الخميس 2018/04/26

آخر تحديث: 18:03 (بيروت)

لماذا لم تمدد الحكومة عقد بواخر الكهرباء؟

الخميس 2018/04/26
لماذا لم تمدد الحكومة عقد بواخر الكهرباء؟
هل يزداد تقنين الكهرباء؟ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
قفز مجلس الوزراء قفزة مرتفعة في سماء تأمين الكهرباء، متخطياً التناحر السياسي بشأن المشاريع الحالية، وتحديداً مشروعي بواخر الطاقة وتأهيل معمل دير عمار. إذ أقر في جلسة الخميس 26 نيسان، عدم تمديد العقد مع شركة كارادينيز التركية التي تملك باخرتي فاطمة غول وأورهان بيه الراسيتين على الشاطئ اللبناني، والتي ينتهي العقد معها في نهاية أيلول 2018.

ورفض المجلس استئجار بواخر جديدة، وكلّف وزيري المال علي حسن خليل والطاقة سيزار أبي خليل، التفاوض مع تحالف شركتي Primesouth الأميركية وKSCC الكويتية، اللتين تتعهدان معمل دير عمار. وذلك من أجل التوصل إلى إتفاق في شأنه قبل 20 أيار. وبالتوازي، طلب المجلس من أبي خليل العودة بتصور شامل يتعلق بالطاقة الإضافية المطلوبة.

خطوة الحكومة تعيد خلط أوراق مهمة في ملف الكهرباء، وفيها كثير من الغرابة. فهي، وإن أخذت الطابع الإصلاحي في الشكل، فإن مضمونها يعني المس بمشروع حيوي للتيار الوطني الحر، ومن خلفه تيار المستقبل. فما الذي دفع بالتيار البرتقالي إلى التخلي عن البواخر بعدما كانت بالنسبة إليه، مصلحة لبنان العليا في ما يتعلق بالكهرباء؟ ولماذا يرضى المستقبل بالتفاوض مع تحالف، وكيله سمير ضومط، الرجل المستقبلي النافذ؟ كما أن الحكومة كانت تتجه إلى استجرار باخرتين إضافيتين، وأقرت في العام 2017 ما سمّته "خطة إنقاذية". وكانت البواخر ستنقذ لبنان بنظر الحكومة، لو أن المدير العام لإدارة المناقصات جان العلية وافق على مخالَفة القانون وإجراء مناقصة مخالِفة تصب لمصلحة الشركة التركية وداعميها في لبنان، ولو أنه رضخ للضغوط التي مورست عليه من داخل الحكومة وخارجها.

خلط الأوراق يأتي في ظل عدم تأمين البديل. فساعات التغذية التي تؤمنها البواخر الحالية، لن تستطيع المعامل بظروفها الراهنة تأمينها، إلا إذا كان لدى الأطراف السياسية ما تخفيه، إذ إن مثل هذه القرارات لن تكون مجرد تضييق على التيّارين، وبموافقتهما. وهذه التساؤلات، تعيد إلى الأذهان مسألة استجرار الطاقة من سوريا، حتى وإن كانت ملامحها لم تتّضح بعد. وفي جميع الأحوال، فإن السلطة السياسية ستستفيد من قرارات الحكومة، فالتياران البرتقالي والأزرق، يظهران انفتاحهما على الحلول البديلة للبواخر، والأطراف الأخرى تظهر بصورة المنقذ، لأنها رفضت مشروع بواخر شائك. والفريقان يربحان في تسوية جديدة يتفقان عليها تباعاً. فأمام الجميع متسع من الوقت، داخل مجلس نيابي وحكومة جديدين قادرين على تحمّل وزر تسويات جديدة.

لكن، في حال كانت سوريا هي وجهة الحل، يبقى أمام الأطراف المتخاصمة، حل عقدة القوات اللبنانية، إذا ما أصرّت على موقفها الرافض للتعامل مع النظام السوري. وبالتوازي، على الحكومة حل معضلة القرض التركي المقدّم بموجب مؤتمر سيدر في باريس، والمشروط بتنفيذ لبنان مشاريع تتعهدها شركات تركية.

في المحصلة، مشروع البواخر سيُحال إلى التقاعد. وبالتأكيد لن يتنازل التيار العوني عن البواخر مجاناً. أما بالنسبة إلى المواطنين، ففي خضم التسلم والتسليم بين مشروع البواخر والمشروع الجديد المجهول المعالم حتى الآن، هناك فترة ضبابية، قد تطلب خلالها السلطة السياسية من جمهورها، تحمل ساعات تقنين إضافية، إلى حين اجتراح المعجزة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها