الإثنين 2017/07/31

آخر تحديث: 01:24 (بيروت)

لديك سلطة.. تحفظ كرامتك

الإثنين 2017/07/31
لديك سلطة.. تحفظ كرامتك
السلسلة عرضت إصلاحات طالت استقلالية القضاء (المدن)
increase حجم الخط decrease

عندما نجمع مشهد الصورة الكاملة أمام أنظارنا، نجد أنفسنا أمام حل من اثنين. إما أن نضحك من شر البليّة أو أن نبكي على واقع كرامة الإنسان اللبناني المهدورة.

بعد صدور قانون الانتخاب الذي طال انتظاره، تفرغ كل فريق طائفي وسياسي للعب على وتر شد عصب جماهيره تمهيداً لتحقيق انجازات عظيمة في يوم الاقتراع المنتظر، وكانت الجامعة اللبنانية الساحة الأوسع للبروفات الانتخابية. ومع الأسف، تغاضت رابطة الأساتذة المتفرغين عن ممارسة دورها الطبيعي في لجم لغة التعصب والتأكيد على ضرورة أن يكون الصرح الجامعي وطنياً جامعاً لكل مواطن بغض النظر عن طائفته. في الوقت نفسه، أصدر مجلس الجامعة بياناً جامعاً متضامناً، وسارع أعضاء المجلس إلى مرجعياتهم الطائفية والسياسية يشكون إليهم المس بالمراكز المسجلة في وقف الطائفة خلافاً للتوافق "البرو- دستوري".

في وقت متزامن، تضامنت أطراف السلطة على اختلاف أهوائها في معركتها ضد النقيب السابق نعمة محفوض، فحققت السلطة السياسية نصراً نقابياً مبيناً جديداً، هذه المرة في انتخابات نقابة التعليم الخاص. واستطاع مجلس النقابة المنتخب تحقيق انجاز وطني سريع ترجم من خلال صدور قانون سلسلة الرتب والرواتب. لكن هذه السلسلة عرضت إصلاحات طالت استقلالية القضاء، فوجدنا أنفسنا أمام موقف موحد صلب متخذ من قبل مجلس القضاء الأعلى الذي قرر الاعتكاف عن العمل مستشعراً الخطر الذي يهدد قلعة أساسية من قلاع الدفاع عن الحقوق وكيان الدولة المدنية.

"الكرامة هي آخر شغلة تنتزع من بني آدم"، قالها القاضي شكري صادر، رئيس مجلس شورى الدولة، في معرض دفاعه عن اعتكاف القضاة عن متابعة عملهم، ضارباً المثل بحق بالاستشفاء للقضاة. لكن غاب عن بال الرئيس صادر عند إدلائه بهذا التصريح أن هذا الحق هو حق لكل مواطن يريد العيش بكرامة أيضاً.

اعتبر الرئيس شكري صادر أن حماية الكرامة هي الدافع، وأن استقلالية القضاء تهدف للدفاع عن الإنسان. هذا كلام حق يفترض وعياً عاماً وتأييداً شعبياً لاستقلالية السلطة القضائية. التساؤل الأهم الذي يطرح نفسه في هذا المجال: لماذا إذن لم يكن التجاوب الشعبي بمستوى التحدي المطروح؟ لعل الجواب المنطقي يكمن في ابتعاد السلطة القضائية منذ فترة عن محاكاة وجع المواطن ومداهنة رجال السلطة وغض النظر عن فضائح الفساد المستشري. وكل هذه الأمور هي انتهاكات متكررة لحقوق المواطنين. ما جعل السلطة القضائية من وجهة نظر المواطن العادي صورة أخرى عن السلطات القائمة في دولة الديمقراطية التوافقية.

في هذا العرض نلاحظ أن الضغط كانت له نتيجة وتأثير لأن القضاة يمثلون سلطة، في وقت فشلت فيه رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية في لفت نظر المسؤولين إلى خطورة المس بالتعليم الجامعي الرسمي. فأعضاء الهيئة التنفيذية للرابطة المذكورة لن يستطيعوا إطلاق صرخة مدوية تتعلق بالوعود التي لم تنفذ والتي تلقوها من مرجعياتهم السياسية لأنهم لا يتمتعون بأي سلطة، في وقت تزاحمت التبريكات من "المواطنين- المسيسين" المنتسبين للروابط والنقابات على الانجازات العظيمة التي حققتها الطبقة السياسية في إنجاز قانون سلسلة الرتب والرواتب. هنا يطرح التساؤل المنطقي حول شرعيّة النقابات الآتية على ظهر الدعم السياسي ومدى قدرتها على الدفاع عن الحقوق الإقتصادية والاجتماعية للعاملين في مختلف القطاعات، والآليات التي يفترض أن يبحث عنها المواطنون لكسر الحلقة المفرغة الخانقة صوناً لكراماتهم.

فهل يفترض أن تتحول كل فئة اجتماعية إلى سلطة كي تستطيع الدفاع عن كرامتها؟ وعن أي نوع من السلطات ترانا نتحدث؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها