف السوري المعارض العنصر الأكبر في هيئات المعارضة.


وتشكل المفارقة الجديرة بالاهتمام استضافة قاعات قصر الضيافة التابع للخارجية الروسية، الاثنين، اجتماعين، أحدهما اجتماعات المعارضة السورية في أول نقطة على جدول أعمال "منتدى موسكو"، والقاعة الأخرى لقاء يجمع بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع ضيفه أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، الذي يبحث معه في السياق نفسه سبل الحل في سوريا، إلى جانب التسوية عموماً في الشرق الأوسط.


وبغياب التمثيل الرسمي الدولي، تكون روسيا الغائب الأول عن حلقات الحوار في "منتدى موسكو"، حيث أعلن فيتالي نعومكين، مدير معهد الاستشراق والمشرف العام للمنتدى، أن الاجتماعات ستعقد من دون أي ممثلين رسميين للإدارة الروسية، ما يجعل عدم مشاركة الولايات المتحدة والأمم المتحدة في اللقاء أمراً غير مستهجن.


أعمال المنتدى التي انطلقت في الحادية عشرة صباحاً، الاثنين، اقتصرت على جلسات أشبه بجلسات تعارف حسب البرنامج الذي وزعته الخارجية الروسية، لتستكمل الحوارات في اليوم الثاني بين أطياف المعارضة، وليكون ثالث أيام المنتدى، الأربعاء، هو يوم اللقاء بين ممثلي النظام السوري مع أطراف المعارضة السورية المشاركة، يليها كلمات لرئيس وفد النظام، بشار الجعفري، وللمعارضة السورية، التي لم يعلن بعد من المتحدث فيها، وما إذ كانت الكلمة هي الورقة المقدمة من اجتماع المعارضة في القاهرة، أم صيغة جديدة قد يتفق عليها المعارضون خلال الجلسات.


من دون رؤية واضحة حتى اللحظة، وعدم وجود حيثيات ملموسة للحوار، يبدأ "منتدى موسكو" ولا يعرف أين سينتهي، فموسكو لم تقدم نموذجاً مباشراً للخطة المرجوة، غير التزامها بشرط عدم وضع شروط مسبقة، أبرزها الحديث عن رحيل الأسد، إلى جانب المشهد الضبابي الذي تتسم فيه مشاركة المعارضة السورية، وبالتركيز على مبدأ "غير ملزم" الذي يحيط باللقاء ككل، حيث تبتعد الخطى هذه المرة عن سابقتها في "جنيف 2"، الذي رسمت ملامحه قبل عام على أساس محددات "جنيف 1"، والاتفاق الذي كان قد أبرم، فموسكو طرحت مؤتمرها ليكون بديلاً عن كل المحاولات السابقة لحل الملف السوري.


"هل تشرق الشمس من موسكو" ؟؟ سؤالٌ لم تتم الإجابة عليه، خصوصاً أن صاحبه معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الأسبق، رفض الدعوة الروسية، متعللاً بأنه "بعد التشاور مع الإخوة في المجموعة التي نعمل من خلالها، قررنا الاعتذار عن عدم المشاركة بصفة شخصية أو معنوية، بسبب أن الظروف التي نعتقد بضرورة حصولها لإنجاح اللقاء لم تتوفر، كما أن ضرورة توقف قصف وقتل شعبنا لم نحصل على أي جواب عليه، ورغم أننا لا نمانع من أية مفاوضات سياسية لرفع المعاناة عن شعبنا، إلا أن ما ذكر عن اجتماعات لاحقة مع وفد من النظام، لا يمكن دون إطلاق سراح المعتقلين وخصوصاً من النساء والأطفال"، بينما وجد رئيس الائتلاف الجديد، خالد خوجة أنه "بحسب ما تدعو موسكو، المطلوب هو حوار مع النظام، وهذا غير وارد بالنسبة إلينا"، مضيفاً "لا يمكن الجلوس مع النظام إلى طاولة واحدة سوى في إطار عملية تفاوضية تحقق انتقالاً سلمياً للسلطة وتشكيلاً لهيئة انتقالية بصلاحيات كاملة".


أربعة أعوام منذ اندلاع الثورة في سوريا، وتطور الأحداث الدموية يوماً بعد يوم، والإدارة الروسية حافظت على حرصها على الحليف المتمثل بالنظام السوري وعلى رغباته، بينما لم تحرص المعارضة السورية على استغلال كل إمكانية لإيجاد سبل للحل كما يعتقد البعض، وبانطلاق المؤتمر الجديد، "منتدى موسكو"، تنطلق تزامناً موجة تشاؤمية للمشهد السوري، لن تتغير إلا بإعادة قراءة المواقف جيداً من جميع الأطراف المهتمة بإيجاد الحلول فعلاً. أمّا مَن تفاءَل بلقاء تستضيفه روسيا، التي يعدها الكثيرون لاعباً مباشراً في الملف السوري، فعليه أيضاً استعادة مشهد العام الماضي في جنيف، ليكون لسان حاله يقول "من جنيف إلى موسكو .. ويا قلب لا تحزن".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها