الجمعة 2017/04/14

آخر تحديث: 00:55 (بيروت)

من قتل مصطفى بدرالدين؟

الجمعة 2017/04/14
من قتل مصطفى بدرالدين؟
كان بدرالدين عضواً في الجيل المؤسس لحزب الله (Getty)
increase حجم الخط decrease

قبل فترة اتخذ رئيس أركان قوات الدفاع الإسرائيلية غادي أيزنكوت خطوة غير معتادة، لتأكيد ادعاءات وسائل الإعلام أن قتل القائد العسكري لحزب الله مصطفى بدرالدين، في 13 آيار 2016، لم يكن عملاً إسرائيلياً، بل أُطلق الرصاص عليه بعد اجتماع مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بأوامر منه ومن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

الادعاء أن قتل بدرالدين كان عملاً داخلياً ليس جديداً. فبعد مقتله، طرح البعض في الصحافة الإسرائيلية نظرية أن ما حدث هو نتيجة نزاع داخلي. بعد ذلك، انتشرت تقارير إعلامية عربية، استندت إلى تقرير أصدرته صحيفة السياسة الكويتية، في العام 2014، نقلاً عن مصادر مجهولة، تحدثت عن توتر مع بدرالدين في التسلسل الهرمي الأمني ​​للحزب، في ما يتعلق بمنظمته الأمنية الخارجية. وسلط التقرير الضوء على سمعة بدرالدين بصفته مستهتراً.

حاولت صحيفة ويكلي ستاندارد الأميركية البحث في هذه الادعاءات، وتحديداً في تفاصيل العداء بين سليماني وبدرالدين، إلا أنها وجدت أنها "مشوشة وغير دقيقة". على سبيل المثال، يزعم تقرير قناة العربية، وفق ويكلي ستاندارد، أن سليماني كان مدفوعاً بطموح شخصي لتولي القيادة التنفيذية الكاملة في المسرح السوري. والسرد هنا يفترض أن غيرة سليماني أدت إلى رفض ما وصف بتجربة بدرالدين الضخمة وإنجازاته في ميدان المعركة. فبدرالدين كان، وفق هذه الرواية، قائداً ميدانياً ناجحاً لم يوافق على خطط سليماني التكتيكية، وقد أبدى استياءه من تضحية قائد فيلق القدس بعناصر حزب الله من أجل حماية القوات الإيرانية.

يتضارب هذا التقرير، وفق ويكلي ستاندارد، مع تقرير صحيفة الراي الكويتية، الذي يصف خلافات بدرالدين مع الضباط الإيرانيين (ولاسيما سليماني) في ساحة المعركة السورية. ويظهر كيف قاد بدرالدين هجوماً من دون التنسيق مع الروس والإيرانيين. ما أسفر عن مقتل 11 من مقاتلي حزب الله.

تتجاهل التحقيقات التي نشرت، وفق ويكلي ستاندارد، الحقائق الأساسية بشأن تاريخ علاقة حزب الله وإيران. فبدرالدين كان عضواً في الجيل المؤسس لحزب الله. وهو، مثل عماد مغنية، قام بالعديد من العمليات تحت إشراف الحرس الثوري. وتعود هذه العلاقة إلى نحو 40 عاماً. بالتالي، فإن الفرضية القائلة إن طموح سليماني الشخصي بأن يصبح قائداً عاماً للعمليات (وهو ما كان عليه بالفعل) أدى إلى تصفية بدرالدين تتجاهل طبيعة هذا الهيكل المحدد جيداً وأعماله.

إضافة إلى ما تقدم ترىويكلي ستاندارد أن تصفية إيران أحد كبار قادة حزب الله في الجيل الأول، أمر لم يسبق له مثيل في العقود الأربعة في تاريخ الحزب. كانت هناك توترات في الماضي بين الأمين العام الأول لحزب الله صبحي الطفيلي والإيرانيين. وقد حلت من طريق تهميش الطفيلي وطرده في نهاية المطاف من المجموعة، وليس قتله. لذلك، يمكن للمرء أن يتصور مسار عمل مماثل في حال وجود أي خلاف مع بدرالدين. فالعقوبة ستكون زيارة المرشد الأعلى، أو إجازة طويلة في أصفهان، أو إعادة انتداب إلى العراق، وما إلى ذلك. فالتصفية ليست الطريقة التي يحل بها حزب الله نزاعاته الداخلية.

ولعل أبرز فكرة خاطئة وفق الصحيفة الأميركية هي أن حزب الله مستقل عن إيران، أو أن هناك توتراً بين "الهوية اللبنانية" لحزب الله والهوية الإيرانية. هذه هي الأفكار الخاطئة نفسها التي دفعت صناع السياسة والمحللين الغربيين قبل 20 عاماً للحديث عن "حزب الله وعلاقته بإيران". وهي أفكار يفترض أن تكون قد دفنت في سوريا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها