الجمعة 2015/09/25

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

ازدواجية "حزب الله": الحراك مصيره "ربيع براغ"!

الجمعة 2015/09/25
ازدواجية "حزب الله": الحراك مصيره "ربيع براغ"!
امتناع نواب ووزراء الحزب عن اعطاء اي تصريح حول "الحراك" (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

يتعامل حزب الله مع الحراك الشعبي بكثير من الريبة والتردد، فما يلبث أن يؤيد احد المسؤولين المطالب المحقة حتى يخرج أخر ويحذر من الخطر القادم والفوضى. ومن رفع يوماً نداء "صوت من لا صوت له" لا يأخذ موقفاً حاسماَ لدعم المهمشين ولا يحرك ساكناً للوقوف في وجه الفاسدين.

التردد في حسم الموقف يقابله امتناع نواب ووزراء "حزب الله" عن اعطاء اي تصريح حول هذا الموضوع، لكن مصادر مقربة من الحزب افادت "المدن" انه طلب من المنتسبين عدم الإشتراك بأي من المظاهرات لأنها ممولة من السفارات، وأن هناك تفاوتاً في الأراء في "حزب الله" حول الحراك القائم لكن أغلبها سلبي، بين من يخشى ان يتحرك جزء من الشارع للمطالبة برفع الظلم ومحاسبة نواب ووزراء الحزب عن التقصير، وبين من يعتبر ما يجري مجرد مؤامرة خارجية يجب التنبيه والتصدي لها.

بعيداَ عن المسميات  يدرك الحزب بأن جوهر الحراك هو شعب مقهور لا تحركه دوافع سياسية، كما يدرك أن هذه الشعارات يستسيغها كثر في الضاحية وغيرها من المناطق الخاضعة له، ولهذا جاهر بعضهم بقدومه من الضاحية، إلا أن "حزب الله" عاجز عن اتخاذ اي موقف ما يدفعه للتحذير من انتشار الفوضى العارمة، والتسويق لبعض النظريات التي "تشيطن" الحراك، وتتحدث عن مؤامرة لا تزال غير واضحة المعالم، ومنها الحديث عن تمويل قطري، تماماً كما اتهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سابقاَ بطريقة مواربة عبر الحديث عن "دولة عربية صغيرة".

الجحيم اليومي هو ما يدفع الناس غالباً إلى الإمتعاض والغضب من الحكومة والنظام، فالثورة لا تندلع إلا عند تراكم الظلم، والفقر، والبؤس والإستبداد، والمس بكرامة الإنسان وإنعدام الحرية. ومن هذا المنطلق يعتبر "حزب الله" الثورة الإيرانية نموذجاً يحتذى به ويحتفل كل عام بذكرى انتصارها منوهاً بالتضحيات الكبيرة التي بذلها "الشعب" حينها للتخلص من التسلط، متناسياً في الوقت نفسه ان الشعب اللبناني يعاني من نفس هذه الظروف وبأن الناس لا تميل إلى الثورة والحرب، بل الجميع يود العيش بأمان وطمأنينة لكن عند غياب العدل و حكم القانون فالتحرك امر لا  بديل عنه.

تأييد "حزب الله" للحراك في البحرين ولقتال الحوثيين في اليمن يعتبر من المسلمات أيضاً لأنهم مستضعفون في الأرض، أما في لبنان فيعتبر بإن النتيجة الحتمية لأي حراك  مشابهة لـ"ربيع براغ" حينما كانت سياسة ألكسندر دوبتشيك، السياسي التشيكوسلوفاكي ومفجر ما عرف بربيع براغ، تتمتع بدعم شعبي كاسح  إلى درجة أنه كان من الصعب على الزعيم السوفييتي  ليونيد بريجنيف أن يتذرع بأن ذلك التحرك الشعبي كان عملاً وقف الغرب وراءه، لكن منطق الحرب الباردة حال دون نجاح تطبيق الديمقراطية والإصلاح في تشيكوسلوفاكيا واجتاحت قوات حلف وارسو البلاد، وبالتالي فإن الصراعات الإقليمية ستحول اي حراك في لبنان ولو كانت المطالب الإصلاحية تتمتع بدعم الأغلبية إلى فوضى خلاقة تديرها الولايات المتحدة لضرب المقاومة، والمشهد السوري والليبي قد يتكرر في شوارع بيروت، ومن باب الحرص على سلامة الوطن يطلب من المؤيدين عدم الانجرار للشعارات الفضفاضة والسكوت عن كل ما يجري وكأنه قدر لا مفر منه.

المواقف المتناقضة أضعفت قدرة "حزب الله" على اقناع الجمهور في القضايا الداخلية، فمنذ بضع سنوات قام الحزب بحركة احتجاجية استمرت 18 شهراً لإقالة الحكومة التي اعتبرها فاقدة للشرعية وتسبب هذا الاعتصام بإقفال عشرات المؤسسات التجارية وصرف موظفيها وبمواجهات في الشارع كادت ان تتحول لانفلات شامل، ليصطف اليوم مع حكومة وطبقة سياسية ضاربة في الفساد سرقت احلام الشعب وتقوم بتدمير ممنهج للبلد تحت عباءة الطائفية.

يروج "حزب الله" للمعارك الخارجية كأولية وبإسقاطات دينية واستحضار ذكرى عاشوراء، انتصار الدم على السيف جاء بعد ان قام الإمام الحسين بثورة للإصلاح الذي قلما يتصدر خطابات الحزب اليوم، خصوصاً أن الحزب لم يدرك بعد أن من يريد الانتصار في المعارك الخارجية عليه تعزيز الجبهة الداخلية، ولم يدرك من حركة التاريخ ان دوام الحال من المحال ومن يقف مع الحق سيعلو وان لم يبقَ حياً ومن يسكت عنه سيسقط لا محال.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها