السبت 2018/03/17

آخر تحديث: 16:41 (بيروت)

تيمور جنبلاط.. ما بعد الاطلالة

السبت 2018/03/17
تيمور جنبلاط.. ما بعد الاطلالة
لا يمكن مقارنة الشاب تيمور جنبلاط بوالده أو بجدّه (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لم تكن إطلالة تيمور جنبلاط المنتظرة على قدر التوقعات. يحظى الشاب ببعض الكاريزما، لكنه يحتاج إلى تحسين توظيفها واستثمارها وتطويرها. العمل بين الجدران أو في الكواليس لا يخدم شخصية "الزعيم". فترة قليلة مرّت على تسلّم تيمور مقاليد المختارة وتقاليدها. وهذه الفترة أو التجربة غير كافية لتكوين شخصيته، وتجربته السياسية. أمام الشاب طريق طويلة، يحتاج خلالها إلى تعميد مسيرته "بالاحتكاكات، المناوشات، السجالات، سياسية كانت أم تشريعية". أخطاً الرجل حين أشار إلى أنه يدير بعض الأمور وشؤون الناس الحياتية والخدماتية، لكن القرار السياسي الأساسي يبقى لدى "الوالد".

قدّم تيمور نفسه شاباً يحاكي الشباب، وحاول التفلّت من التقاليد التي تفرضها الزعامة الجنبلاطية، لكنه في المضمون، أخطأ الترجمة. لا يمكن مقارنة الشاب بوالده أو بجدّه، تجربته لا تزال أصغر من فتية، والمقارنة ظالمة هنا. لكن، لا شك أن إطلالته الأولى استحوذت على انتقادات كثيرة، خصوصاً من فئة الشباب، الذين كانوا ينتظرون منه "عنفواناً أكثر" تصلّباً في المواقف، ومحاججات. لعلّه أطلق النار على رجله، حين قال إنه لو لم يكن سليل العائلة الجنبلاطية، وتلبية لرغبة والده، لما كان اختار المضمار السياسي طريقاً له. أفقدّت هذه العبارة الروح، من مضمون إطلالته.

لربما كان يقصد أن يقول، إنه لا يأتي إلى السياسة طمعاً بالمناصب أو المواقع. وبأنه مترفّع عنها، لكن مشيئة القدر وضعته في ما هو عليه. لكنه أخطأ التصويب، فافتقد إلى عامل جذب المشاهدين، بروحية ما يقول، أو بلغة الجسد. فبدا جامداً، بحرارة منخفضة، في تقديم الاجابات أو الطروحات. فيما المعروف عن أبناء المختارة ذهابهم البعيد في الاستثمار بالكاريزما والعنفوان. بالنتيجة، هم أبناء الجبل، وما يريدونه من زعمائهم هو تلك الخصال. وليس هدوء تيمور "الفرنسي" الذي كان يفضّل الابتعاد عن التفاصيل السياسية اليومية اللبنانية.

قد يقول أحدهم إن وليد جنبلاط يوم استلم "الزعامة" لم يكن كما هو اليوم، وأن التجربة هي التي علّمته. في هذا الرأي بعض من الصواب، لكن رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي حسم خياره وفق ما فرضته المتغيرات، وتعمّدت مسيرته بالدم، بصولات وجولات من الحروب والمعارك، وبالانتقال بين الضفاف والنقاط السياسية. ما أغنى مسيرته. لا يزال تيمور يفتقد إلى هذه التجربة، لكن ما يلقى عليه بالنسبة إلى دار المختارة، ليس الاعتزاز بامتداداها على 300 سنة فحسب. بل بالقناعة الذاتية لدى الرجل في أنه جاهز لتولي زمام "الزعامة"، وهذا يحتاج إلى جانب القناعة، إلى حركة أوسع، وتجربة أكثر، وانخراط في الحدث السياسي. في المفاوضات مع الأفرقاء، انتخابياً أو سياسياً. في إدارة المعركة الانتخابية، وأن يكون على رأس الماكينة، وفي الانضمام إلى العمل الوزاري. ليس من باب تولّي الحقيبة، بل من باب الإشراف على كيفية إدارة شأن الوزارة، والتعاطي مع الناس والإدارة.

كانت الإطلالة في لحظتها الانتخابية فرصة لاستقطاب المترددين، لمحاكاة الشباب، من دروز وغيرهم، بأن الشاب سيمثّل تطلعاتهم. عبّر عن ذلك في كلامه، لكن الفكرة لم تصل كما يجب، كانت تحتاج إلى ارتياح مع الذات. غياب "النبض" في الموقف، أحبط البعض، ودفع آخرين إلى الانتقاد، والاعتبار بأنهم كانوا ينتظرون شخصية تحاكي ما بين شخصيتي وليد وكمال. لكنه قال إنه يريد أن يكون هو، ولذلك لم تكن الإطلالة على قدر توقعاتهم وتطلعاتهم. لا يمكن الحكم على التجربة من الإطلالة الأولى، لكن لا شك أن الشاب أمام أكثر من تحدّ أولها الاستحقاق الانتخابي وإثبات نفسه. ليس من باب الترشيح فحسب، بل من باب خوض المعركة والدخول في تفاصيل المشاورات والتحالفات وإدارة هذه المعركة.

تلقى تيمور جنبلاط انتقادات لعدم إلمامه بتفاصيل المشاورات أو التحالفات الانتخابية. وهذا عبّر عنه كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي. لعلّه حين يشاهد إعادة الحلقة، سيتحمّس للإلمام في صلب هذه المشاورات، خصوصاً أن المعركة في الجبل تتخذ طابعاً حامياً وشرساً في ظل التطورات. في توقعات الحزب التقدمي ااشتراكي أن الكتلة ستتألف من 9 نواب، أي خسارة نائبين. لكن آخر المشاورات تحتّم التحسّب لما هو أكثر، لأن المعركة لن تكون سهلة.

ففي ظل التباين الذي تشهده العلاقة بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، سينعكس ذلك على بعض الترشيحات. فيما المعلومات تشير إلى أن هناك اعتراضات تسجّل على ترشيح الوزير غطاس خوري إلى جانب ناجي البستاني وجورج عدوان. بالتالي، فإن عدم تمثيل ساحل الشوف، سيؤدي إلى تعزيز وضع المرشحين على اللائحة الأخرى، في مواجهة مشكلة أخرى يواجهها هذا التحالف، وهي ترشيح شخص من بلدة برجا. التحالف كما رسى حتى لآن، يهدد مقعد النائب نعمة طعمة، لمصلحة مرشح التيار الوطني الحر. لكن حرص جنبلاط على بقاء طعمة، يفرض منحه مزيداً من الأصوات التفضيلية الدرزية. ما ستستغله اللائحة المدعومة من 8 آذار، لتهديد مقعد النائب مروان حمادة. وهذا يعني أن إدارة المعركة لن تكون سهلة، خصوصاً أن هناك محاولات لجمع قوى 8 آذار في لائحة واحدة، بدلاً من الإنقسام في لائحتين، الأولى تضم التيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي والحزب السوري القومي الاجتماعي، والثانية تضم وئام وهاب وشخصيات معارضة لجنبلاط. حتى الآن، أفق التوافق بين اللائحتين مسدودة، ورغم ذلك هناك معركة لا يمكن الاستهانة بها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها