الجمعة 2015/07/24

آخر تحديث: 14:13 (بيروت)

الحركة الكشفية في عكار: أزمة تطوع

الجمعة 2015/07/24
الحركة الكشفية في عكار: أزمة تطوع
أحوال الجمعيات الكشفية في عكار تغيرت مقارنة بالعهود السابقة (عامر عثمان)
increase حجم الخط decrease
تعد الحركة الكشفية، بما تجسده من طابع تطوعي غير سياسي وغير حزبي، مدخلاً لتنمية قدرات الشباب بدنياً وثقافياً، وبناء شخصياتهم المستقلة داخل مجتمعاتهم. وعليه، فهي تشكل مصدر جذب للشبان في المحافظات المهمشة خصوصاً. فما هو تاريخ العمل الكشفي في عكار؟ وما مدى مساهمته في تنمية قدرات الفئات العمرية الشابة؟ 


يعود تاريخ العمل الكشفي في عكار إلى العام 1964، وفق أحد أقدم الناشطين الكشفيين إلياس عبود. فقد كان "كشاف التربية الوطنية من أهم الجمعيات الكشفية وأكثرها نشاطاً. وتعد سنوات الستينات والسبعينات ذهبية في مسيرة فرق الكشافة في المحافظة". يروي عبود أن "كشاف التربية الوطنية، وهو أقدم الجمعيات الكشفية في عكار، إنتشر في مختلف القرى، بدءاً من ثانوية حلبا الرسمية، وصولاً الى قرى بزبينا، جبرايل، شدرا، ببنين، فنيدق وغيرها في السنوات الأولى لإنطلاقته. وفي حرب حزيران 1967 كان له دور كبير في دعم الشعوب العربية المتضررة. في تلك الفترة جمعنا نحو 8 آلاف و300 ليرة لبنانية كمساعدات للدول المتضررة، كما أمنا مساعدات كثيرة وحمّلناها بالشاحنات إلى الأردن. وكان للكشاف دور خلال الحرب الأهلية اللبنانية، فقد قمنا بواجباتنا تجاه أهالي القرى العكارية إلى جانب الدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني. شبه حينذاك الكشاف بالجيش الكشفي لما قدمه من مساعدات".

إلا أن الدور الإيجابي الذي برز من خلاله الكشاف سرعان ما غاب. فقد تراجع نشاط كشاف التربية الوطنية، وحدثت طفرة في أعداد الجمعيات الكشفية، حتى ثبت فيها المثل القائل "حركة بلا بركة". وبحسب عبود "في السابق لم يكن يمثل لبنان في البعثات الخارجية سوى الكشاف الرسمي، أي كشاف التربية الوطنية، بعكس ما هو حاصل حالياً. واليوم، فإن النشاط الكشفي في ركود، يسير بخطوات بطيئة نحو أهدافه ويكاد يفشل في تحقيقها".

بعد الحرب قل النشاط الكشفي في المحافظة، إلى أن عاد بزخم في العام 2005 مع إنطلاق "كشاف لبنان المستقبل" التابع لـ"تيار المستقبل". ويوضح مفوض الإعلام الكشفي في جمعية "كشاف المستقبل" زياد علوش لـ"المدن" أن "جمعية كشاف لبنان المستقبل تأسست في صيدا في العام 1986، وإنتشرت في المحافظات اللبنانية الخمس. وفي عكار، تتبع للمفوضية العامة في المحافظة ثلاث مناطق كشفية هي الجومة، القيطع والدريب". ويضيف: "إستطعنا في السنوات العشر الأخيرة جذب عدد كبير من الشبان وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة السائدة في عكار". وتشير قائدة منطقة حلبا في الكشاف نفسه، إيمان السيد، إلى أن "أهم ما في الكشاف غياب سن التقاعد، فمن هو كشفي اليوم يبقى كشفياً إلى الأبد. أنا تركت العمل الكشفي لنحو 5 سنوات بسبب سوء فهم اهلي للأمر، إلا أنني لم استطع التخلي عن الكشاف. والكشفي الناجح هو من يمارس المبادىء والتعاليم الكشفية في حياته اليومية". وتعتبر السيد انه "بالرغم من أن الكشاف سبيل لبناء علاقة ناضجة بين الشباب والفتيات من دون قيود أو حواجز بهدف بناء مجتمع متجانس ومتساوٍ، إلا ان إختلاط الجنسين يبرز كعائق أساسي في عكار، وهذا ما يفسر غالباً إرتفاع أعداد الكشفيين الذكور مقابل تدني أعداد الكشفيات الإناث. إذ يرفض عدد كبير من الأهالي إختلاط بناتهم مع شبان آخرين لاسيما عند إقامة المخيمات، لكننا نعمد إلى حل هذه المشكلة بالتواصل معهم، ودعوتهم للمشاركة في الأعمال الكشفية والتأكد من طبيعتها وأهدافها التربوية".

في المقابل، يتحدث كشفيون آخرون عن معوقات أخرى تخلّ بالمبادىء الكشفية. إذ يشير كشفيون مطلعون إلى أن "معظم الجمعيات الكشفية تابعة سياسياً لجهات محددة. وبالتالي، فإن معظم القادة المشرفين على الشباب الكشفيين يعتنقون رأياً سياسياً موحداً، وهذا له تأثيرات سلبية على سلوك الأفراد المتطوعين، لاسيما الصغار منهم". وقد جرت في عكار محاولة لإنشاء كشاف مستقل، عرف بإسم "كشاف الفارس"، لكنها فشلت.

من جهة أخرى، يرى قائد محافظة عكار في كشاف البيئة سركيس بو ضاهر أن "الجمعيات الكشفية تعاني من أزمة تطوع كبيرة، نتيجة دخول العنصر المادي، الذي يستخدم كعامل جذب للشباب الناشىء، لاسيما في منطقة مثل عكار، تندر فيها فرص العمل. اضف إلى ذلك، أن بعض الأهالي لا يدركون القيمة الحقيقية للعمل الكشفي، ويصفونه بأنه مضيعة للوقت، ولهو يأخذ الشباب بعيداً من دروسهم وإهتماماتهم الأخرى". أما عن كشاف البيئة، فيؤكد بو ضاهر أن "الجمعية تعمد إلى إنشاء أفواج في القرى العكارية بالتعاون مع البلديات. وغالباً ما تصب نشاطات هذه الأفواج التي تتألف من 90 شخصاً كمعدل وسطي، في خدمة القرى والمجتمع المحلي". ويضيف: "أُنشئ كشاف البيئة في العام 1998 وإنتشر في مختلف المحافظات اللبنانية، ونحن نعمل بشكل أساسي على التوعية في المجال البيئي".

يستقبل الكشاف أطفالاً من عمر 6 سنوات، يعرفون بـ"الجراميز" (ذكور) أو "المرشدات" (إناث). ثم في عمر الـ12 سنة ينتقلون إلى مرحلة الكشافة، ثم الجوالة، ثم القيادة. ووفق السيد "تعتمد جمعية كشاف المستقبل في تنفيذ أهدافها على سلسلة من النشاطات والبرامج وفقاً للمناهج المعتمدة، منها تنفيذ مشاريع تعود بالمنفعة العامة على الصعيد البلدي والمحلي، التعرف على المناطق والمواقع الجغرافية عبر تنظيم الرحلات، المشاركة في المناسبات الوطنية والأعياد الدينية والمهرجانات الكشفية والرياضية، المشاركة في الندوات والمؤتمرات، وغيرها. كما تنفرد التربية الكشفية باعتماد وسائل خاصة وإبداعية لتحقيق الأهداف وتنمية المهارات والمواهب المتميزة لدى الكشفيين حسب الفئات العمرية. وقد إكتشفنا لدى أحد الأطفال ميله وحبه الكبير للموسيقى، فعمدنا إلى تشجيعه على الإنتساب إلى معهد موسيقي، واليوم نعمل على تأسيس فرقة موسيقية للصغار" .

ومن مميزات الجمعيات الكشفية تركيزها على مشكلات الشباب، لذلك تعمد إلى جذبهم للتطوع فيها من خلال التواصل مع المؤسسات التعليمية (المدارس، المعاهد الفنية والطبية، الجامعات..)، الأندية الرياضية والاجتماعية، مراكز العبادة، أماكن تجمع الفتية (السهرات، المسيرات)، بالإضافة إلى دعوة الأهالي والفتية لحضور الأنشطة كسهرات النار والإحتفالات ذات الطابع الترفيهي كالمسرحيات والموسيقى.

ولكن وفق بو ضاهر "تعد هذه الفئة الكشفية الأقل إنضباطاً وتملصاً من المبادىء العامة للكشافة نظراً لأنهم لم يتدرجوا فيها منذ صغرهم". ويضيف: "نصادف في الكشاف حالات غريبة ومضحكة، مثل شاب يتطوع في العمل الكشفي كحجة لللاحاق بحبيبته، وآخر للهرب من مساعدة والده في الحقل". هكذا، يمكن القول إن "أحوال الجمعيات الكشفية تغيرت مقارنة بالعهود السابقة، اذ كان الإلتزام بتعاليمها وإحترام مبادئها وأسسها بادياً على معظم الكشفيين"، وفقه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها