السبت 2017/03/04

آخر تحديث: 00:18 (بيروت)

جعجع في حقل ألغام الكهرباء

السبت 2017/03/04
جعجع في حقل ألغام الكهرباء
يسعى جعجع لاقناع بري والحريري (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

يحتاج دخول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قطاع الكهرباء إلى عدم التصادم مع أحد، إن كان مع التيار الوطني الحر، أو مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. من هنا، جاء تأكيد جعجع أن "الحريري من رأينا (في الخصخصة)، ونعمل لإقناع بري، ونحن نتشاور مع كل الكتل النيابية لإيجاد دعم لهذا الطرح الإيجابي الذي يؤمن الكهرباء 24/24 من دون تحميل المواطن أي ضريبة". فجعجع لا يفضّل دخول عالم التحاصص من باب التصادم مع اللاعبين الأساسيين.

الثقة التي يتحدث بها جعجع لا تنبع من رهان في المجهول. واللعب على الوتر الانتخابي وحده، ليس كافياً لحسم مشروع كبير كخصخصة إنتاج الكهرباء. عليه، فإن هذه الثقة نابعة من تطمينات مفادها أن "لا أحد سيعترض على إعادة خلط الأوراق في قطاع الكهرباء، وإدخال جعجع في لعبة الإستفادة المادية والشعبية في القطاع. فالحريري لا مشكلة لديه بالتحاصص مع جعجع حتى لو كلّف الأمر خصخصة كاملة للقطاع، إذ إن الخصخصة هي الشعار الأبرز للحريرية"، وفق ما تقوله مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان، في حديث لـ"المدن".

أما بري، فلا مشكلة لديه في استفادة جعجع، إذا ما حُلّت أزمة المياومين، وهي القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في وجه جعجع إذا لم يُحسن تفكيكها سياسياً. فأزمة المياومين لم تُحل نهائياً حتى اليوم، رغم وجود قانون ينظّم دخول المياومين ملاك مؤسسة الكهرباء.

أزمة المياومين تواجه "وجود عدد كبير لم يخضع لامتحانات مجلس الخدمة المدنية. بالتالي، هناك عمال قد يخسرون وظيفتهم وسنوات خدمتهم في الكهرباء دون توظيف ودون تعويضات عادلة". ووفق المصادر، فإن "أكثر من 100 مياوم تخطّوا 48 عاماً، وهو عتبة السن القانونية التي تخولهم التقدم لامتحانات التثبيت. ما يعني أن المماطلة في حل الأزمة أفقدتهم حقهم بالتثبيت". فعندما يطرح جعجع مشروع حلّ لأزمة الكهرباء، عليه أن يطرح مشروع حل لأزمة المياومين قبل الدخول في تفاصيل الإنتاج والتوزيع، لأنه بتجاهله أزمة المياومين، يغامر بالدخول في لعبة ثنائية المشاكل. ولا تستبعد المصادر أن يستعمل العونيون أزمة المياومين ضد جعجع في حال أصرّ على مشروعه، متجاهلاً النفوذ العوني في قطاع الكهرباء.

وتجدر الإشارة إلى أن بري "ترك ملف المياومين للتيار العوني، يقيناً منه بأنه سيفشل في حله، وذلك بعد محاولته (بري) حل أزمة المياومين، قبل الإصطدام بتمسك وزير الخارجية جبران باسيل بتنفيذ مشروعه في القطاع، من دون الإهتمام بملاحظات بري". وترى المصادر أن "طرح مشروع خصخصة الإنتاج، في ظل وجود أزمة المياومين، يؤكد أن القوى السياسية التي تسيطر على ملف الكهرباء تجعل المياومين لعبة يشدها كل طرف بحسب مصلحته. وإذا ما دخل جعجع على خط الكهرباء بشكل فعلي، فإن ملف المياومين سيضيع أكثر مع زيادة عدد اللاعبين، وعدد الخطابات والوعود".

ومع عدم حسم الحريري وبري موقفيهما من طرح جعجع، تبقى الحساسية الوحيدة البارزة هي بين جعجع وباسيل، لكن هذه الحساسية "ظاهرية فقط، وليست عميقة. إذ يمكن تسويتها بعد الإتفاق على شروط التحاصص وحدود كلّ طرف من الأطراف". وهنا، تبرز فرضية أن يكون طرح خصخصة الإنتاج "هو سفينة نجاة لمشروع مقدمي الخدمات الذي فشل باسيل في تسويقه". ويأتي طرح جعجع كمشروع جديد يبدأ من الإنتاج وليس التوزيع، وهي الصيغة التي طرحها المياومون (خصوصاً مياومو حركة أمل) على باسيل منذ البدء بمشروع مقدمي الخدمات.

البدء بإصلاح القطاع من الإنتاج ثم التوزيع، يعني أن "تضمن مؤسسة الكهرباء إنتاجاً جيداً يصل إلى حد التغذية بمعدل 24/24، وبعدها تلجأ الى تحسين عملية التوزيع وتركيب الأعمدة والأسلاك والعدادات وتحصيل الجباية بالمستوى المطلوب. وذلك على قاعدة ضمان توفّر السلعة التي ستبيعها الدولة للمواطن، وليس إقناع المواطن بشراء سلعة غير موجودة أو ذات نوعية رديئة". والطرح القواتي يقوم على تبنّي هذه الصيغة، إنما عبر خصخصة الإنتاج بالكامل، وليس عبر اشراك القطاع الخاص من بوابة مشروع مقدمي الخدمات.

إلى حين وصول جعجع وباسيل إلى إتفاق على حدود التحاصص، وإلى حين موافقة بري والحريري على الدور القواتي في الكهرباء، يبقى العمل في مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة قائماً وفق المنهج الباسيلي. إذ "لا تغيير في العمل حتى الآن، والوزارة تقوم بأعمالها وفق المعتاد"، وفق مصادر في وزارة الطاقة، تجزم لـ"المدن" أنه "لا يوجد أي طرح داخل الوزارة لفكرة إنقاذ جعجع باسيل عبر طرح الخصخصة بديلاً لمشروع مقدمي الخدمات".

أمام تعدد المعطيات، أكانت دلالات ملموسة أم تكهنات، يبقى المياومون العقدة الأساس في أزمة قطاع الكهرباء. فمعامل الإنتاج ومحطات التوزيع يمكن إصلاحها تقنياً، لكن ملف المياومين ليس بسهولة تغيير قطعة أو صيانة مولّد كهربائي. لذلك، تبرز أصوات بعض المياومين، مطالبة بـ"الاحتكام لرئيس الجمهورية ميشال عون. على أن يكون الاحتكام مبنياً على نص قانون التثبيت، الذي ينص على اجراء امتحانات يدخل الناجحون بموجبها الملاك، ويذهب الراسبون للبحث عن مصدر رزق آخر، بدل إنتظار التجاذبات السياسية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها