الجمعة 2014/08/01

آخر تحديث: 17:29 (بيروت)

8 آذار تتخلى عن قباني

الجمعة 2014/08/01
8 آذار تتخلى عن قباني
قباني مصمم على المواجهة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لم تضع بعد معركة دار الفتوى أوزارها. الثابت أن المفتي الحالي محمد رشيد قباني حزم حقائبه ليغادر، رغم أن بعض الأوراق لا تزال في يده في مسعى لنسف الإتفاق الإقليمي الذي أفضى الى اتفاق "تيار المستقبل" والوسطيين وسنة "8 آذار"، على إسم رئيس المحكمة السنية الشرعية العليا عبد اللطيف دريان، بإنتظار المفاجآت وربع الساعة الأخيرة.

أبرمت الصفقة. ليس بين رؤساء الحكومات وقباني، بل بين رؤساء الحكومات وسنة "8 آذار". لا يبدو أن قباني مقتنع بالحماية التي قد توفرها له "8 آذار" التي بدورها بدت في اللحظة الأخيرة مستعدة للتخلي عنه. الضمانة الأساس بالنسبة لقباني هو مفت يرضى عنه. من دون ذلك، لن يسير بأي صفقة وإن كانت قوى "8 آذار" رفعت لواء تأييدها.

قبل أن تخرج "8 آذار" بمفاجأة التوافق على إسم دريان، حط سنة "8 آذار" وغيرهم في عائشة بكار. أبلغوا ساكن الدار حتى 15 أيار، بأنهم سائرون في التسوية. طلبوا تأييده. رفض قباني. قدموا ضمانات بالجملة والمفرق لا يعارضها "المستقبل". رفض مجدداً، تمسك بـ"فيتو" على اسم دريان، داعياً إلى الضغط من أجل التوافق على إسم آخر. غادر الوفد. إجتمع. وأصدر موقفه النهائي. "دريان مرشحنا التوافقي"، بعد أن كان أسمع المفتي موقفه هذا بلهجة عالية. حاول قباني تصحيح الوضع. تواصل مع بعض القيادات السنية في "8 آذار" حاثاً إياهم على العدول عن قرارهم ورفض دريان، إلا ان الجميع كرر لقباني أن القرار اتخذ ولا عودة عنه، ولضرورة أن يكون قباني جزءاً من التسوية.


تقول مصادر "8 آذار" إن توافقها على إسم دريان يأتي في إطار الحرص على الموقع والدار في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة. قرأ سنة "8 آذار" الواقع. أدركوا أن المواجهة خاسرة بحكم القرارات القضائية. اختصروا الطريق فكان دريان أفضل الحلول خصوصاً أنه شخصية برغماتية قادرة على التواصل مع الجميع وعلى النهوض بالدار. أولوية "8 آذار" اليوم تتلخص في الحفاظ على دور الدار عبر شخصية معتدلة، في وجه موجة التطرف. و"حزب الله" ليس بعيداً عن هذه النظرة بل في صلبها.

على الجهة الأخرى، يبدو جلياً الصدمة من قرار "8 آذار" تأييد دريان. أكثر من علامة إستفهام تطرح خصوصاً أن هذه القوى كانت تقف خلف المفتي خلال الأزمة الأخيرة وشكلت سنداً ودعماً له. في أحسن السيناريوهات تقول مصادر "المستقبل" عن موقف "8 آذار" إنه طبيعي بعد أن احترقت ورقة قباني. رغم ذلك لا تخفي أن التوافق حسم على دريان ما لم يتغيّر أي شيء في ربع الساعة الأخيرة.

في الشكل، تحولت الصفقة المصرية الى شبه أفكار عامة من بينها أن يكون المفتي المقبل (دريان) على مسافة واحدة من الجميع راعياً لمصالح الطائفة وعامل جمع بين مكوناتها السياسية. الشق الآخر من المبادرة لا يزال معلقاً. هو الشق المتعلق بقباني شخصياً. أصبح معلوماً أن المبادرة تطرح خروجاً آمناً ومشرفاً، وإسقاطاً لكل الدعاوى. مصادر "المستقبل" تختصر بالإشارة الى أنها في حل من أي التزامات تجاه المفتي طالما أنه لا يزال عند موقفه لجهة ضرب وحدة المسلمين والإصرار على إنتخاب مفت آخر. وتأكيداً على ذلك، تشير إلى حدث بارز تمثل في القاء القبض على رشيد التنير (شريك راغب قباني) بتهمة الإختلاس، بعد أن كان فرّ من وجه العدالة وتعذر ابلاغه، وأفادت أنه أنكر خلال التحقيق التهم المنسوبة اليه.

الفرصة الأخيرة
وسط هذا المشهد، ثمة سيناريوات تطرح لدى قباني والمحيطين به. يتخوف البعض من أن يعتمدها في اللحظات الحاسمة. ردة فعل قباني الأولية تشير وفق ما يقول شيخ مقرب منه إلى أنه ماض حتى الرمق الأخير في إجراء الإنتخابات التي دعا اليها، ما لم يتم سحب إسم دريان والإتفاق على إسم المفتي المقبل.


في إطار التحضيرات، علمت "المدن" من الشيخ المقرب من المفتي أنه أوعز بتغيير أقفال القاعة التي ستجرى فيها الإنتخابات بدعوة من رئيس الحكومة تمام سلام، وبالفعل نفذ طلب قباني، واحتفظ شخصياً بالمفاتيح، خصوصاً أن اجراء الإنتخابات خارج هذه القاعة قد يعرضها للطعن وفق ما يقول الشيخ المطلع.

هذا الواقع لم يدفع البعض الى الإستسلام، تشير المصادر الى أن الإتصالات لا تزال ناشطة على خط إقناع قباني بالعدول، معتبرة أنها "الفرصة الأخيرة" قبل أن ينتخب المفتي المقبل بناء على دعوة سلام، خصوصاً أن مجلس شورى الدولة قطع كلياً الطريق أمام شرعية انتخابات قباني بعد أن أصدر قراراً بوقف تنفيذ الدعوة الى انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية في 31 آب الجاري.

دعوة سلام ..
إلى ذلك، تشير مصادر مطلعة أن صبر سلام أثمر، وأن الأجواء العامة أضحت مهيئة كلياً للدعوة التي ستوجه قريباً  لإنتخاب مفت في 10 آب المقبل - من دون الإفصاح عن التوقيت - وترجح أن تتم الإنتخابات في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسجد "محمد الأمين"، تجنباً لأي احتكاكات أو صدامات قد تعرض الإنتخابات للتوقف او التعليق، وتتوقع فوز دريان أو اي اسم آخر يتوافق عليه بالتزكية تجنباً لأي شرذمة وحرصاً على التكاتف لإعادة إطلاق عجلة النهوض.

دريان مستاء
وفيما بدأ دريان يمارس مهامه كمفتٍ حتى قبل إنتخابه عبر اللقاءات والإتصالات التي يجريها مع جميع الأفرقاء داخلياً وخارجياً، أفاد زواره أنه مستاء جداً مما يتسرب عن لسان قباني من أنه غير كفوء ولا يتمتع بالمواصفات التي تؤهله لتبوؤ المنصب، اضافة الى استخدام بعض المفردات التي لا يليق أن تصدر من رجل دين بحق رجل دين. المصادر تشير الى أن دريان يركز اليوم جهوده على التحضير للمرحلة المقبلة، وعلى سبل تحقيق النهضة المطلوبة بعيداً عن السجالات التي لا يمكن أن يدخل دريان بها نظراً الى تاريخه الديني والعلمي وإلى العمامة التي يعتمرها، مشيرة الى أن يده ممدوة للجميع من أجل مصلحة الدار والمهمة التي ستوكل اليه.

increase حجم الخط decrease