ضغوط على وسائل الاعلام..والقصر الجمهوري لم يطلب وقف التغطية

نذير رضا

الثلاثاء 2019/10/22
التأكيد بأن دوائرالقصر الجمهوري لم تتصل بالمحطات التلفزيونية لوقف التغطية الاعلامية المستمرة للاحتجاجات التي تعم المناطق اللبنانية، لا ينفي واقعة ثانية، تتمثل في الضغوط التي تمارسها احزاب مشاركة في الحكومة، مرة عبر التهديد بالشارع، ومرة أخرى باتصالات تتم عن طريق صداقات مع اعلاميين لاتاحة المجال لتقديم وجهة النظر الاخرى، بحسب معلومات خاصة بـ"المدن". 

وانتشرت اليوم معلومات عبر  مجموعات "واتسآب" تتحدث عن أن دوائر القصر الجمهوري تتصل بأصحاب المحطات التلفزيونية لوقف التغطية المباشرة المستمرة للاحتجاجات في لبنان، وتحدثت عن ان "غالبية المحطات رفضت الامتثال". 

غير أن هذه المعلومات، ثبت أنها غير صحيحة. فقد نفت مصادر قصر بعبدا بشدة صحة هذه المعلومات، واضعة اياها في خانة "الشائعات". وجزمت لـ"المدن" بأن هذه الشائعات غير صحيحة جملة وتفصيلاً، مشددة على انه يستحيل ان يُطلب هكذا طلب. 

النفي، قابله نفي مماثل من محطات تلفزيونية لبنانية في اتصالات مع "المدن"، أكدت ان تلك الاتصالات المزعومة لم تحصل، ولم يطلب أي احد أبداً منها وقف التغطية المستمرة للاحتجاجات، وسط اصرار على مواصلة التغطية المباشرة لمواكبة الحدث الذي بات عالمياً. 
ولم تتوقف أي من المحطات اللبنانية، بما فيها قناة "او تي في" التابعة لـ"التيار الوطني الحر"، عن التغطية المباشرة المتواصلة، رغم أن بعضها يبث برامج "توك شو" سياسي يواكب الحدث، إلى جانب رسائل المراسلين المنتشرين في المناطق، وهو ما يثبت "ان لا اتصالات من هذا النوع للاحجام عن التغطية"، في اشارة الى ان هناك قنوات تلفزيونية تابعة للأحزاب أو قريبة منها، لم تتوقف عن التغطية. 

وكان بيان قناة "ام تي في" واضحاً لجهة نفي تلك التدخلات، من غير أن تنفي القناة ان هناك اتصالاً حصل بالفعل مع رئيس الجمهورية. إذ أكّد رئيس مجلس إدارة mtv ميشال المر أنّ الخبر الذي يتمّ تداوله عبر تطبيق "واتساب" عن اتصال رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون به يتضمّن الكثير من المغالطات. وشدّد المر على أنّ "الاتصال حصل فعلاً، وهو مرحّب به دوماً من رئيس الجمهوريّة، إلا أنّ التفاصيل الأخرى الواردة في الخبر إمّا مختلقة أو مبالغ فيها". 

ولفت المر الى أنّ "لا الرئيس عون يحاول أن يقمع الإعلام ولا mtv تقبل بأيّ تدخّل في سياستها وخياراتها، وهي تبدي احتراماً كبيراً لرئيس الجمهوريّة وموقع الرئاسة، كما تتمسّك دائماً وأبداً بالحريّات الإعلاميّة". 

وفيما تجمع جميع الاطراف على ان الاتصالات المزعومة لايقاف التغطية لم تحصل، لا تنفي الوقائع أن هناك ضغوطاً تتعرض بعض القنوات التلفزيونية من قبل أحزاب مشاركة في السلطة. وتتفاوت الضغوط بين مواجهات مع المناصرين، او منع التغطية في مواقع عديدة، أو عبر تحريض من قبل قوى سياسية على بعض القنوات واعتبارها تستهدفهم مباشرة. وتصل الى اتصالات غير مباشرة عبر اصدقاء "للفت نظرها الى تغطية وجهة النظر الاخرى"، تلك المتعلقة بآثار الاقفال المستمر على البلد اقتصادياً وأمنياً، في ظل الهواء المفتوح للمتظاهرين عبر مراسلين ثابتين يغطون لنحو 16 ساعة في كافة المناطق. 

وتدعو مصادر اعلامية الى الفصل بين أنواع الضغوط، وهي إذ تؤكد واقعة الصدام مع جمهور الاحزاب، وقضية التحريض العلني وعبر مجموعات "واتسآب" ضد بعض القنوات، لا تفسر الانواع الاخرى من الاتصالات على انها ضغوط، "في ظل تواصل سياسي بين الوزارات والمقرات الرئاسية الاساسية من جهة، ووسائل الاعلام من جهة أخرى"، وهي علاقة "لم تنقطع". 

ولا تخفي مصادر وزارية لـ"المدن" ان التواصل دائم ومستمر، وكان آخرها يتحدث عن كيف تساهم وسائل الاعلام في تهدئة الوضع، والتعاطي مع المجريات الاخيرة بشكل موضوعي ويحفظ المصلحة الوطنية، فضلاً عن ابراز الجانب المتعلق الاصلاحات التي اعلنتها الحكومة اللبنانية أخيراً يوم الاثنين الماضي والاجراءات التي اقرتها. 

وتعتبر دوائر سياسية إلى ان هذا الجانب لم يحظَ بتغطية وافية في وسائل الاعلام، ولم تتم الاضاءة على الجانب الايجابي منه، لكنها في الوقت نفسه لا تسمح لنفسها بالتدخل في التغطيات المفتوحة للناس للتعبير عن آرائهم، بوصفها "تأكيداً على حرية التعبير وحق التظاهر التي كفلها الدستور".

واثارت المعلومات عن ضغوط تمارس على الاعلام، مخاوف في لبنان من التأثير على حرية الاعلام، بعد قرار اقالة مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان من منصبها، وتعيين الزميل زياد حرفوش مكانها، وهي اعتبرت القرار "سياسياً". ويُضاف الى ملف "تلفزيون لبنان" الذي لم يغطِّ الاحتجاجات قبل أن يدخل فنانون اليه اليوم، مطالبين الشاشة الوطنية بنقل صوت الشعب. 

وفيما تحدثت وسائل اعلام عن ان الوكالة الوطنية تمتنع عن نشر أخبار الحراك بعد ظهر اليوم لمدة ساعة، تبين انها استأنفت بث الاخبار المرتبطة بالتحركات الاحتجاجية في كافة المناطق، وهي تصدر دورياً على موقع الوكالة، وتكثفت منذ المساء. 

وبموازاة الانباء عن محاولات السلطة التأثير على التغطية الاعلامية، صدر عن "إعلاميون عرب ضد العنف" بياناً أكدوا فيه "إننا نتابع ما تتعرض له وسائل الإعلام من ضغوط لمنعها من تأدية واجبها"، مجددين شجبهم للمضايقات المتكررة التي تواجه الإعلاميين الذين يغطون الأحداث ميدانياً".

وكرر "اعلاميون عرب ضد العنف" الطلب الى الأجهزة اللبنانية حمايتهم، أسوة بحماية حق التظاهر، ووضعوا هذه الانتهاكات برسم جميع الحريصين على حرية الإعلام في لبنان والعالم العربي، "لأن أي تعرض لإعلامي أو لوسيلة إعلامية هو استهداف للحرية الإعلامية والحريات العامة في كل زمان ومكان". 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024