لكن ما قيل إنه قرار من النقيب، لم يكن كذلك فعلاً. فالنقيب "ينفذ ما طُلب منه. والحريري طلب من النقيب، والنقيب طلب من الحركي، والحركي نفّذ"، بحسب ما تقوله مصادر مطلعة على الملف، لـ"المدن". وهذه التراتبية في إصدار القرار، كانت واضحة لكل من حضر المؤتمر واستمع إلى كلام الحركي الذي أنذَرَ الصحافيين والعمال المصروفين، بعد تلاوة البيان الرسمي، بأن "اللي بدو يسأل، ينتبه شو بدو يسأل"، في إشارة إلى منع ذكر إسم الحريري ومن يدور في فلكه.
ولم يتوقف الحركي عند هذا الحد، إذ اعترض على تصريح عضو اللجنة، خليل الجمل، الذي كشف أمام الإعلام أن النقابة منعت اللجنة من الإشارة إلى الحريري، بعدما كانت تأمل دعم النقابة قضية العمال، وتأمل الوقوف معهم في وجه من يريد منعهم من قول الكلمة الحرة. وحينها، أعلن الحركي إيقاف المؤتمر الذي لم تنتهِ مفاعيله، لأن المنع أثار غضب العمال، وخصوصاً من يواجه حالات مرضية تحتاج إلى العلاج السريع، على غرار الموظف السابق في الشركة، فيصل عبدالله، الذي يحتاج إلى إجراء عملية بتكلفة 120 ألف دولار، إلى جانب بعض أفراد عائلات عالقة في السعودية، وغير قادرة على العودة إلى لبنان بسبب عدم توافر المال، وعدم تمكنهم من انهاء الإجراءات المرتبطة بسداد القروض وأقساط المدارس وغيرها.
واستثمر الحركي الغضب، ليُصوّر العمال وكأنهم خارجون عن القانون، أو ليسوا أصحاب حق، فامتعض من عرضهم المأساة ومن استنكارهم الرقابة المسبقة، فغادر القاعة. في حين رأى بعض العمال في حديث لـ"المدن"، أن الحريري "هو المسؤول المباشر عن الملف، بوصفه أحد المالكين الأساسيين في الشركة، وبوصفه رئيس حكومة يفترض بها أن تحصّل حقوق مواطنيها".
من ناحية ثانية، نفى المنسق العام للإعلام في تيار المستقبل، عبد السلام موسى، في حديث لـ"المدن"، علمه بقرار مماثل صادر عن الحريري أو تيار المستقبل. ومثله أكّد أحد نواب كتلة المستقبل لـ"المدن" عدم علمه بهكذا قرار. لكن النائب أشار إلى أنه "أخلاقياً لا ينبغي الحديث عن مسؤولية الحريري والمستقبل، فالحريري يعمل على حلّ الموضوع".
المستقبل نفى، والكعكي والحركي أكّدا بالكلمة والممارسة، قرار الوصاية على الصحافة وعلى صرخة أصحاب الحقوق. علماً أن اللجنة كانت قد حاولت مراراً التواصل مع عدد من وزراء تيار المستقبل ونوابه، ومنهم "محمد الحجار، بهية الحريري، فؤاد السنيورة، إلى جانب الأمين العام للتيار أحمد الحريري"، وصولاً إلى محاولة التواصل مع الرئيس الحريري، لكنهم لم يشهدوا "أي اهتمام يُذكر"، في حين أن الحريري، وأمام "كل هذه المأساة، لم ينبس ببنت شفة"، وفق العبارات التي شطبها الكعكي من البيان.
تجدر الإشارة إلى أن آلاف العمال وعائلاتهم يواجهون منذ أكثر من سنتين، مصيراً مجهولاً بعد إعلان الشركة إفلاسها، من دون دفع المستحقات إلى أصحابها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها