الثلاثاء 2017/03/07

آخر تحديث: 15:15 (بيروت)

موسكو:دوريات "تنهى عن المنكر"

الثلاثاء 2017/03/07
increase حجم الخط decrease

عرضت قناة "Alif" الإسلامية الناطقة باللغة الروسية ، وتتخذ الحرف العربي"أ" شعاراً  لها ، في 28 شباط/فبراير الماضي برنامجاً بعنوان "ستوب حَرام ، أنا مستعد للموت فداءاً للإسلام" ، يقدمه الشيشاني إسلام  إسماعيلوف . وتقول القناة في تعريفها للبرنامج ، بان إسماعيلوف يحاول "ان يقول لسكان المدينة (موسكو) ، أن تناول الكحول والتدخين في الأماكن العامة ، ليس أمراً منافياً للقانون وحسب ، بل هو مناف للأخلاق أيضاً" . ويبدأ إسماعيلوف برنامجه بتحية "السلام عليكم" بالعربية ، ويشير إلى أنه يتحدث من أكبر ساحات موسكو ، حيث "يمر من هنا يومياً مئات الألوف من الناس ، ومئات الألوف هؤلاء يرون كيف أن أبناء ديننا ، أو كما يسمون أنفسهم ، على الأقل، يخلون بقواعد الآداب والأخلاق ، وبالقواعد الدينية . فهم يتناولون الكحول ، ويزعجون الناس ، بل وغالباً ما يخيفونهم . وأتينا نحن إلى هنا لنحاول إقناعهم بألا يفعلوا هذا في المستقبل ، وندعوهم إلى دين "الله سبحانه وتعالى" (بالعربية) والمحافظة على قواعد الآداب الإنسانية العامة".

يرى مشاهد البرنامج ، إثر المقدمة ، كيف يتوجه إسماعيلوف بملاحظاته إلى رجلين يتناولان الكحول في مكان ما من الساحة ، ثم يتصدى بملاحظة لفتاة تمر بالقرب منه وهي تدخن سيجارة ، فترمي الفتاة سيجارتها ، إذعاناً لملاحظته، من دون أن تتوقف للحديث معه .  

تنتقل الكاميرا ، بعد ذلك، إلى تصوير حديث مطول مع مهاجر أوزبكي مسلم يحمل زجاجة فودكا فارغة ، ويتحدث الروسية بصعوبة . يسأله إسماعيلوف ، بلهجة مؤنبة ، ما إن كان قد تناول الكحول ، وما إن كان يعرف ان ذلك محرم دينياً . فيشرح له الأوزبكي الأربعيني الثمل ، بأنه يعرف جيدا أن ذك محرم ، "لأنني تعلمت العربية على مدى 12 عاماً" ، لكنه يبرر الأمر ،  بانه لم ير اسرته منذ ثلاث سنوات . فيجيبه إسماعيلوف ، بأنه لن يرى أسرته أبداً إن استمر بتناول الكحول ، وعليه أن يكف عن ذلك ويتوكل على الله العلي القدير (سبحانه وتعالى ، بالعربية) ليتوفر له أجر ويعود إلى ابنائه وينشئهم "على مخافة الله ". ويصدف أن يسمع الحديث مهاجر مسلم آخر كان يمر بالمكان ، فيتوقف ويدين الأوزبكي لتناوله الكحول ، مع معرفته بتحريم الدين لذلك ، ويقول ، مجهشاً بالبكاء (والله) "أنا على استعداد لتقديم حياتي فداءاً للإسلام".

في اليوم التالي 1 آذار/مارس الجاري لبث الحلقة الأولى من برنامج "ستوب حرام"، انتشر في المواقع الإلكترونية وأجهزة الإعلام الروسية المرئية والمكتوبة كافة خبر عن ظهور "دورية شريعة" في عاصمة روسيا ، على غرار تلك ، التي عرفتها لندن منذ سنوات، على قول وكالة نوفوستي. فقد ذكر موقع INSIDER الروسي ، أن إسلام إسماعيلوف ، مقدم الحلقة الأولى من برنامج "ستوب حرام" ، يقوم "بغارة على شوارع موسكو للكشف عن المسلمين ، الذين يخلون بقواعد الدين والأخلاق" ، ويقول "نحن جئنا إلى هنا ندعوهم إلى دين الله". وينقل عن رسلان خيبولوف ، المحامي والناشط الديني ، الذي رافق إسماعيلوف في الحملة ، بان مشكلة التدخين وتناول الكحول في الأماكن العامة أفضت إلى تزايد الخطيئة" .

وتحت عنوان " أصحاب نوايا طيبة يقومون بما لا يعنيهم " ، تقول صحيفة الكرملين "vzgliad" ، إن نشاط الشبان المسلمين ، الذين قرروا القيام في شوارع موسكو بالنضال ضد التدخين وتناول الكحول في الأماكن العامة ، لم يلق التفهم ، لا من جانب الروس العاديين ، ولا من جانب القادة المسلمين . وعلى الرغم من تأكيد المنظمين ، أن نشاطهم يحمل طابعاً مدنياً لا غير ، إلا أن الناس قد رأوا فيه "عدواناً و فرض قيم لا تخصهم" . وتنقل الصحيفة عن القيمين على قناة "Alif" ، التي تبث البرنامج ، رفضهم لتسمية "دورية شريعة" ، التي أطلقتها أجهزة الإعلام على الحلقة الأولى من "ستوب حرام" . ويقول هؤلاء ، إن موضوع تناول الكحول في الأماكن العامة ، هو واحد فقط من الموضوعات ، التي "يعاني منها مجتمعنا" ، والتي سيتناولها البرنامج في حلقاته التالية . لكن الصحيفة تذكر، أن "مجلس مفتيي روسيا" يدين البرنامج ، ويقول ، بأن البرامج المشابهة لبرنامج"ستوب حرام" ، "كفيلة برفع درجة التفرقة الدينية والقومية في مجتمعنا ، متعدد القوميات والأديان" .

من جهة أخرى يقول للصحيفة عضو مجلس تنمية المجتمع المدني وحقوق الإنسان لدى الرئيس الروسي ، بان "الدولة لا ينبغي  أن تتدخل ، طالما لم يصدر عن إسلام إسماعيلوف سلوك غير لائق ،  حتى الآن ، ولم يخرق القوانين ويدخل في شجارات. أما ، إذا حصل ذلك ، فسوف يكون من المناسب أن نتفاعل مع الأمر " .


أما مواقع التواصل الإجتماعي ، فقد انفجرت فيها موجة شجب شديدة تؤكد ، أن " البلطجية الملتحين سوف يسوقوننا عنوة إلى الأنظمة الإسلامية، و "لا يجوز إجبار الناس على المحافظة على القانون بمساعدة الدين ". وذهب البعض إلى اتهام الأجهزة الأمنية الروسية "بإعداد روسيا ، ليس لحرب أهلية ، بل لحرب دينية " . ويقول آخر في تعليق على مقالة " كتائب قوزاق ، دوريات إسلامية ! كل سنة يصبح الوضع في موسكو أقل أمناً" . ويعلق ناشط آخر بقوله " هذه الحثالة ينبغي سحقها في المهد... الكثير من المآسي يحمل هؤلاء المتعصبون للناس العاديين" . ويقول أحد المواقع " في بلدان المشرق العربي ثمة مسؤولية جرمية على التدخين وتناول الكحول في الأماكن العامة ، وتوجد شرطة شرعية مسؤولة عن الأمر ، أما في روسيا فلا وجود لمثل هذه القوانين" .

يعبر مقدم البرنامج عن دهشته واستنكاره لردة الفعل الشاجبة هذه ، ويقول لوكالة نوفوستي ، بأنه كان ينوي القول للناس ، بأنه يوجد بين المسلمين "رفاق واعون ، مستعدون للنضال ضد ما هو غير لائق وغير أخلاقي ويزعج الجميع ويؤذيهم ". ويتابع قوله ، بأن الإنترنت يفيض بالتعليقات الغاضبة ، لكن من الأفضل أن نريهم" أنظروا ، هذا هو الإسلام ، كما ينبغي أن يكون عليه" .

ويقول إسماعيلوف، أن ثمة مشاكل كثيرة تواجه المهاجرين المسلمين في موسكو ، ويشير إلى أن بعض المؤسسات الصحية توجد فيها قوائم تتضمن أسئلة ، مثل : هل تواصلت مع مشردين أو مع مواطنين من آسيا الوسطى أو مع كلاب ضالة . كما يشير مقدم البرنامج إلى أعلانات الشقق المعروضة للإيجار ، حيث تجد تعبير " باسثناء سكان القفقاز" .

ويقول الرجل ، بأن هذه كلها أمور خاطئة ، وجيد "أنهم ما زالوا حتى الآن لا يجلسوننا في آخر الأوتوبيس ، كما كانوا يفعلون سابقاً مع السود في أميركا" .  





 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها