الجمعة 2015/06/05

آخر تحديث: 12:18 (بيروت)

دليل موجز إلى شواطئ صور

الجمعة 2015/06/05
دليل موجز إلى شواطئ صور
يكاد يكون شاطئ "المباركة" المكان الوحيد الذي يحافظ على شيء من طبيعته (أحمد الطرابلسي)
increase حجم الخط decrease
لكل مدينة أو قرية سمة أو هوية تميزها عمّا يحيط بها. لكن للبحر في مدينة صور قصة أخرى. اذ يتجاوز كونه "سمة أو هوية" ليكون المدينة ذاتها. فلا يسعك ذكر اسمها الا ويخطر في بالك بحرها، المكان الأكثر جاذبية في المدينة، بروّاده الذين ليسوا جميعاً من سكان المدينة، اذ يتقاطر نحوه كل صيف الآلاف من اللبنانيين والسيّاح. ويمكن أن تسمى الشواطئ "بقاعاً بحرية"، فلكل شاطئ اسمه وروادّه وميّزاته.


الوجهة الأهم في صور هي الشاطئ الرملي المعروف بـ"شاطئ الخيَم البحرية". اذ تتوزع فيه نحو خمسين خيمة تقدَّم فيها المأكولات والمشروبات. ويتوافد إليه الآلاف أسبوعياً، للسباحة أو للإستمتاع بأشعة الشمس وممارسة رياضة ما. وإذا ما أردنا مقارنة أسعار الخيم ببعضها، فهي متقاربة بعض الشيء، إذ يتراوح مثلاً سعر غداءٍ لأربعة أشخاص بين ثمانين ومئة ألف ليرة. وفي الآونة الأخير بدأت البلدية بفرض بعض الشروط والأنظمة على الشاطئ، وهي تثير استياء كثيرين من زواره، وتحد نوعاً ما من خصوصية الجلوس في المكان. هكذا، فقد ترى شاباً يقترب من رجل مسن وزوجته مانعاً إياهما من وضع مظلة على الشاطئ بدون سبب، أو أن يُمنع شخص آخر من أن ينزّه كلبه قرب البحر، أو أن تمنع جلسة موسيقية بحجة أن استعمال الدربكة أو الطبلة أمر ممنوع.

بمحاذاة الخيم البحرية، شيدت "إستراحة صور". وهي مطعم وأوتيل ومسابح فخمة على الشاطئ، لكنها بالطبع ليست مفتوحة للجميع. عليك إذا أردت الدخول إليها دفع بدل مادي (15 أو 20 دولاراً) أو أن تستحصل على بطاقة اشتراك صيفية للدخول مقابل بدل مرتفع نسبياً، وهو المكان الوحيد في المدينة الذي يتطلب الدخول اليه دفع بدل. معظم رواده هم من الميسورين، إذ ترتفع فيه أسعار المأكولات والمشروبات. لكن الحدث المفارق هو امكانية الدخول إليه خلسة من داخل البحر، ولو أن الداخل "غير الشرعي" إليه لن يحصل على شيء منه، لكنه يرى في ما يفعله إنتصاراً على هذا الحيز المقتطع من البحر.

وبالقرب من هذه الإستراحة شاطئ رملي آخر، لا اسم له. سمته الخاصة والجاذبة أنه شاطئ شعبي، يرتاده المئات أسبوعياً. لا خيم ولا استراحات فيه. بل يجب على مرتاديه جلب أغراضهم معهم، ومظلة كبيرة. وفي أيام الآحاد يشكل الجالسون على شاطئه لوحة ملونة، مصغرة عن شاطئ ما في ريو دي جانيرو.

على المقلب الآخر للمدينة، تتوزع أربعة شواطئ أخرى متلاصقة بعض الشيء. ويعد "شاطئ الجمل" أحد أكثر البقاع البحرية جذباً للزوار في صور. وقد سميت المنطقة بالجمل لأن صخرة بحرية تتربع في البحر تشبه الجمل في لحظة جلوسه، غير أن هذا الجمل صار بلا رأس، بعد أن قُطع. تمتاز هذه المنطقة بتنوع استراحتها ومطاعمها البحرية. كما ان مياهها صافية، وتتعدد فيها أشكال الحياة البحرية، من أسماك وسلاحف معمّرة وكائنات بحرية أخرى.

"شاطئ الخراب"، هو شاطئ شعبي آخر يشبه إلى حد ما الشاطئ المحاذي لاستراحة صور، يقطعه في المنتصف ما يسمى "السنسول"، وهو أشبه بجسر صخري وباطوني يقف عليه الصيادون والسباحون استعداداً إما للإنغماس في الماء أو لسحب شيء من باطنه.

على حدود شاطئ الخراب هناك "الفنار". وهي عبارة عن منارة بحرية قديمة شيّد إلى جانبها منذ زمن بعيد فندقاً وبيتاً. في كتب التاريخ القديمة، كانت هذه المنطقة تسمى بالميناء الصوري وتعد أحد أبرز أماكن تمركز السفن الفينيقية قديماً. نسبياً، تعتبر أسعار المأكولات والمشروبات على هذا الشاطئ مرتفعة بعض الشيء، ومعظم روّاده هم من السياح والأجانب المقيمين في لبنان فضلاً عن الوافدين من بيروت.

يبقى الشاطئ الأخير والأجمل، ونقطة التأمل الوحيدة المتبقية في المدينة، وهو شاطئ "المباركة"، الذي يمكن الوصول إليه من داخل حارة صور القديمة. يكاد يكون هذا الشاطئ المكان الوحيد الذي يحافظ على شيء من طبيعته، وفيه تتمركز قلعة صور البحرية، المعلم التاريخي الأشهر في المدينة، بحجرها الرملي. كما لو أن هذا المكان هو المهرب الوحيد في بحر المدينة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب