الأربعاء 2024/05/01

آخر تحديث: 01:08 (بيروت)

لبنان ينتظر ويحتضر: مآزق "الحزب" والمعارضة معاً

الأربعاء 2024/05/01
لبنان ينتظر ويحتضر: مآزق "الحزب" والمعارضة معاً
حالة الانتظار تسري أيضاً على الاستحقاقات السياسية والدستورية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

يسيطر "القحط" السياسي على لبنان. كل الملفات مؤجلة وسط انعدام قدرة الأطراف المختلفة على تقديم أي رؤية من شأنها تتجاوز النفق.
سلّم اللبنانيون أمرهم للخارج بما يرتبط بوضع الجنوب أو الملفات السياسية والرئاسية. فجنوباً، تتحرك القوى الدولية في سبيل منع التصعيد وإرساء تهدئة على أمل ترتيب حل نهائي، لا بد أن ينتظر إنضاج الحل أولاً في قطاع غزة. يتسلم لبنان أوراقاً فرنسية وأميركية تناقش صيغة الحل المفترض والمؤجل.
حالة الانتظار تسري أيضاً على الاستحقاقات السياسية والدستورية، وأهمها انتخاب رئيس للجمهورية. إذ أن الديناميكية الداخلية تغيب لصالح انتظار ما ستؤول إليه نتائج اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، والتي تتحدث المصادر عن أنها تضع مهلة زمنية حتى نهاية شهر أيار، للوصول إلى عقد جلسات انتخابية مفتوحة. وبحال لم يحصل ذلك، فإن هذه الدول ستراجع آلية مقاربتها للملف اللبناني.

مآزق المعارضة 
أمام هذه الوقائع وحالات الانتظار فإن لبنان، عملياً، يختنق في مآزق سياسية متعددة، تعيشها القوى السياسية.
فقوى المعارضة مثلاً، تعاني من مأزقين. الأول أنها ليست تماماً خارج السلطة، بعضها منخرط منذ زمن طويل وما زال. وهذا ما يضعف صفة المعارضة ويكبلها، ولا يتيح لها حرية الحركة. أما المأزق الثاني، فهو عدم القدرة على الخروج من أدبيات 14 آذار رغم مرور ما يقارب العقدين على هذه التجربة، ولم تنجح في تطوير خطابها بعد هزائم متعددة، كان آخرها هزيمة ثورة تشرين 2019. وبقيت على تقاليدها السيئة في التنافس على التبوء والصدارة والقيادة بين أطرافها، وآخرها ما كان عليه مشهد معراب والخلافات التي نجمت قبله وبعده.

الأهم بالنسبة لمأزق المعارضة أنه لم تتمكن، لا عربياً ولا دولياً، من تقديم  تصور متكامل قابل للتبنّي كسياسة واقعية، في إطار الحفاظ على نموذج الكيان، واحتمالات تطويره، بما يتقاطع مع القوى الأخرى. بالإضافة إلى عدم تقديم أي رؤية فعلية للإصلاحات الاقتصادية أو المؤسساتية أو السياسية، بل تلجأ للالتفاف على ذلك، بتقديم طروحات عمومية لا تشير إلا إلى الهروب من المسؤولية الوطنية، كمثل أطروحة اللامركزية الإدارية والمالية والموسعة، وفق صيغة "كل طرف يدير مناطقه". كما أن هذه المعارضة قد عجزت كلياً، عن اختراق شيعي حقيقي، كما عجزت عن إيجاد صيغة للتعامل مع "الثنائي الشيعي". وهذا ما يجعلها تبدو وكأنها تعمل على "عزل الشيعة"، الذين لا يمكن عزلهم.

ولذلك، فهي تبدو معارضة مبدئية وحسب، غير قابلة لأن تتحول إلى قوة تغييرية أو قادرة على إنتاج تسويات وحلول. وتكمن نقطة الضعف الكبيرة أنها غير قادرة على فرض أي حوار جدي بشروطها مع الطرف الأقوى، أي حزب الله وحركة أمل. بينما في المقابل هي تعارض أي طرح للحوار من قبل الثنائي. وهو ما يحصل في ملف رئاسة الجمهورية.

مآزق الحزب
في المقابل، فإن حزب الله أو "الثنائي الشيعي" في مأزق أيضاً، وربما أكبر، لأنه الجانب الأقوى، وتُلقى على عاتقه مسؤوليات كبيرة. فواقع البلاد طوال السنوات الماضية بكل سلبياته رمي على كاهله، إن في الشق السياسي وإدارة الدولة أو في الشق الاقتصادي الذي وصل إلى الإنهيار. ما يجعل الخصوم يتهمونه بأنه تسبب في اغتراب لبنان عن المجتمعين العربي والدولي، وتكريس "الهشاشة الأمنية"، وتبعات الحرب السورية والمشاركة فيها، ما أدى إلى انفلات الحدود بين لبنان وسوريا، وانفلات الحدود أمام الهجرات غير الشرعية، وصولاً إلى الحرب الدائرة في الجنوب، التي تبدو وكأنها مأزق المآزق. فلا يستطيع الحزب الانخراط الكامل إلى حد الحرب الشاملة، ولا يستطيع التراجع عنها كي لا يبدو وكأنه خسر معركة بلا جدوى. وهو في المقابل لم يقدم أي نموذج أو طرح سياسي أو اقتصادي أو إصلاحي للخروج من المأزق القائم.

في الأثناء، تُترجم كل هذه المآزق اللبنانية في الفراغ الكبير القائم والمستمر، وفي ظل اللاحوار وغياب التسويات وروح التعاون، وغياب أي قدرة على حلول وسطى بين الجماعات اللبنانية، إلى حدّ يبدو أن الصيغة اللبنانية برمتها أصبحت مهددة، وتنازع وتحتضر.. ما لم يتم تدارك ذلك سريعاً. وهو أمر مرهون بتسويات إقليمية ودولية من غير المعروف مدى قدرتها على إعادة تجديد انتاج الصيغة والحفاظ على ما تبقى. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها