الخميس 2014/03/27

آخر تحديث: 04:29 (بيروت)

معركة الساحل.. شيشاني خطط وقاد المعركة

الخميس 2014/03/27
معركة الساحل.. شيشاني خطط وقاد المعركة
قائد جنود الشام مسلم الشيشاني ونائبه أبو تراب الشيشاني على مرصد 45
increase حجم الخط decrease
ما تزال معركة الساحل، أو معركة "الأنفال" كما أطلقت عليها الكتائب والفصائل المشاركة فيها، الشغل الشاغل للسوريين. المعركة حساسة جداً، وتحتمل أوجهاً عديدة، إذ يرى بعض المحللين أنها تأتي كخطوة في مواجهة مشروع النظام في التقسيم، أو "الدولة العلوية"، والبعض الآخر لا يرى منها سوى عقابٍ تركي للنظام السوري، بنقل المعركة إلى عقر داره، بعدما وصلت تهديداته إلى تركيا.

لكن، وبعيداً عن ذلك، لا أحد يسأل السؤال الأهم، كيف وصلت الكتائب وتقدمت كل هذه المسافات؟
تطلبت معركة "الأنفال" من الكتائب والفصائل المشاركة، "أنصار الشام، أحرار الشام، شام الإسلام، جبهة النصرة"، استخدام استراتيجيات جديدة لم تكن بحاجة لها من قبل، فالطبيعة الجبلية لمنطقة الساحل السوري تعطي الأولوية في التقدم لمن يتمكن من السيطرة على المراصد، وقمم الجبال التي تشرف على الطرقات القليلة، التي يمكن التحرك من خلالها بين الجبال الشاهقة.
 
وعلى هذا الأساس، قام النظام السوري بالحفاظ على السيطرة التامة على مناطق الساحل السوري طوال السنوات الثلاث الماضية، من خلال نشره لمراصد جبلية تتحكم بجميع الطرق الموصلة لقرى وبلدات ومدن الساحل السوري، حيث أن قوات النظام قامت برسم ما يشبه سوراً ضخماً على طول سلسة الجبال الساحلية من خلال وضع مراصد على قمم هذه الجبال.
 
في المنطقة المقابلة لجبل التركمان شمالاً، الذي تسيطر عليه قوات المعارضة منذ صيف العام قبل الماضي، قام جيش النظام بوضع سلسلة من المراصد لحماية المناطق التي تشكل الحاضن الشعبي له، فنشر المراصد من قمة كسب شمالاً، مروراً بمرصد الـ45 ومرصد جبل معاف ومرصد زنزف ومرصد الزيتونة، وصولاً إلى مرصد خربة السولاس.
 
كذلك، عمد النظام إلى اتباع طريقة المراصد ذاتها، في المنطقة المحيطة بجبل الأكراد، حيث قام بنشر مجموعة مراصد تمتد من بلدات انتباتة وبارودة وتلا، وصولا إلى قمة النبي يونس، التي تعد النقطة الاستراتيجية الأهم والأعلى في الساحل السوري، حيث تبعد 8 كيلو مترات فقط، عن مدينة القرداحة، مسقط رأس الرئيس السوري، بشار الأسد، وتشرف على مدن اللاذقية، والحفة وجبلة وريفها، الذي يعتبر الخزان البشري الأضخم لدعم النظام.
 
الفصائل المسلحة، كانت تعي تماماً أهمية هذه المراصد، حيث استغرق الاستطلاع والتحضير للمعركة الحالية، ما يناهز السنة الكاملة، بحسب ما يذكر أبو أحمد الجبلاوي، أحد قادة كتائب "أنصار الشام" التابعة لـ"لجبهة الاسلامية".
 
أول المراصد التي سقطت في أيدي الفصائل، كان مرصد الـ45 الواقع جنوب كسب، في خطة وضعتها كتائب "جنود الشام"، وقادها متزعم المجموعة، مسلم الشيشاني، الذي كان أحد رفاق قائد المقاومة الشيشانية ضد الروس، خطاب الشيشاني، الأمر الذي أعطاه خبرة كبيرة في حرب الجبال، ووضع خطة الهجوم بعدما أشرف على عمليات استطلاع في المنطقة بنفسه، رافقه فيها مساعده أبو تراب الشيشاني.
 
تمثلت الخطة، حسب ما ذكرت مصادر لـ"المدن" بصعود المقاتلين من دفعة الاقتحام الأولى، راجلين مشياً على الأقدام، إلى سفح الجبل، للاشتباك مع قوات النظام، بحيث تظن أنها تصد هجوماً عادياً مثلما اعتادت، ثم تتسلل مصفحة "بي أم بي" مفخخة "مرفوع عليها العلم السوري" من بين قوات النظام، وتقوم بالرمي تجاه القوة المهاجمة، إلى أن تتمكن من الوصول إلى النقطة المقرر انفجارها فيها، ثم يتقدم المقاتلون وسياراتهم المزودة بالرشاشات الثقيلة، ويقضوا على ما تبقى من مقاومة من عناصر النظام ويسيطروا على المرصد.
 
طوال الفترة الماضية كان الشيشانيون من قادة كتائب "جنود الشام" التابعة لـ"أنصار الشام" يقومون بحراسة المحاور ونقاط التماس، دون أن يتدخلوا في الصراعات التي نشبت بين مختلف فصائل المعارضة من جهة، وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" من جهة ثانية، حيث أنهم لم ينتسبوا إلى التنظيم ولم يتعاملوا معه، كما أنهم لم يقاتلوا ضده في نفس الوقت، وانتظروا خروج التنظيم من قرية عطيرة، التي تشكل الممر الوحيد نحو كسب، كخطوة أولى في عمليتهم، التي أعدوا لها طويلاً من خلال استطلاع الممرات الجبلية والمنحدرات، ورسم خطط التقدم والإقتحام والانسحاب، والممرات البديلة.
 
وبعد سيطرة الفصائل على مرصد الـ45، أصبح بإمكانها التقدم أكثر لمحاولة السيطرة على بلدة قسطل معاف، التي تشهد أقوى المواجهات مع النظام.
 
السيطرة على بلدة قسطل معاف، تعني بشكل أو بآخر، وضع بلدتي البسيط والبدروسية، في صندوق مفتوح، تشكل الفصائل المعارضة ضلعين من أضلاعه، ويشكل البحر ضلعه الثالث، لتصبح مراصد جبل معاف وزنزف والزيتونة، تحت مرمى نيرانها، ومن ثم الدخول في عمق ريف اللاذقية والوصول إلى مدينتي اللاذقية وجبلة في مرحلة لاحقة. 
increase حجم الخط decrease