الجمعة 2015/07/10

آخر تحديث: 16:33 (بيروت)

سليمان لـ"المدن": لست آخر الرؤساء الموارنة!

increase حجم الخط decrease

من اليرزة توجه الرئيس ميشال سليمان إلى السراي الحكومي. آخر الرؤساء أراد بما يمثل، على الرغم من تشكيك البعض، أن يوجه رسالة تجنبها كثر من قيادات الطائفة المارونية. حط في ضيافة رئيس الحكومة تمام سلام، داعماً له في وجه الهجمة التي يتعرض لها، من منطلق تأكيد التمسك بالهوية اللبنانية، ومن منطلق شخصي، نسبة الى العلاقة التي جمعتهما في نهاية عهد سليمان.

يبدو سليمان في حديثه كمن إنقلب على ماضيه العسكري. لم يتخل عن كثير من صفات العسكر، لكن في كلامه طروحات وتصورات أقرب بكثير الى المدنية. لا يشبه سليمان من سبقه في قيادته الجيش وتحديداً ميشال عون وإميل لحود، يحاول الإقتراب أكثر من فؤاد شهاب. يتحدث بكثير من الطوباوية تبقي مستقبله السياسي غامضاً إلى الآن.

يستغرب سليمان في حديث لـ"المدن" اتهام سلام بسرقة صلاحيات رئيس الجمهورية، أكثر ما يثير استهزاءه هو اتهام ابن بيت سلام "بالداعشية السياسية"، علماً أنهم "هم الأكثر حرصاً على  الصيغة منذ العام 1943"، يتكلم سليمان من منطلق من يعرف رئيس الحكومة عن قرب، ومن منطلق الحفاظ على الصيغة اللبنانية الحالية، عبر الدفاع عن رموزها ومن سلام الذي تعاطى معه في أحلك الظروف، يقول: "سلام الأكثر حرصاً على موقع الرئاسة وصلاحيات الرئيس، وكل ما يقوم به لا يتخطى صلاحياته التي يمارسها بحدها الأدنى حرصاً على موقع الرئاسة"، خصوصاً أن الإتهامات التي توجه إليه لا قيمة لها، وإن "اتهمنا سلام بالسرقة وبالداعشية فمن يتبقى في لبنان؟".

تثير حفيظة سليمان تلك المعارك التي يخوضها رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون. بالنسبة إليه من غير المستحب لبنانياً، أن يطرح طرف سياسي مرشحاً لقيادة الجيش لأن "هذا خروج عن العرف، فكيف إذا كان الشخص المطروح هو صهر رئيس الحزب الطارح؟ بغض النظر عن الكفاءة والوطنية". هذا ما يراه سليمان تطرفاً في تصرفات عون وطروحاته، إلّا أنه على يقين بأن مردود ذلك عليه سيكون فشلاً أكبر، على الرغم من أنه لا يحبذ "صيغة الربح والخسارة".

يذهب سليمان في انتقاده إلى ما وصل إليه عون أبعد، خصوصاً أن "خطاب اليوم لا ينسجم مع كل الطروحات المسيحية التاريخية، لا مع طرح ميشال شيحا (واضع دستور استقلال لبنان عام 1926) ولا مع طرح البطريرك الماروني إلياس بطرس الحويك (أعلن قيام لبنان الكبير خلال عهده)، ولا حتى يلتقي مع وصف البابا يوحنا بولس الثاني للبنان بالرسالة"، يرى في كل هذه الطروحات دفعاً إلى "تقريش" المسيحيين، وهو الأمر الذي يحذر من مردوده لأنه "يعني خسارتهم في هذا الشرق"، على الرغم من أن "الجميع يريد الحفاظ على المسيحيين في الشرق وأن يبقوا واجهة لبنان".

من اليرزة التي إختارها للإقامة بالقرب من قصر بعبدا ووزارة الدفاع، يتأمل ما يحكى عن استطلاعات للرأي من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية، يعتبر ذلك "خبرية" لا تقدم ولا تؤخر، قبل أن يضيف: "ما المانع من إنتخاب رئيس يتمتع بموافقة جميع الطوائف، ولديه الأرجحية المسيحية والمسلمة، هذا ما يحصّنه أكثر ويمنحه دعماً أوسع، لا سيما أن وجودنا في هذه الأرض ليس بالزند، بل بإرادة العيش المشترك".

لا يخفي سليمان عتبه على القيادات المسيحية التي لا تلعب دورها التاريخي، خصوصاً أنه "عليهم إستعادة دورهم الجامع في لبنان، والتوفيقي بين مختلف الأطراف، لحماية لبنان، لا سيما في ظل هذا التناحر السني – الشيعي". ويعتبر أن "المدخل إلى ذلك هو العودة إلى إعلان بعبدا". يتوقف مراراً عنده على الرغم من كل الحملة التي شنت عليه، يرفض التخلي عنه، ويشبهه بميثاق العام 1943، لا سيما أنه "يضمن تحييد لبنان واستقراره وإستقلاله، ويعتبر إضافة على الطائف"، ويؤكد أن "من تخلى عنه وخرقه سيعود إليه نادماً".

كل الكلام عن الفيدرالية وإيجاد صيغ جديدة، لا يمرّ عند سليمان، يعتبر أن "ذلك يأتي في سياق تدمير لبنان"، لأن "لا مستقبل للبلد إلا بوحدته وبالعيش المشترك"، أما ضمانة المسيحيين فيرى أن "الطائف يكفلها، بما طبق وما لم يطبق"، على الرغم من أنه "بحاجة إلى بعض التعديلات، فالطائف هو عقد إجتماعي مقبول لدى جميع المواطنين، وعلينا تحصين هذه الصيغة لحماية استمراريتها أكثر، مع سد بعض الثغرات، وأبرزها لجهة طريقة إنتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة". ماذا عن الأحاديث التي تستبعد إنتخاب رئيس ماروني للجمهورية، يجيب: "لن أكون آخر الرؤساء الموارنة في هذه الجمهورية، أحدهم طرح علي هذا السيناريو، وكان ردي بأنه غير واقعي".

يعود سليمان سريعاً الى الأزمة الحكومية. تتوارد الأخبار عن مواقف "التيار الوطني الحر" التصعيدية تجاه سلام، ينظر اليها بحسرة ورفض مطلق، قبل أن يجزم أن "الحكومة باقية، وتعطيلها ممنوع"، وهذا ما سيفعله وزراءه داخلها، على الرغم من تأكيده أن الخلاف ليس أمراً سلبياً وحيوي في السياسة على الساحة المارونية وعلى الساحة الوطنية، وهو ما يبرز في موقف سليمان الرافض لفتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، بصيغتها المطروحة، مطالباً بضمانات لجهة حصر جدول الأعمال فقط بالأمور الضرورية مثل "الموازنة، وقطع الحسابات، وإصدارات اليورو بوند".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها