السبت 2017/02/04

آخر تحديث: 09:56 (بيروت)

اقتراح محايد: 22 مقعداً وفق النسبية الوطنية

السبت 2017/02/04
اقتراح محايد: 22 مقعداً وفق النسبية الوطنية
يضع إشكاليات التوافق السياسي على القانون تحت مجهر الحصص الطائفية (عامر عثمان)
increase حجم الخط decrease

في ظل الخلاف السياسي الحاصل على قانون الانتخابات، وفي ظل طروحات قوى السلطة قوانين مختلطة مفصّلة على مقاسات الأطراف التي تطرحها، يأتي إقتراح النظام المختلط الأكثري على أساس "الستين" لـ106 مقاعد، ونسبي على أساس الدائرة الوطنية لـ22 مقعداً، الذي قدمه الباحث في شؤون الانتخابات وليد حسين، ليضع إشكاليات التوافق السياسي على القانون تحت مجهر الحصص الطائفية. والسؤال الأساسي الذي يطرح نفسه: هل عدم التوافق الحالي على القانون يتعلق بحصص الطوائف أم بحصص الأحزاب السياسية التي تتزعم الطوائف؟

إذا كانت المشكلة في حصص الطوائف حصراً، فالإقتراح المقدم يعالج الإشكالية المستعصية، إذ إن رفع المقاعد الـ22 إلى الإطار النسبي بدائرة وطنية يحل أزمة سيطرة الأكثريات الطائفية على هذه المقاعد الـ22 ذات التمثيل الطائفي الضعيف (أقل من 30% وزن المقعد طائفياً) ويضعها عرضة لنوع من الإستفتاء الوطني. فلو أخذنا جميع هذه المقاعد، كما أتى في الإقتراح، ستكون في أمانة جميع الناخبين اللبنانيين لإنقاذها من حصرية سيطرة طائفة بعينها. وهذا هي حال المقعدين العلويين في طرابلس وعكار، أو المقاعد الثلاثة السنّي والدرزي والارثوذكسي في مرجعيون... إلى غيرها من المقاعد الواقعة تحت سيطرة الثنائي الشيعي أو المسيحي (المقعد الشيعي في جبيل) أو حتى السنية كما هي الحال مع مقاعد دائرة بيروت الثالثة أو المقاعد غير السنيّة في طرابلس، أو حتى المقعدين الارثوذكسيين والمقعد الماروني في عكار، إذ أن تقسيم هذه المحافظة إلى قضائين سيرفع التأثير المسيحي على مجمل المقاعد إلى 37 مقعداً، دون الحاجة إلى تشكيل تحالفات مع بقية الطوائف.

بيد أن أهمية الإقتراح تكمن في نزع 11 مقعداً "مسيحيا" من دائرة التأثير الإسلامي المباشر. ما يخفّض تأثير الأخير على إجمالي عدد المقاعد النيابية على المستوى الوطني إلى 43 مقعداً. ويعني ذلك تقارباً مسيحياً إسلامياً كبيراً في مستوى التأثير على المقاعد بفارق بسيط يصل إلى 6 مقاعد فقط لا غير، علماً أنه بحسب الستين كان 24 مقعداً. كما أن وضع المقاعد الـ11 المسلمة على مستوى الدائرة الوطنية النسبية سينزع التأثير الشيعي عن المقاعد السنية مثل بعلبك ومرجعيون حاصبيا، وينزع التأثير السنيّ عن مقاعد بيروت الثالثة، الشيعي والدرزي، ونزع السيطرة المسيحية عن المقعد الشيعي في جبيل. في المحصلة يحرر هذا الاقتراح المقاعد التي تشكّل خلافات طائفية ودينية عند مقاربة القانون الانتخابي.

واعتماد النظام النسبي على أساس لبنان دائرة واحدة للمقاعد الـ22 يعطي فرصة للقوى السياسية والمدنية غير الممثّلة في البرلمان للفوز ببضعة مقاعد، وذلك انطلاقاً من التحالفات التي تستطيع عقدها على المستوى الوطني. هذا فضلاً عن كون هذه التجربة مع النسبية ستكون بمثابة مقدّمة لما يمكن أن يؤول إليه الوضع في حال اعتمد النظام النسبي مستقبلاً.

لكن بطبيعة الحال هو إقتراح لحل معضلة الصراع الطائفي على المقاعد ولا يمكن البناء عليه لحلّ معضلة رغبة القوى السياسية "الأساسية" في السيطرة على جميع المقاعد التي تعود للطائفة التي تنتمي إليها. فلو أخذنا الإقتراح الأخير الذي تقدم به التيار الوطني الحرّ نكتشف أن مشكلة التيار ليست في سيطرة بقية الطوائف على المقاعد المسيحية، بل في رغبة التيار في السيطرة على المقاعد المسيحية مثل زغرتا والبترون وعكار والشوف. لذا، وعلى العكس من جميع الاقتراحات المختلطة، يحافظ الاقتراح هذا على المعادلة السياسية القائمة في قانون الستين محرراً المقاعد الضعيفة من سطوة الغلبة الطائفية الآحادية ويحلّ إشكالية التمثيل المسيحي بشكل ملحوظ.

بطبيعة الحال، ثغرات هذا الاقتراح كثيرة، أولاً أنه لا يشكّل حلاً مستداماً للمعضلة الطائفية. ثانياً، ينزع صفة التمثيل المحلي عن المقاعد النسبية الـ22 كما هي الحال مع المقعدين العلويين في طرابلس وعكار، في حال بقيت آلية الترشح كما هي حالياً في لبنان. لكن لقانون الستين مساوئ أكثر على هذا الصعيد، ولاسيما أن هذين المقعدين يختارهما السنة. أما الاقتراحات المختلطة فلم تحرّر هذين المقعدين، وغيرهما من المقاعد، بشكل كامل كما هي الحال مع الاقتراح المقدم. والسؤال هنا: هل يرفض العلويون هذا الاقتراح؟ الجواب شبه المؤكّد لا، ولاسيما أن رفع هذين المقعدين على المستوى الوطني سيجعل العلويين يختارون ممثليهم بالتحالف مع أقرانهم الشيعة. كما أن وضع إطار تنفيذي لهذا الاقتراح يحصر الترشح على المقاعد بقيد النفوس، سيدمج التمثيل المحلي بالوطني. وهذا ينطبق على مقعد الأقليات والمقعد الانجيلي في دائرة بيروت الثالثة.

قد تتكتل جميع قوى السلطة للفوز بالمقاعد النسبية. لكن رغم ذلك ستستطيع القوى السياسية والمدنية والقوى التي باتت مرعوبة من حمأة الثنائيات الطائفية تشكيل تحالفات مواجهة تؤهلها للفوز ببضعة مقاعد. علماً أن إمكانية تكتل جميع قوى السلطة مستحيل في الوضع الراهن. التناقضات القائمة بين القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة أعمق من أن تجتمع في تكتل لمواجهة القوى الأخرى ضعيفة التمثيل شعبياً. ليس هذا فحسب، بل إن مقاعد الدائرة النسبية الـ22 تفرض تحالفات معينة على مستوى الأقضية. بالتالي، ستلجأ جميع القوى إلى اجراء تنازلات ومساومات من هنا وهناك. ما يجبر هذه القوى على التوقف عن الشحن الطائفي.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها