السبت 2017/06/17

آخر تحديث: 02:36 (بيروت)

التمديد التقني... اخرس أيها الشعب

السبت 2017/06/17
التمديد التقني... اخرس أيها الشعب
القمع هو وسيلة السلطة للدفاع عن نفسها (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
أكدت أحزاب السلطة مرة جديدة أنها لم تخلع ثوب الميليشيات، بل ارتدت ثوب الدولة بعد الحرب الأهلية، لتغطيه الثوب الأول، الأساس. وأظهرت السلطة أنها لم ترتقِ إلى مستوى الدولة، من خلال قمعها، مرة جديدة، للمتظاهرين الرافضين التمديد الثالث المغطّى بالصفقة التي سُمّيت قانون النسبية المشوهة.

يوم الجمعة 16 حزيران، رشق المتظاهرون سيارات النواب في ساحة رياض الصلح، بالبيض والبندورة. وهي طريقة تعبير معتمدة في العالم. أما عسكر السلطة، فدافع عن نوابه بالعصي وأعقاب البنادق والضرب باليدين. ولم تنكر شرطة مجلس النواب ما فعله عسكرها، بل بررته بعذر أقبح من ذنب، فعناصر الشرطة بحسب البيان "حرروا" أحد رفاقهم من قبضة المتظاهرين الذين "أوقعوه أرضاً، وحاولوا تجريده من سلاحه بالقوة"، كما حاولوا "اقتحام الحاجز الأمني والاعتداء على عناصر الحماية". ومع افتراض ان التبرير صحيح، فهل كل المتظاهرين فعلوا ذلك ليستحقوا الضرب والشد بالشعر والسحل على الأرض؟

تبرير السلطة وعسكرها يؤكد أن القانون الجديد ليس سوى صفقة تحاول تغطية الفشل الذي تعيشه السلطة منذ سنوات، وبشكل خاص منذ آخر انتخابات نيابية في العام 2009. وازداد فشل السلطة بعد تأثر لبنان بالأحداث السورية بشكل مباشر، حيث طالت التأثيرات الأوضاع الأمنية والسياسية والإقتصادية، والتي خلقت أحداثاً تفاعلت في الشارع اللبناني بوتيرة سريعة، ولم تستطع السلطة إلتقاط أنفاسها معها، وليس آخرها التفجيرات المتنقلة والمقاطعة الخليجية للسياحة اللبنانية، وصولاً إلى العقوبات الأميركية على المصارف اللبنانية التي تتعامل مع حزب الله، وغيرها.

خلال هذه الفترة كانت معركة السلطة الأساسية هي تثبيت نظامها وصموده، وتجاوزت السلطة حينها أكثر من عقبة لتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، بعد استقالة ميقاتي. ولم ترغب السلطة بخلق بيئة خلافية على صعيد المجلس النيابي، تفوق خطورتها الإتفاق على تشكيل حكومة، أو الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان.

استطاعت السلطة تجاوز أزمة تشكيل الحكومات، وكذلك فعلت تجاه الفراغ الرئاسي الذي تجاوزته عبر صفقة سياسية سهّلت تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري. وكانت عودة الحريري إلى لبنان حاجة ضرورية لأحزاب السلطة، للالتفاف حول صعود نجم بعض السياسيين الذي غردوا خارج سرب السلطة، ونجحوا في خلق حالة شعبية مرتبطة بهم، هددت شعبية تيار المستقبل والحريري.

من ناحية ثانية، فإن الصفقة أرست قواعد تحاصص جديد، بقيت تفاصيله مشرّعة أمام الخلافات والطموحات الشخصية للسياسيين، خصوصاً الوزير جبران باسيل، الذي كان أحد أبرز العقبات التي واجهت الإتفاق على قانون الانتخابات الجديد، إذ حاول إظهار القانون بصورة المنقذ للشارع المسيحي، فضلاً عن وضع أسس ترفع حظوظه بالوصول إلى البرلمان.

في جميع الأحوال، نجحت السلطة في تثبيت القاعدة الطائفية للانتخابات المقبلة، على عكس ما يُرجى من القانون النسبي الحقيقي الذي يتجاوز الطائفية نحو المواطنة. والأهم من ذلك، أنها نجحت في تهدئة شارعها لمدة 11 شهراً، بعدما كان هذا الشارع قد بدأ التململ والاعتراض، بعد سلسلة من الفضائح التي طالت أزمة النفايات والكهرباء والاتصالات. فالسلطة لم تكترث يوماً للمعارضين من خارج جمهورها. وهو ما أثبته إطلاق العنان للعسكر في كل مرة، لقمع التظاهرات بأي شكل كان. فقمع السلطة المعارضين يمكن التغاضي عنه، على عكس جمهورها الذي تحتاج إليه في الانتخابات، فلا تقمعه، بل تمتص غضبه عبر خرق صفوف المعارضين الحقيقيين، لإظهار أن ليس هناك من معارض حقيقي في الشارع، بل حفنة من المشاغبين.

في المحصلة، نجحت السلطة في ضخ الأوكسيجين في أوردتها. ورغم سلبيات قانونها إلا أن الضغط الشعبي ألزم السلطة اعتماده كصيغة جديدة. وقد تكون هذه الخطوة، حتى وإن أفرزت تمديداً جديداً، فرصة للضغط باتجاه فرض الأفضل لاحقاً، مع عدم التغاضي عن أن السلطة تستطيع قلب الطاولة متى شاءت، مدعومة بشعبية جمهورها. وهو ما تعول عليه لابتداع المجهول بعد 11 شهراً، لعدم اجراء الانتخابات وفق القانون الذي أقرته اليوم. أما من يعترض، فسيواجه عسكر النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها