الخميس 2015/06/25

آخر تحديث: 15:21 (بيروت)

رصاص "الزلم" القاتل

الخميس 2015/06/25
رصاص "الزلم" القاتل
مسلم: في أوقات كثيرة يتم إطلاق الرصاص من أماكن غير معروفة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
قُتل الطفل الفلسطيني- السوري منير حزينة، الأسبوع الماضي، برصاصة طائشة أصابته أثناء إطلاق للنار في تشييع. ولم تكن هذه الحادثة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، طالما ان هذه الظاهرة سائدة في المجتمع، في مناسبات الموت والزفاف و"الانتصارات". ففي كل مناسبة شعبية، مهما كانت، يحضر شبح الموت بأدواته: السلاح والرصاص.



مُطلق رصاص
داني (اسم مستعار) شاب في الثانية والعشرين من عمره. يعمل كسائق أجرة. وقد اعتاد على إطلاق النار في الأعراس كما أثناء خطبة الزعيم السياسي الذي يمثّله. وهو يرى في هذا الفعل وسيلةً للتعبير عن غبطته. لا يحبّذ استخدام المفرقعات النارية كبديل من الرصاص. بل يعتبر استخدامها شأناً خاصاً بالصغار. الرصاص "للزلم"، يُفاخر.

يخبرنا أنّه اعتاد على فكرة استخدام السلاح منذ الصغر، في محيطه الأسري والعشائري، الذي يعتبر ذاته جزءاً منه. يقول لـ"المدن": "أنتمي إلى إحدى العشائر اللبنانية، وفي عقيدة العشائر عُرف يوجب على كل عشيرة ان تمتلك على الأقل عشرة أسلحة".

وعند سؤاله اذا كان يخشى ان تُصيب رصاصاته "المُبتهجة" أحدهم، يؤكد انّه يطلق الرصاص "عن وعي"، وهو لا يؤيد إطلاقه عشوائياً. يشرح لـ"المدن" "أرمي الرصاص مصّوباً السلاح نحو السماء بعيداً عن وجود الاطفال أو التجمعات البشرية".


ضحية رصاص عشوائي
لا يُمحى تاريخ 31 آب 2013 من ذاكرة بيان بيبي. كانت تتمشّى وصديقتها رانيا في شارع الحمرا. تلقت صديقتها اتصالاً هاتفياً من والدتها تحذرها فيه من اطلاق رصاص ابتهاج عشوائي بسبب خطاب أحد الزعماء اللبنانيين. لكن بيان إعتقدت ان "بالحمرا ما بصير شي". راحت وصديقتها تضحكان على شقيقة رانيا التي ارتدت converse أحمر في زفافها. لحظتها صرخت بيان: "حجرة في ظهري". وشعرت كأنّ سلسلة ظهرها انقسمت نصفين. نظرت رانيا الى ظهرها. لا أثر لحجرة. بل دماء تسيل من كنزة بيان التي تمزّقت. تسرعان الى مستشفى "الجامعة الأميركية"، ويُشخص الطبيب الإصابة بأنها "رصاصة طائشة". تقول بيان لـ"المدن" انها تقبلت فكرة الموت، و"بدأت أفكر بوقع الخبر على أهلي".

تعافت بعد المكوث في الفراش لأشهر، وقد رافقها الألم. فأرادت تحويل الحادثة المؤلمة إلى طاقة ايجابية. تشرح انّها عزمت على تبسيط الأمور والحرص على عدم استثمار الحادثة سياسياً أو مذهبياً، كما فعل البعض. علّقت الرصاصة التي أصيبت بها في عنقها، كي تكون شهادة حياة وأمل.

وبيان لا تخفي الآثار النفسية التي تركتها "الرصاصة الطائشة" في نفسها. تقول: "عندما أسمع أصوات اطلاق رصاص أركض بسرعة واختبئ في أقرب مكان حتى تختفي أصوات الرصاص كلياّ. ما بدي وحدة تانية".

اليوم، تعمل بيان على إصلاح كنزتها التي كانت ترتديها في يوم الحادثة. والهدف هو ارتداؤها من جديد في الذكرى السنوية الثانية. وهي تستغل عملها كمصممة غرافيك وتواصل بصري لإطلاق حملة توعية ترفض ظاهرة "اطلاق الرصاص". إذ أن "مقتل منير حزينة سيشكل حافزاً أكبر لمحاربة هذه المسألة".

من جهته، يؤكد رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزف مسلم لـ"المدن" ان "ردع ظاهرة اطلاق الرصاص في المناسبات هي مهمّة المجتمع، الدين والتوعية الأخلاقيّة قبل ان تكون مهمة القانون". ويشرح ان "هذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع المدني، البلديات والعشاثر. أما تطبيق القانون فيأتي بعد ذلك. فعندما يصبح اطلاق النار قاعدة مكرسة كفعل بطولي في ذهن الفاعل، يتعذّر تطبيق القانون". ويضيف: "يمكننا السيطرة على شخص أو اثنين في حال تم التبليغ عن الفاعل. لكن في المقابل، كيف يمكن السيطرة على حي كامل يطلق الرصاص؟ خصوصاً انّه في أوقات كثيرة يتم إطلاق الرصاص من أماكن غير معروفة!".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها