السبت 2015/10/03

آخر تحديث: 13:22 (بيروت)

إصلاحيو إيران: الأولوية ليست لـ"حزب الله"

السبت 2015/10/03
إصلاحيو إيران: الأولوية ليست لـ"حزب الله"
من إحتفالات توقيع الإتفاق النووي الذي أثار سخط الحرس الثوري و"حزب الله"
increase حجم الخط decrease

يروي عدد من زوار مقام الإمام الرضا في مدينة مشهد الإيرانية تعرضهم للشتم والإهانة من بعض الإيرانيين الغاضبين متهمينهم بسرقة أموالهم، في حوادث متكررة أصبحت ظاهرة لا تمت بصلة إلى الصورة المعروفة في إعلام "حزب الله" لجهة دعم "المقاومة" وتصويرها على أنها أحد المقدسات لدى الشعب الإيراني.

تتحدث الحاجة فاطمة (ترفض الكشف عن اسمها كاملاً) لـ"المدن" عن تجربتها عندما كانت  تقترب من المدخل الرئيسي للمقام حين هاجمتها سيدة إيرانية في منتصف العمر وبدأت تصرخ في وجهها بشكل هستيري محاولةً منعها من الدخول. لم تفهم الحاجة فاطمة ما يحصل كونها لا تجيد اللغة الفارسية فنادت أحد المرشدين عن الحملة طالبةَ أن يشرح لها الموقف، ليأتي الجواب المفاجئ بأن هذه السيدة تنحدر من مدينة بام،  الطينَّية البيوت، والتي تعرضت لزلزال مدمر في عام 2003، وبأنها ساخطة على الحكومة الإيرانية لإرسال الأموال إلى "حزب الله"، بدلًا من دعم المنكوبين الذين يعيشون في أوضاع صعبة منذ 12 عاماً.

قد تكون هذه الحادثة فردية أو مستغربة، إلا أن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وتفشي الفساد في الإدارات العامة تدفع عدداً كبيراً من المواطنين الإيرانيين لترتيب سلم أولوياتهم، ومع إشارة الإحصاءات الرسمية الإيرانية إلى وجود أكثر من 15 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر واحتلال إيران المرتبة 58 من بين دول العالم النامية البالغ عددها 82 دولة من حيث نسبة الفقر، و انتشار المدمنين على المخدرات وعدم قدرة مراكز جمع المشردين لاستيعاب الأعداد الكبيرة، فإن إنفاق مليارات الدولارات سنوياً على الحلفاء في العراق وسوريا ولبنان واليمن لم يعد أمراً مقبولاً  لدى  جزء كبير من  الشعب الإيراني، وبما أن لـ"حزب الله" النصيب الأكبر من الدعم على مر عقود فإن معظم الإنتقادات توجه له، مع رفضهم ان تصرف ثروات البلد على المشاريع الخارجية وإهمال الفقراء في الداخل.

لكن الأسباب المذكورة أعلاه ليست وحدها ما تدفع جزءاً من الشعب للامتعاض، فبعد إعلان فوز محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، واعتراض مير حسين موسوي الذي كان يحظى بدعم واسع بين الشباب الإيراني على نتيجة الإنتخابات باعتبارها مزورة، ظهرت إلى العلن اتهامات لـ"حزب الله" بالمشاركة في قمع الاحتجاجات الشعبية وتناقلت وسائل التواصل الإجتماعي المؤيدة  لـ"الثورة الخضراء" تعليقات تندد بوقوف الحزب ضد مطالب الشعب المشروعة  بدلَا من الوقوف على الحياد وبأن التاريخ لن يرحم  الذين يتاجرون بإرادة الشعوب وآمالهم.

موقف "حزب الله" من الإحتجاجات صب الزيت على النار، فقد اعتبر الحزب المحتجين أقلية تحرك من الخارج، عبر شبكة كثيفة من منظمات المجتمع المدني التي تم تأسيسها برعاية أمريكية وغربية، هذا الموقف تلقاه الشباب المحتج بكثير من الغضب وعبر العديد من المثقفين في الداخل الإيراني عن لومهم لهذا الموقف المتشدد بعد كل ما قدمه الشعب الإيراني للحزب.

في الأوساط الإصلاحية يحتسب "حزب الله" على جناح الحرس الثوري الإيراني، الذي وقف وعارض الإتفاق النووي الإيراني، فيما كان الشباب يرقصون في شوارع طهران إحتفالاً بالإتفاق وبرفع العقوبات الإقتصادية، في مشهد يختصر رؤية شريحة واسعة من الإيرانيين للسياسيات المتشددة في ايران من قبل الحرس، والمحسوبين عليه، خصوصاً "حزب الله".

الوقائع الأخيرة "نووياً" جعلت من الحديث عن مستقبل الجمهورية الإيرانية مبعث قلق في أوساط "حزب الله"، خصوصاً أن العديد من المؤشرات تشير لحراك هادئ بدأ  من أجل التغيير والتركيز على قضايا الداخل، الأمر الذي يؤكده الباحث الإيراني نادر هاشمي بقوله "صراع  الأفكار قد حُسم في إيران"، وبالتالي فإن رفع العقوبات والانفتاح على الغرب سيعطي زخماً للشباب الذي يسعى للتحرر من المعارك الإيديولوجية والإقليمية المستمرة و تبديل وجه المجتمع بشكل يتناسب مع تطلعاته لأمة حضارية جديدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها