الخميس 2014/03/13

آخر تحديث: 07:18 (بيروت)

أوكرانيا: لعبة بين روسيا والغرب

الخميس 2014/03/13
أوكرانيا: لعبة بين روسيا والغرب
لقاء مرتقب بين كيري ولافروف الجمعة في لندن (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
موجة من التحذيرات والتهديدات تطلقها الولايات المتحدة الأمريكية مع دول أوروبية ضد الممارسات الروسية الدائرة في شبه جزيرة القرم، وإسقاط الشرعية عن الاستفتاء المزمع إجراؤه في السادس عشر من آذار الحالي، والذي يدور حول انضمام الإقليم لروسيا، بعد أن أعلن برلمان القرم الاستقلال عن أوكرانيا، بينما ذكرت تصريحات بعض نوابه أن أكثر من 80 في المئة من سكان القرم يؤيدون الانضمام لروسيا، وهي النسبة التي لم يعرف كيف تم إحصاؤها.

أميركا والدول الأوروبية، تمارس لعبة الشد والرخي في وجه روسيا، وتجلت صورة تلك اللعبة في تصريحات لعدد من المسؤولين الأوروبيين عن عقوبات متوقعة خلال هذا الأسبوع، في حال لم تستجب موسكو للعملية السياسية وللحل الدبلوماسي للأزمة. أبرز تلك التصريحات، صدرت عن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي لم يلبث بعد أن أعلن ما سبق، على إجراء اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ليستكمل الحوار معه وكأن شيئاً لم يكن، وهو الأمر ذاته الذي تكرر مرات عديدة مع الكثير من الأطراف.

من جهته، لم يتأخر البيت الأبيض بالإدلاء بتصريحات نارية، والإعلان عن قرارات لم تعرف ماهيتها الحقيقية حتى اللحظة، حول العقاب الذي ستجنيه روسيا، بعد التدخل العسكري في أوكرانيا، إلا أن الاتصالات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توالت، وطالت في الحديث عن أوكرانيا، يضاف إليها الاتصالات والمحادثات التي أصبحت شبه يومية بين لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري، برغم كل التجاذبات بين الطرفين التي أنذرت البعض ببدء حرب باردة أو بالتجهيز لحرب كونية، إلا أن الأطراف جميعها لم تفتأ تتحدث عن ضرورة مواصلة الحوار، وتبادل المقترحات، في انتظار لقاء مرتقب، الجمعة، تستضيفه العاصمة البريطانية وكشف عنه كيري قائلاً "الرئيس أوباما طلب مني المغادرة مساء غد والتوجه إلى لندن للقاء وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف يوم الجمعة وسأفعل ذلك."

وعلى صعيد آخر، تواصلت اتصالات المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بالرئيس بوتين خلال الأيام الماضية، فألمانيا التي تعد أكبر مستورد للغاز من روسيا، تبدو وكأن لديها رغبة بإمساك العصا من المنتصف، فهي تتبنى الموقف الأوروبي من جهة، ومن الجهة الأخرى تحاول أن لا تقطع سبل الود مع روسيا، حتى لا يؤدي ذلك لزعزعة وقودها في حالة "الطيش" الروسية التي يصعب التكهن بمسيرتها، ما عدا أنها ماضية في احتلال القرم واستكمال إجراءات الضم لتعطي مظهراً قانونياً يسمح بالتفاوض لاحقاً مع الغرب حول كييف.

الاتحاد الأوربي لوح بفرض قيود على السفر وتجميد أصول أشخاص وشركات روسيا تم تحميلهم مسؤولية انتهاك سيادة أوكرانيا، تشملهم قائمة لم يحسمها الاتحاد الأوروبي بعد، وهي تعد اول عقوبات تفرض على روسيا منذ الحرب الباردة، والتي قد تدخل حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة، حسب تصريحات المستشارة الألمانية، بعدما نفدت السبل وشعرت بالإحباط .

لذا فإن خطوط الاتصالات مع موسكو، متوازية مع تصريحات المسؤولين الغربيين حول فرض عقوبات على روسيا، التي باتت تخشى بالفعل من أي إجراء حقيقي في هذا الاتجاه، وخاصة أن الروبل الروسي بات يعاني من انحدار كبير أمام اليورو والدولار، مع انهيار أسهم السوق الروسية، عقب الحديث عن ضرورة محاسبة روسيا، وهو الأمر الذي بات يقلق الرأسماليين الكبار في روسيا من مغبة التورط في أوكرانيا، وإفشال المخططات التي كانت قد رسمتها بعض الشركات لعملها في الأسواق الأوروبية.

ويأتي على سبيل المثال ذكر عملاق الغاز الروسي شركة  "غازبروم" التي يطلق عليها البعض اسم "دولة الغاز" التي كانت تود أن تمتد من بيع الغاز الخام لأوروبا، للبيع بطريقة التجزئة وهو ما يعتقد بأنه فشل في ضوء الأحداث الأخيرة، وغيرها من الشركات التي كانت تتجهز وتتسلح باتفاقيات مع الدول الأوربية لدخول أسواقها، إلا أن السياسة التي تنتهجها القيادة الروسية في مواجهة الغرب باتت متصلبة ومتأخرة، ولا يمكن وصفها إلا بالتعنت والتحجر.

 موسكو تحاول خلق الآليات "الشكلية القانونية" لضم القرم، في الوقت الذي توجه اتهاماتها للسلطات الأوكرانية الجديدة، لتعطي مظهراً لاحقاً يدعي استناده للقانون الدولي، على غرار ممارستها حيال الثورة السورية ومواجهة الاحتجاج الشعبي بالتشكيك وباتهام أطراف خارجية بتمويل الإرهاب، كما حدث في إحد التحذيرات الأخيرة التي وجهتها موسكو لواشنطن من خطورة تمويل "المتطرفين" في كييف، وإعلانها الدائم عن انتهاكات تمارسها السلطات في كييف تجاه المواطنين.

وتتناقص الأيام في انتظار الاستفتاء الذي تنتظره موسكو بشوق أكبر من سيفاستوبول عاصمة القرم، لأن "استعادة" القرم ليكون أرضاً روسية من جديد، حسب المفهوم الروسي، أو "احتلال" القرم حسب المفهوم الغربي، سيُعطى أوراقَ ثبوتية تؤهله ليكون ملفاً تتناحر فيه مبادئ حقوق الإنسان، ومقررات القانون الدولي، مع حق الشعوب في تقرير مصيرها وهو ما تحاول موسكو تحويره لصالحها، وبين مواد الدستور الأوكراني والأعراف الدولية التي تمنع انفصال القرم عن أوكرانيا.

increase حجم الخط decrease