الثلاثاء 2024/04/09

آخر تحديث: 07:32 (بيروت)

روسيا الصداع المزمن لحلف الأطلسي

الثلاثاء 2024/04/09
روسيا الصداع المزمن لحلف الأطلسي
increase حجم الخط decrease

ارتبطت نشأة حلف شمال الأطلسي العام 1949 ببقاء روسيا الخطر الإستراتيجي الوجودي الوحيد بعد الإنتصار على الخطر الوجودي الآخر ـــ النازية الألمانية. وأكسب هذا الإرتباط حلف الناتو هويته، حيث كان يعرف بأنه حلف نشأ لمحابهة خطر تمدد نفوذ البلاشفة أكثر في أوروبا. وحين سقطت إمبراطورية البلاشفة السوفياتية، فقد حلف الناتو هويته التي كان يعرف بها، وأخذ يبحث عن عدو يبرر به وجوده كحلف عسكري. لم تجعل روسيا الحلف ينتظر طويلاً لاستعادة هويته ومنحته الفرصة المؤاتية العام 2014 بغزو شبه جزيرة القرم الأوكرانية وإعلان ضمها لأراضيها. غض الحلف النظر عن حرب روسيا بوتين الأولى ضد جمهورية جورجيا العام 2008، وشجعها بذلك على حربها الثانية ضد أوكرانيا العام 2014 المتواصلة فصولاً حتى اليوم وتضع الناتو والغرب عموماً أمام تحدٍ وجودي فعلي. 

بمناسبة السنوية 75 لقيام حلف الناتو، عقدت في 3 الجاري بموسكو طاولة مستديرة في مقر عملاق البروباغندا الروسية RT  تحت عنوان "75 عاماً في طليعة التصعيد". المدير الأكاديمي للمجلس الروسي للعلاقات الدولية Andrey Kortunov رأى 3 تحديات تقف أمام الناتو اليوم. التحدي الأول يراه المدير في كون الحلف متعدد الأطراف، لكن وقوف الولايات المتحدة في الموقع الطليعي فيه يجعله رهينة الصراعات الأميركية الداخلية. التحدي الثاني يراه مشتركاً بين جميع التشكيلات التي تتوسع جغرافياً بسرعة، إذ كلما ارتفع عدد الأطراف المشاركة، كلما برزت صعوبة المواءمة بين مصالح أعضائه. التحدي الثالث وقد يصبح جدياً بنوع خاص في المستقبل.  فالحلف نشأ في بداية الحرب الباردة، لكنه لم يتعلم كيفية العمل في الظروف الجديدة. ويرى المدير أنه مع تغير تحديات الأمن، تحل مكان التحديات التقليدية أخرى غير تقليدية. ويتساءلون في روسيا وأوروبا والولايات المتحدة عن مدى توافق حلف الناتو مع حقائق القرن الحادي والعشرين، وإلى أي مدى يمكن اعتباره معاصراً أو، على العكس، أصبح متقادماً. 

البروفسور في معهد الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية الروسية Dmitry Danilov رأى أن الناتو يقف الآن عند مفترق طرق، ولا يفهم كيف يمكن عقد القمة بمناسبة اليوبيل في واشنطن. وليس من المعروف كيف يمكن إضفاء الطابع الرسمي على استراتيجية الناتو، التي تم اعتمادها مؤخراً في شكل مفهوم استراتيجي. يرى البروفسور أن عدداً كبيراً من الأسئلة ينعين أن تناقشها قمة واشنطن: كيف على الحلف أن يتصرف في فترة عدم اليقين الإستراتيجي، كيف يعاد توزيع العبء بين الولايات المتحدة وأوروبا، كيف يمكن زيادة إنفاق أوروبا في أوكرانيا إذا سبق أن قامت بذلك عبر الناتو، مسألة تخصيص نسبة 2% من الناتج الوطني لأغراض الدفاع الوطني ليست كافية لتحويل الإقتصاد إلى "إقتصاد حرب". يرى البروفسور أن القمة ستطرح مسألة إختيار خليفة للأمين العام الحالي لحلف الناتو، والذي يجب أن يحظى إسمه بإجماع كل الأعضاء. جمع مقولة تعزيز القدرات الذاتية مع مقولة تعزيز الدعم لأوكرانيا سيرفع التوتر داخل حلف الناتو. فالسؤال سيؤدي حتماً إلى طرح السؤال حول توجيه موارد الحلف لتعزيز قواه الذاتية، أم لتعزيز الدفاع الأوكراني الذي ينظر إليه كخط الدفاع الأول عن الحلف. 

 النائب الأول لرئيس الاتحاد الروسي للمحاربين القدامى الجنرال Vladimir Romanenko رأى أن مسألة قيام حلف الناتو حسمها تزايد نفوذ الإتحاد السوفياتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فالمساعدات المالية التي كانت تقدمها الولايات المتحدة  للبلدان الأوروبية كانت مشروطة بعدم تأييد البلد أو القوة السياسية المعنية أيديولوجية الإتحاد السوفياتي وأرائه. ورأى الجنرال أن المناورات التي يجريها الغرب في بحر البلطيق تبدو عدوانية للغاية. والمشهد العام عشية السنوية ال75 لحلف الناتو يخلق تهديداً لتطوير "علاقاتنا" مع الغرب التي تدهورت فعلياً إلى مستوى الصفر. 

موقع الخدمة الروسية في eurotopics الأوروبي الذي ينقل مقتبسات عن مختلف مواقع الإعلام الأوروبية، نشر في 5 الجاري نصاً نقل فيه عن الصحافة الأوروبية ما تراه من تحديات مستقبلية لحلف الناتو. 

نقل الموقع عن مطبوعة De Standaard البلجيكية قولها بأن جميع الدول الأعضاء في الناتو نسوا تقريباً كيف تخاض الحرب، وصناعة هذه البلدان لا تتكيف مع الواقع الجديد. والمشكلة تبقى في التمويل أيضاً، فقد إقتصدت هذه البلدان كثيراً في الإنفاق على الدفاع. وتغيير المسار ليس بالأمر السهل الآن، ولن يحدث من دون تحسين التعاون لضمان أقصى عائد على الاستثمار في المستقبل. والناتو يصطدم بمشاكل جيوسياسية جديدة: الشرق الأوسط يتحول إلى برميل بارود، وسلوك الحليف إسرائيل مثير للذهول، القارة الإفريقية تفقد الإستقرار ونفوذ المرتزقة الروس يتعزز هناك... الصين لا تسمح بالإسترخاء. 

نقل الموقع عن البوليتولوغ الأوكراني  PETRO OLESCHUK قوله على موقعه في الفايسبوك بأن الخطوط الحمراء هي علامة ضعف، ودعوته الولايات المتحدة إلى إظهار المزيد من الحزم. ويقول أن إدارة بايدن بسعيها الدائم إلى خفض التصعيد جاءت بخطر التصعيد إلى عتبة مبنى الناتو. 

موقع الخدمة الروسية في قناة التلفزة الأوروبية euronews نشر في 6 الجاري نصاً رأى فيه أن السنوية ال75 لحلف الناو هي مرحلة جديدة في التاريخ وتحديات ومخاطر جديدة. 

قال الموقع أن الإحتفال الرسمي بمناسبة اليوبيل أقيم في مقر الحلف في بروكسل بحضور وزراء خارجية الحلف، وتولى إدارة الإحتفال أمين عام الحلف ووزيرة الخارجية البلجيكية. وحرص منظمو الإحتفال على إحضار الوثيقة الأساسية لتأسيس الحلف من واشنطن، حيث تم التوقيع عليها في حينه. وناقش وزراء الخارجية في جلستهم الإحتفالية فكرة تأسيس صندوق مساعدة لأوكرانيا بمبلغ 100 مليار يورو على مدى 5 سنوات. 

قال الموقع بأن حلف الناتو هو المنظمة العسكرية الأكبر في العالم، تضم 32 بلداً ومسؤولة عن أمن أكثر من مليار إنسان. ونقل عن منسق برامج البكالوريوس في العلاقات الدولية في جامعة PORTO البرتغالية Thiago Andre Lopez قوله بأن تاريخ حلف الناتو مر بثلاث مراحل. المرحلة الأولى ـــــ من لحظة التأسيس حتى نهاية الحرب الباردة، وكانت مرحلة "النشاط العظيم"، وكان صاحب رسالة. فقد كان لديه أعداء ـــ بلدان حلف فرصوفيا والإتحاد السوفياتي. بعد نهاية الحرب الباردة فقد الحلف زخمه، ومن وجهة النظر البراغماتية، فقد معنى وجوده. لكن بعد أحداث القرم في العام 2014 أدركوا في الناتو أن الوقت حان للإنهماك بمسائل الأمن في أوروبا. 

يذكر الموقع بأن بوتين برر اجتياح القوات الروسية لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 بالخطر الصادر عن حلف الناتو. وينقل عن برفسور العلوم Marie Menderas قولها بأن كل هذا جزء من سرديته التاريخية الخاطئة. فلا يوجد أي تهديد على الإطلاق من الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة أو كندا، ومن الواضح أن اختيار بوتين تمليه الرغبة في شن حرب ضد أوكرانيا. واجتياح روسيا لأوكرانيا حفز عملية توسيع حلف الناتو ليضم فنلندا والسويد اللتين تخلتا عن حيادهما التقليدي.

يستدرك الموقع بالقول أن ليس كل شيء يجري بهذه السلاسة في تكتل البلدان القوي هذا. فقد أثار الهلع والنقاش الحاد تصريح المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترامب من أن الولايات المتحدة لن تدافع عن الحلفاء في حال وقوع هجوم عليهم، إذا لم يدفعوا مستحقاتهم. 





increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها