الإثنين 2014/01/06

آخر تحديث: 00:26 (بيروت)

حياد النصرة يوسع نفوذها

الإثنين 2014/01/06
حياد النصرة يوسع نفوذها
عناصر من داعش بايعت النصرة للحصول على الحماية
increase حجم الخط decrease
 مع اندلاع المواجهات بين كتائب الجيش الحر وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بدأت تتردد أنباء عن مشاركة مجموعات محلية تابعة لجبهة النصرة في الريف الغربي في حلب والريف الشمالي في إدلب في المواجهات ضد "داعش".

أهم شكل لمشاركة "النصرة" كان من خلال مجموعة كبيرة تابعة لها ساندت حركة أحرار الشام في محاولة اقتحام بلدة الدانا، معقل "الدولة" في إدلب، الجمعة الماضي، لكن المحاولة فشلت ونتج عنها وقوع عشرة قتلى في صفوف حركة أحرار الشام، وأربعة قتلى في صفوف جبهة النصرة.
 
كما تحدث ناشطون عن مشاركة مجموعات لجبهة النصرة في القتال ضد "داعش" في بلدات قبتان الجبل والسحارة ومدينة الأتارب بريف حلب الغربي، على مبدأ "الفزعة" العائلية الذي جيّش عموم الفصائل ضد "داعش" للدفاع عن المدن والبلدات ومنع اقتحام مقاتلي "داعش" لها.
 
ومع وقوع أعداد كبيرة من عناصر "الدولة" أسرى في قبضة الفصائل المسلحة، إلى جانب العشرات من القتلى، بدأ موقف جبهة النصرة بالاتضاح أكثر والجنوح نحو الحياد، على الرغم من علمها بمشاركة بعض مجموعاتها في القتال ضد "داعش"، إذ فضلت اتخاذ موقف الطرف الثالث بشكل كامل والنأي بالنفس عن القتال الدائر.
 
هذا الموقف كان في الحقيقة نتيجة متوقعة، نظراً للتقدم الكبير الذي حققته الفصائل المسلحة على الأرض، ولا سيّما أن الجميع يعلم، أن ما يجمع النصرة و"الدولة" أكثر مما يفرق بينهما، إذ يتبنى التنظيمان الفكر السلفي الجهادي الذي يعتبر تنظيم القاعدة أباً له.
 
ولكن، مع استشعار جبهة النصرة بتدهور الوضع الميداني لمقاتلي "داعش" ما يؤدي بطبيعة الحال إلى سيطرة الفصائل المقاتلة لها على مستودعاتها من الأسلحة، بدت وكأنها تتحول من الحياد إلى اتخاذ موقف الحامي لـ"داعش"، ويظهر ذلك من خلال قيامها باستقبال عناصر "الدولة" لمجرد طلبهم الاحتماء بها. ومعظم أولئك كانوا ممن يطلق عليهم اسم "المهاجرين" وهم من المقاتلين الأجانب الذي التحقوا في صفوف التنظيمات الجهادية.
 
وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول قائد كتيبة المداهمة في "لواء الأنصار" التابع للفرقة 19 وهي عماد جيش المجاهدين، أبو البراء، إن "انشقاق مقاتليهم (الدولة) والتحاقهم بجبهة النصرة أو أي فصيل آخر هو أمر يسعدنا لأنه يحقن دماءنا ودماءهم ونحن نثق بأن قيادة جبهة النصرة قادرة على استيعابهم وتوجيههم نحو قتال الأسد وحلفائه الإيرانيين، وهذا عهدنا بجبهة النصرة منذ اليوم الأول لوجودها في سوريا".
 
من جهة ثانية، يقول القيادي في لواء "أمجاد الإسلام"، محمد شاكردي، في حديث لـ"المدن"، إن مقاتلي "داعش" كانوا "يراوغون ويرفضون الاحتكام إلى شرع الله"، مشيراً إلى أنهم قبل أي عملية اقتحام لمراكز التنظيم كانوا يدعون عناصره إلى مغادرة المنطقة لكنهم كانوا يرفضون. وأضاف عند محاصرتهم "ندعوهم إلى تسليم أنفسهم وتأمينهم..، وعندما نصبح بينهم يقومون بفتح النار علينا".
ويؤكد شاكردي كلام أبو البراء قائلاً "كل من ينشق عن داعش ويلتحق بصفوف جبهة النصرة هو أخ لنا، وقتالنا بالأساس هو لطرد أمراء داعش من سوريا لأنهم حرفوا مسار الثورة وأدخلوها في مستنقع الاحتراب الداخلي"، ويضيف قائلاً "القضاء عليهم شرط لانتصار الثورة".
 
ولم يقتصر موقف جبهة النصرة الجديد على مجرد اتخاذ موقف الطرف الثالث واستقبال "المهاجرين" المنشقين عن "داعش"، إذ ترددت أنباء لدى الناشطين عن مهاجمتها لبعض المنتسبين للفصائل التي تقاتل "الدولة". كذلك يتناقل الناشطون معلومات تفيد بأن مقاتلي جبهة النصرة بثوا إشاعة تشير إلى أن مقاتلين من الفصائل قاموا بـ"سبي" نساء وأطفال المهاجرين المنتسبين لـ"داعش"، الأمر الذي ينفيه شاكردي قائلاً إن العناصر التي تم أسرها "يتم معاملتهم معاملة الأخوة وأنا مستعد أن أثبت لأي شخص هذا الكلام..، هناك عائلات إلى الآن من المهاجرين في الأتارب، هم في حمايتنا وهم أخوة لنا".
 
وتبرز المفارقة أنه في الوقت الذي اندلعت فيه المعارك مع "داعش"، استطاعت جبهة النصرة استقطاب فصيل كبير إلى صفّها وهو "جيش محمد"، الذي يعتبر المنافس الوحيد لـ"داعش" في منطقة أعزاز في ريف حلب الشمالي، وصار تحت حمايتها.
كما أصدرت بياناً شديد اللهجة، السبت، أعلنت فيه أن قائد الجيش، أحمد العبيد، بايع جبهة النصرة وبالتالي أصبحت الأموال والأسلحة التي يملكها ملكاً للجبهة، مهددة "الدولة" بحسب البيان، بأن أي اعتداء على "جيش محمد"، هو اعتداء على الجبهة.
 
لا يخفى على أحد مدى الفائدة التي حصلت عليها جبهة النصرة من الصراعات الدائمة بين مختلف فصائل الجيش الحر في ما بينها أو بينها وبين "داعش"، إذ كان الطرف الأضعف في الصراع ينضم إلى جبهة النصرة للحصول على الحماية الكاملة، بسبب الاحترام الذي تكنه الفصائل والناس لها جراء عدم تدخلها في شؤونهم. إلا أنها هذه المرة استطاعت الحفاظ على شعرة معاوية مع كل الأطراف، بحيث تبقى مقبولة لدى الجميع، في الوقت الذي تبسط فيه هيبتها وسلطتها بهدوء وذكاء.
increase حجم الخط decrease