السبت 2017/02/18

آخر تحديث: 08:57 (بيروت)

مقاتل من حزب الله: نعلم بأن السيّد يُبالغ

السبت 2017/02/18
مقاتل من حزب الله: نعلم بأن السيّد يُبالغ
نصر الله يرفع سقف التهديد ضد إسرائيل في حال حصول أي إعتداء (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
التحريض ضد الاحتلال، أمر مشروع وواجب على كل قوى المقاومة. لكن التحريض نفسه يجب ان يخضع لمنطق المتغيرات التي تشهدها البلاد على المستويات السياسية والإقتصادية والثقافية. عليه، فإن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن استعداد الحزب لقصف مفاعل ديمونة النووي، أو خزانات الأمونيا التي توازي بحسب نصر الله "القنابل النووية"، هو كلام ضمن التجييش الشعبوي، ويؤثر على استقرار لبنان الذي يحاول استعادة الثقة الدولية بأسواقه الإقتصادية، وتوفير استقرار يُسهّل عملية التعاقد مع شركات للتنقيب عن النفط والغاز.

في الجانب الشعبوي، يعي اللبنانيون الذين يؤيدون أو يخاصمون حزب الله، أن نتائج أي حرب مع إسرائيل هي كارثية، نظراً لحجم الدمار وللكلفة الإقتصادية، ولحجم الخسائر البشرية. وحتى وإن وقف اللبنانيون معنوياً مع حزب الله، كما فعل كثيرون في حرب تموز 2006، إلا أن واقع الكلفة المرتفعة للحرب لا يمكن تجاهله. ويُستدل على ذلك مما يقوله عدد ليس بقليل من مقاتلي الحزب، الذين اختبروا القتال ضد إسرائيل، وفي سوريا. وهؤلاء يعرفون أن سيّدهم "يبالغ أحياناً برفع السقف في خطاباته. ويعرف (نصر الله) أن تنفيذ ضربة كبيرة مثل قصف المفاعل أو الخزانات يحتاج إلى حسابات تتخطى لبنان وظروف الحرب مع إسرائيل"، وفق أحد مقاتلي حزب الله الذي انتسب إلى الحزب منذ 20 عاماً.

يشير المقاتل في حديث لـ"المدن" إلى أن "شعارات الأمين العام مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى. ومطلوبة أكثر لأن هناك معركة في سوريا، فلو كانت المعركة مع إسرائيل فحسب، لما احتاج إلى رفع السقف، تماماً كموضوع استعمال شعارات مذهبية مثل لن تُسبى زينب مرتين، الذي رُفع في سوريا ولم يُرفع ضد إسرائيل". ويستند المقاتل في كلامه إلى ارتباط قرار الحزب بإيران، "وهو أمر ليس خفياً. فقتال الحزب في سوريا والعراق، ووجوده اللوجستي في اليمن وفلسطين، ليس أمراً عرضياً، بل هو جزء من مهماته ضمن القوة الإيرانية المتنامية".

أما الجزء المتعلق بتنفيذ الحزب تهديداته، فيبتسم المقاتل ويجزم بأن "مثل هذه التهديدات لا تُنفّذ حتى وإن حصل اعتداء إسرائيلي على لبنان، لأن إيران لا توافق على ذلك، بالدرجة الأولى، وثانياً لأن لبنان والحزب لا يستطيعان تحمل نتائج التنفيذ. فهل يُدرك أحدٌ معنى تفجير مفاعل نووي أو سفينة كيميائية؟ على الأقل سيكون هناك جريمة حرب بحق الفلسطينيين في الداخل".

فضلاً عن ذلك، فإن "أي نتائج سلبية تقع في المياه الإسرائيلية نتيجة ضرب سفينة الأمونيا، وأي نتائج للإشعاعات التي ستضرب المنطقة المحيطة بالمفاعل، سيكون لها تأثير على السكان والتراب والهواء والمياه، وتحديداً الشاطىء الجنوبي، والهواء المشترك بيننا وبين فلسطين. ولا يمكن ان ننسى أن الجنوبيين مازالوا حتى اليوم يعانون من تأثيرات الغازات التي اطلقتها القذائف الإسرائيلية في تموز 2006، فكيف سيكون الوضع مع غازات ملوثة نووياً؟".

وجهة نظر المقاتل ليست تعبيراً عن حالة غضب أو استياء داخلي، بل هي إنعكاس "لنقاش موجود داخل الحزب، والذي تُطرح فيه موقف الحزب السياسي والاجتماعي، وأخطاء التحالفات والقرارات الداخلية، لكن يُمنع تداولها خارجاً، حتى بين الأعضاء أنفسهم". ووجهة النظر هذه لا تختلف عن وجهة نظر القائلين بضرورة تهدئة الخطابات للاستفادة من إيجابيات الإتفاق السياسي الداخلي، خصوصاً لناحية استثماره في ملف النفط. إذ إن "الكلمة قادرة على ان تُعمر أو تخرّب" على حد تعبير رئيس مجلس إدارة هيئة قطاع البترول وسام شباط، الذي يلفت النظر في حديث لـ"المدن" إلى أن "أي كلام أو حدث أمني يمكن أن يؤثر على ملف النفط". مع الإشارة إلى أن "الشركات التي قد تستثمر في التنقيب، تعلم تماماً الوضع الأمني في لبنان. وهي لا تنتظر كلاماً داخلياً. لكن في العموم، التهدئة مطلوبة".

قنبلتا هيروشيما وناكازاكي النوويتين أطلقتا نتائج سياسية وإنسانية وبيئية وصحية مازالت تتفاعل حتى اللحظة، وعلى بُعد أكثر من 70 عاماً. والترسانة النووية الكورية الشمالية لم تستطع، رغم التجارب المستمرة والتحديات بينها وبين الولايات المتحدة، من تنفيذ أي تهديد فعلي. وكذلك إيران التي رفعت منذ العام 1978 شعارات إزالة إسرائيل من الوجود، لم تستطع قصف صاروخ واحد في اتجاه طريق ترابي فرعي في فلسطين المحتلة، بطريقة مباشرة، لأنها تعلم تماماً أن رشق إسرائيل بوردة، يعني إستنفار المجتمع الدولي وإستنفار القوى الكبرى بما فيها روسيا حليفة إيران في سوريا. لذلك، تعلم إيران أن تهديدها عبر حزب الله لن يدخل حيز التنفيذ، وإن حصلت الحرب بين الحزب وإسرائيل، فهي غير مستعدة لهدم ما بنته في سوريا، وما كسبته من الإتفاق مع أميركا، ولا لخسارة الدعم الروسي، خصوصاً أن الورقة اللبنانية ليست سوى ممر لتحسين شروط التفاوض في المنطقة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها