الجمعة 2014/03/21

آخر تحديث: 07:34 (بيروت)

القرم: أسرع احتلال وانفصال وانضمام في التاريخ

الجمعة 2014/03/21
القرم: أسرع احتلال وانفصال وانضمام في التاريخ
الرئيس فلاديمير بوتين يصادق على قرار ضم القرم (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
بعد أن تلقت القيادة الروسية خسارة فادحة في السقوط المدوي لنظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في أوكرانيا، حاولت جاهدة أن تمضي بسرعة فائقة، لحماية أسطولها العسكري في شبه جزيرة القرم في جنوب شرق كييف، واستباق الخطر الذي يمكن أن تشكله السلطات الأوكرانية الجديدة عليه، لتقوم موسكو بمجموعة خطوات متعاقبة في زمن قصير للغاية أنجزت فيها قضم قطعة من الجارة المتأزمة، ولتطغى مصالحها الجيوسياسية في المنطقة بالحفاظ على المجال الحيوي للفضاء السوفييتي السابق، وليدخل المجتمع الدولي في مأزق حقيقي بين ضرورة محاسبة روسيا على ممارستها في الأجزاء الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وبين أزمات قد تنتجها العقوبات الاقتصادية بشكل خاص والتوترات التي تشهدها المنطقة.
 
انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا الاتحادية مرّ ضمن سلسلة إجراءات سريعة بدأت منذ أسابيع قليلة مضت، باحتلال مسلحين - تم نسبهم للقوات العسكرية الروسية- لمباني الحكومة والبرلمان في الإقليم ذاتي الحكم، وتعيين حكومة جديدة برئاسة سيرغي أكسينيوف، المليادير الروسي، وبرلمان برئاسة فلاديمير قسطنطينوف، و تعيين رئيس للمكتب التنفيذي لمدينة سيفاستوبول، العمدة أليكسي تشالي، المرتبطين بالكرملين، ومن ثم إعلان المجلس الأعلى للقرم (البرلمان) لتقريب موعد الإستفتاء على الانضمام لروسيا أو البقاء في أوكرانيا، ثم إصدار بيان الاستقلال عن أوكرانيا، واعتراف موسكو بالقرم كدولة مستقلة ذات سيادة.
 
مجلس الدوما الروسي (النواب)، صادق على الانضمام، بتصويت 455 نائباً، لصالح الانضمام وامتناع واحد، وتصويت 155 سيناتوراً في المجلس الاتحادي الروسي (الشيوخ) من أصل 170 عضواً، لتختتم مسيرة العملية الإجرائية التي وضعتها موسكو بتوقيع الرئيس بوتين يوم الجمعة على قانون ضم "جمهورية" القرم ومدينة سيفاستوبول باعتبارهما وحدتين إداريتين جديدتين تتمتعان بوضع خاص ضمن الاتحاد الروسي.
 
وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، أكد في اتصال مع نظيره الأميركي جون كيري "أن لا عودة عن قرار إعادة توحيد القرم مع روسيا". واتهم بعض القوى الأوكرانية بتوجيه العنف ضد رجال أعمال وصحافيين ومعارضين وناطقين باللغة الروسية ومواطنين روس، وكان لافروف أيضاً قد شدد في أحدث تصريحاته على ضرورة احترام "خيار" سكان القرم في حقهم بتقرير المصير، وأشار إلى حقوق المواطنين الروس في أوكرانيا، لافتاً الى أن موسكو ستدافع عن مصالحهم بالسبل السياسية والدبلوماسية، وهي إشارة اعتبرت الأولى من نوعها التي تنفي نوايا روسيا بتحرك عسكري ضد كييف.
 
وتلاقى هذا مع تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي استبعد أن تدخل الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مع روسيا، مع تأكيد منه بأن التحرك الدبلوماسي هو الذي سيصل إلى نتائج مرضية، قائلاً في مقابلة تلفزيونية "لن نزج بأنفسنا في نزهة عسكرية في أوكرانيا، ولسنا في حاجة إلى إثارة حرب فعلية مع روسيا".
 
ووجهت موسكو رداً على العقوبات الأمريكية التي أعلن مؤخراً عن توسيعها، فقد أعلنت الخارجية الروسية في الساعات الماضية عن فرض عقوبات على قائمة من المسؤولين الأمريكيين، تضمنت مساعدين للرئيس الأميركي ورئيس الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، إضافة لرئيس مجلس الكونغرس مع عدد من النواب الأمريكيين، وقالت في بيانٍ أصدرته "يجب ألا يشك أحد في أننا سنرد بالمثل على كل تحرك عدائي". 
 
وفي سياق آخر، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أسفها لإعلان الجانب الأوكراني نيته فرض نظام التأشيرات في العلاقات مع روسيا، مع تنويه بأن موسكو لم تتلق بعد إبلاغاً رسمياً بهذا الشأن من كييف، معتبرة أنها "ستؤدي إلى تعقيدات كبيرة في التواصل بين ملايين المواطنين الروس والأوكرانيين، إضافة إلى انعكاسها السلبي على العلاقات بين البلدين على مستوياتها الحدودية والإقليمية والإنسانية".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدولتين قد وقعتا اتفاقيتين حكوميتين في عامي 1997 و 2004 حول عدم وجوب طلب التأشيرة لعبور الحدود بينهما.
 
العناوين السابقة كلها تعني أن مخاطر الحرب العسكرية قد تضاءلت، بعد حسم موسكو للمعركة عسكرياً وسياسياً في القرم، إلا أن الحرب الدائرة على المستويات السياسية الدبلوماسية والاقتصادية، ما زالت في بدايتها.
 
increase حجم الخط decrease