السبت 2017/01/14

آخر تحديث: 01:12 (بيروت)

الاستشفاء المجاني لمن تجاوز 64 عاماً.. سيتوقف؟

السبت 2017/01/14
الاستشفاء المجاني لمن تجاوز 64 عاماً.. سيتوقف؟
الاستمرار بالاستشفاء المجاني مرهون بتوفر الاعتمادات المالية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
تشغل التغطية الصحية بالَ المواطنين. يستبشرون خيراً مع كل وعد أو قرار يصدره وزراء الصحة، إلا أن الاستفادة من مفاعيل القرارات سرعان ما تتبخر مع الوقت، أو في أحسن الأحوال تعلق في شباك السجالات بين المستشفيات ووزارة الصحة، لأن الحسابات المالية بين الطرفين عرضة للتشكيك والتحقيق والحسم وما إلى ذلك.

ضمن ملف التغطية الصحية الشاملة لمن تخطى 64 من العمر، كان وزير الصحة العامة السابق وائل أبوفاعور قد أعلن أن تغطية الفاتورة الصحية التي تؤمنها الوزارة لمرضى تلك الفئة العمرية قد أصبحت 100% بعد ان كانت الوزارة تغطي 95% من الفاتورة في المستشفيات الحكومية و85% في المستشفيات الخاصة. وتلك التغطية تحتاج بطبيعة الحال إلى إيرادات لتغطية النفقات المستحدثة. وكان رد أبوفاعور يومها، أن تغطية النفقات الجديدة ستكون عبر "تصويب فاتورة الاستشفاء، وليس بأن تنفق الدولة إنفاقاً إضافياً جديداً". وهذا التصويب يأتي من خلال التدقيق في الفواتير الاستشفائية المقدمة من المستشفيات إلى الوزارة، إذ أشار أبوفاعور مراراً إلى وجود فواتير مضخّمة.

لكن، يبدو ان "خللاً" ما يعتري آلية تنفيذ القرار. وفي حين لم يُقدِم وزير الصحة غسان الحاصباني على إصدار قرار جديد يلغي قرار أبوفاعور، إلاّ أنه نعى قرار سلفه، بشكل غير رسمي، عبر الإعلان أن "الدولة ليس لديها القدرة لتغطية نفقات جديدة"، معتبراً أن "الوعد المعطى باستشفاء المسنين، فكرته جيدة، لكن تأمين تمويله يبقى هو الأساس".

تسليط الضوء على التمويل يضع علامات استفهام حول آلية التمويل التي كان أبوفاعور واثقاً منها. فإما أن "التصويب" لم يحصل أبداً، أو أنه لم يحصل بالطريقة الصحيحة. وعدم قدرة مشروع أبوفاعور على الاستمرار بشكل طبيعي، توقعه نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، الذي أكد، في حديث لـ"المدن"، أن "المستشفيات الخاصة قالت لأبوفاعور منذ البداية إن المشروع يحتاج إلى 36 مليار ليرة سنوياً، في حين أن وزارة الصحة قالت إنه يحتاج إلى نحو 18 ملياراً". وعموماً، فإن المستشفيات الخاصة مستمرة في تطبيق القرار حتى الآن، مع الإشارة إلى أنه "إذا لم تغطِ الوزارة تكاليف المستشفيات، فمن الطبيعي ان لا تستطيع المستشفيات تطبيق القرار". ويلفت هارون إلى أن "المستشفيات لم تقفل بعد حسابات العام 2016. لذلك، هي لا تملك الأرقام النهائية للكلفة".

لا يختلف موقف هارون عن موقف رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية إسماعيل سكرية، الذي وصف قرار أبوفاعور بأنه "ارتجالي وغير مدروس، وهو أقرب إلى لغة الشعارات"، في حين كان المطلوب، وفق ما يقوله لـ"المدن"، أن يرتكز المشروع "على قاعدة تمويل واضحة". أما عدم ارتكازه على قاعدة واضحة، فيضعه في خانة التجارب السابقة لقرارات مشابهة، منها بطاقة المعوقين الصحية، التي أصبحت عبارة عن "شك بلا رصيد". وبرأي سكرية، فإن الحاصباني "لن يتخذ قرار إيقاف المشروع، لأن المشروع مات".

من جهته، يرى أبوفاعور أن على الحاصباني مراجعة الإدارة في وزارة الصحة، التي لم تتغير منذ عهد سلفه، وتبيان إذا ما حققت عملية تصويب الفاتورة الاستشفائية وفراً أم لا. ويؤكد أبوفاعور، في حديث لـ"المدن"، أن "المشروع حقق لغاية أيلول 2016 وفراً بقيمة 3 مليارات ليرة". ويذكّر أبوفاعور بأنه اجتمع مع المستشفيات الخاصة ووافقت على المشروع، لكنها طلبت زيادة نسبة المستشفيات على كل بطاقة طبية تستقبلها.

أكثر ما يُقلق حيال القرار المعمول به حتى الآن، هو مصير القرار حين تقدّم المستشفيات الخاصة إلى الوزارة فواتيرها عن العام 2016، خصوصاً أن العلاقة بين الطرفين مشوبة بعدم الثقة. وفي حال الاختلاف على القيَم المطلوب سدادها للمستشفيات، ستشفي الأخيرة غليلها بالمرضى، وليس من هم فوق 64 عاماً فحسب، بل بالمرضى كافة الذين يتلقّون العلاج على حساب وزارة الصحة، والذين يعانون أصلاً من مزاجية استقبالهم في المستشفيات الخاصة. أما في المستشفيات الحكومية، فإن استمرار العمل بالقرار في حال تبيان وجود خلل فعلي، سيراكم عجز المستشفيات، لأن الوزارة بطبيعة الحال لن تستطيع تغطية العجز في صندوق المستشفى. ما يحتّم طلب الوزارة زيادة تمويلها. وهو ما يأخذ النقاش إلى مكان آخر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها