السبت 2024/04/13

آخر تحديث: 10:45 (بيروت)

إلى "وزير العدل":إعتذر عمّا فعلت

السبت 2024/04/13
إلى "وزير العدل":إعتذر عمّا فعلت
نماذج من سلوكيات الوزير في كيفية صيانة هيبة القضاء (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

أرسل وزير العدل هنري خوري كتابًا إلى المجلس النيابي، منذ أيام، يبلغه فيه مقاطعة وزارة العدل حضور جلسات اللجان النيابية، طالبًا من النائب فراس حمدان الاعتذار من القاضية منى حنقير التي كانت ممثلة لوزارة العدل في اجتماع لجنة الإدارة والعدل.

لِمَ على نائب الشعب أن يعتذر عمّا فعل؟

لأنه قام بواجبه النيابي والحقوقي بمناقشة مشروع قانون صلاحيات المحكمة العسكرية، والتدخلات السياسية في عملها، ورفض حفظ ملفات ١٤ شابًا وشابة اقتلعت أعينهم أمام المجلس النيابي، وإقفال ملفات التعذيب والاختفاء لضحايا النظام القمعي في لبنان، وطالب باستقلالية السلطة القضائية عن السلطة السياسية؟.

وزير العدل اعتبر نقاش النائب فراس يمس بهيبة القضاة والعدل.

فلنتخذ وزير العدل نموذجًا لكيفية صيانة هيبة القضاء في لبنان :


١- اتهامات، تهجّم، وفصل :
- في ٧ أيلول ٢٠٢١، قام أهالي ضحايا تفجير ٤ آب بالتظاهر أمام منزل وزير العدل رفضًا لقراره تعيين قاض رديف في ملف تفجير المرفأ للبت بإخلاء سبيل الموقوفين في القضية. فصبّ الوزير غضبه على الأهالي عبر اتصال هاتفي على الإعلام، معبرًا عن عدم اضطراره مواساة أولاده جراء سماع صوت أهل الضحايا يتوسلونه العدل . كما حكم عليهم بأنهم مدفوعون قابضون ثمن الحضور إلى مكان إقامته والمطالبة بدماء أولادهم.

- في كانون الأول ٢٠٢٢ ساند وزير العدل القاضية سمر سواح بإصدار قرار "غير قانوني" بوقف القاضي شادي قردوحي عن العمل، انتقامًا منه لأنه قام بفضح رشاوى تتعلق بقضاة يستخدمون نفوذهم خدمة لبعض السياسيين في لبنان. إلا أن القاضي قردوحي رفض الخضوع وردّ بأنه يتحدى القضاة بكشف حساباتهم وحسابات عائلاتهم في البنوك.

- في ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٣،  خلال جلسة بين النائب وضاح الصادق ووزير العدل، واجهه النائب بالقول إن له صلاحيات بتحويل ادعاء أو توقيف المدعي العام التمييزي... وبأن قرارته سياسية... فقام رجال بالتهجم والاعتداء على النائب وضاح، وبات الجمع أشبه بعصابة شوارع،  في جلسة مع وزير العدل داخل مكتبه في قصر العدل، ولم يتم توقيف أي من المعتدين.


٢- كم أفواه قضاة ومحامين
- في نيسان ٢٠٢٣ أصدر وزير العدل تعميمين يمنعان القضاة من الظهور الإعلامي والإدلاء بأي تصريح من دون إذن مسبق.

رغم أن القضاة يتمتعون بالحرية وبمبدأ المساواة مع كافة المواطنين وفق المادة ٧ من الدستور، في حين موجب التحفظ يعني فقط ضمان حيادية القاضي في القضايا التي ينظر فيها لا في مواقفه من الشؤون المتعلقة باستقلالية القضاء بشكل عام.

وعليه، تم استدعاء الهيئة الإدارية لنادي قضاة لبنان للمثول أمام هيئة التفتيش القضائي في ٤ تشرين الأول ٢٠٢٣ بشكوى من وزير العدل على خلفية إطلالات إعلامية وإصدار بيانات تطالب باستقلالية القضاء... إلا أن نادي القضاة بقي متمسكًا بسلطة القانون.

- أما المحامون فقد لحق بهم ما لحق بالقضاة، على يد نقيب المحامين ناضر كسبار الذي أصدر تعميمًا بمنعهم من الظهور الإعلامي قبل إذن مسبق منه.


حرية مشروطة!
التقى "رجلا العدل" على الحدٍّ من حرية رجال القانون،  واعتبرا أن تعاميمهما أقوى من القانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية،  وسارا بها رغم الاعتراضات القانونية وشكاوى الطعن التي قدمت من نواب عدة.

وعليه تدخل النقيب كسبار بشكل مباشر لمنع المحامي نزار صاغية من إجراء مقابلة إعلامية،  إلا أن صاغية تمسك بحقه الذي يكفله الدستور وأجرى المقابلة، فاستدعي إلى مجلس نقابة المحامين للاستماع إليه وتهديده بسحب عضويته، لولا صموده ومناصرة الحقوقيين والناشطين له.

- في ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٣ تم توقيف ناشر موقع ليبانون ديبايت الصحافي ميشال قنبور أمام النيابية العامة التمييزية بشكوى من وزير العدل بسبب تحقيق صحفي نشر على الموقع،  ترك له الخيار: الاعتذار أو السجن. وكان للناشطين دورهم ضد عدم قانونية شكوى وزير العدل والتمسك بحق المثول أمام محكمة المطبوعات.



٣- قضاء على مين؟

في نيسان ٢٠٢٤ :

-  طالب القاضي زاهر حمادة إعادة محاكمة وتجريم الثائر عبدالله الحاج على خلفية دخوله البنك وأخذه ٤٠٠٠$ من وديعته لعلاج عينه التي فقئت أمام المجلس النيابي خلال ثورة ١٧ تشرين،  فتحوّل عبدالله من ثائر خسر عينه وماله إلى مطلوب للعدالة.

- استدعى المدعي العام الاستئنافي زاهر حمادة المحامين، علي عباس وواصف الحركة وبيار الجميل لملاحقتهم جزائيًّا بتهمة تحقير القضاء، حضر النائب المحامي والنقيب السابق للمحامين ملحم خلف مع ناشطين للتضامن مع المحامين في قصر العدل،  وإذ بالنائب يُعتدى عليه من قبل القوى الأمنية أمام قصر العدل. إلا أن وزير العدل لربما كان يلحظ تطبيق العدل عبر استجواب محامين قرروا أن يخوضوا معركة شعب لا زال يصرخ من تحت الركام، بدلًا من رفض المس بهيبة القانون أمام مدخل قصر العدل.

-  ولانتفاء العدالة وجه طلابي آخر،  إذ تم توقيف طالب جامعي كان قد أسس مع رفاقه "اتحاد طلابي عام" لأنه طالب باسترجاع الـ ٥٣ مليون دولار التي نهبت من طلاب الجامعة اللبنانية على متن شركة الميدل إيست، فجاء "العدل" بتوقيف الطالب خضر أنور بتهمة تأليف "مجموعة أشرار"،  فسكت القانون،  وسكت العدل،  وبات خضر سبعة أيام في السجن، ثم خرج، وبقي العدل مسجونًا خلف قضبان الوزير والقضاء، غير آبهين بالإثباتات التي تدين سرقة أموال طلاب الجامعة اللبنانية.

- نيسان الربيع بلا أعين، تمامًا كقرار القاضي زياد أبو حيدر الذي أصدر قرارًا تعسفيًّا بإغلاق الملف الذي يدين المنظومة باقتلاع أعين ١٤ شابًا وشابة خلال ثورة ١٧ تشرين، فسأل النائب حمدان عن تسييس القضاء، وجاء طلب وزير العدل هنري خوري من النائب فراس حمدان الاعتذار.

توجه النائب فراس ونواب آخرون بأسئلة إلى وزارة العدل، وحتى تاريخه، لم يجب عليها الوزير،  وهذا مخالف للأصول.

من شعب انتخب فراس حمدان وآخرين معه يملكون شجاعة مواجهة اللاعدل في لبنان.
نسألك يا وزير العدل: هل تعلم أن دور النائب لا يقف عند نقاش وزير في لجنة نيابية، بل على النائب مساءلة الوزير، وعلى الوزير أن يُجيب؟

أين هو صدور مرسوم تعيين رؤساء محاكم التمييز؟

أين هو مبدأ فصل السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية؟

أين هو ملف انتداب أكثر من ٧٠ قاضية وقاضيًا للعمل في المحاكم؟

أين هيبة القضاء من أحكام صادرة عن قضاة ولا يجرؤ أحد على تنفيذها؟

 أين دور وزير العدل من قضاة يرمون بأحكام مجلس شورى الدولة في سلة المهملات ( "القاضي" وزير التربية عباس الحلبي نموذجًا، عندما لم ينفذ حكم مجلس شورى الدولة بوقف قرار تعسفي بحقنا كأستاذة في التعليم الرسمي).

أين هي هيبة القضاة والقضاء والعدل عندما دُهس الشعب من سلطة مجرمة من دون توقيف أي مجرم ؟

كيف لمواطن مسالم أن يلجأ لقانون يقتص من رجاله باسم العدالة؟

أين هيبة الدولة ونحن بقايا شعب نعيش أمنًّا ذاتيًّا وتعليمًا ذاتيًّا وطبابة ذاتية... وما علينا سوى أن ندفع أرواحنا ضرائب لتكتمل جريمة حكام الدولة.

لكل جريمة أداة توقع بالقاتل، ونحن الأداة يا "معالي العدل"،  التي لن تؤكل كما أُكل الثور الأبيض.

لا، لن يعتذر النائب فراس حمدان عما فعل.

أنت يا "وزير العدل" عليك أن تعتذر عما فعلت.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها