الأربعاء 2023/09/06

آخر تحديث: 21:22 (بيروت)

"إم.تي.في" تختار مكافحة تجريم المثلية..رغم الهجمات والدعوات لمقاطعتها

الأربعاء 2023/09/06
"إم.تي.في" تختار مكافحة تجريم المثلية..رغم الهجمات والدعوات لمقاطعتها
increase حجم الخط decrease
اقتحمت قناة "أم تي في" سجال المثلية الجنسيّة والحريات في لبنان كمشاركٍ، حيث لم تكتفِ بنقل المشهد من بُعد. سارت القناة على مبدأ "الموضوعية لا الحياد"، واختارت خوض حربٍ، كانت تعلم أنها باهظة الثمن. 


بثت "أم تي في" فيديو ترويجياً يُؤازر حقوق مجتمع الميم عين، تحت عنوان "الحب مش جريمة"، يدعو لإلغاء المادة 534 من قانون العقوبات التي تجرّم المثليّة الجنسية، لا سيما أن مجموعة من النواب التغييرين والمعارضة دعوا إلى إلغاء هذه المادة. فيما تقدّم نوّاب آخرون بمشروع قانون لتجريم "الترويج للمثلية الجنسية"، منهم النائب أشرف ريفي، الذي أكّد في اتصالٍ مع "المدن" أنه فخور بمشروع القانون الذي تقدّم به ضد "الأفكار الغريبة عن مجتمعنا وعاداتنا". 

و"أم تي في" ليست القناة الأولى التي تُجاهر بدعمها للحقوق والحريات، إذ بثت قناة "أل بي سي" أيضاً تقريراً يدعم أفراد مجتمع الميم، ولم تسلَم من هجوم وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى. إلا أن "أم تي في" هي الأولى التي تقدّمت بخطوة، عبر نشر إعلان ترويجيّ، علماً أن القناة اكتفت بعرض الإعلان في موقع القناة ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، ولم يُعرض في الشاشة.  

الإعلان ترجمة لتصريحات البابا
تأتي خطوة "أم تي في"، وهي سابقة إعلامية تتخطّى التابوهات الاجتماعية السائدة، استناداً إلى تصريحات لبابا الفاتيكان فرنسيس، الذي قال في مقابلة حصرية مع وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press)، في كانون الثاني/يناير 2023، إن "المثلية الجنسيّة ليست جريمة"، منتقداً القوانين التي تجرّم هذه الممارسة، وواصفاً إياها بأنها "غير عادلة".

وأضاف البابا في مقابلته تلك أن "الربّ يحبّ كل أبناءه تماماً كما هم"، داعياً الأساقفة الكاثوليك الذين يدعمون القوانين المناهضة للمثليّة إلى التّرحيب بالمثليين في الكنيسة. 

كلام البابا كان واضحاً، تماماً كما السياق الذي قيل فيه، إلا أن البعض حرّف التصريح واعتبره مجتزءاً، ومنهم النائب ادغار طرابلسي. 


هذه الخطوة الجريئة للـ"أم تي في"، وعلى رغم أنها سُبقت بسقطات إعلامية عديدة للقناة، لا سيما في ما يتعلّق باللاجئين السوريين في لبنان وتغطية أحداث الكحالة، إلا أنها نقلت سجال المثلية الجنسيّة في لبنان إلى درجة مختلفة. بحيث أن الإعلام لم يعد ناقلاً للخبر، وإنما مشاركاً في صنعه وفي تشكيل الرأي العام حوله، وهو ما لم تجرؤ إلا منصات إعلامية مستقلة قليلة على فعله.  

وفق الإعلامية في قناة الـ"أم تي في" رنين إدريس، والتي أعدّت تقريراً عرضت فيه خلفيات حملة التحريض التي تواجهها القناة، فإن "الدفاع عن أفراد مجتمع الميم عين بالنسبة للقناة هو جزء من الدفاع عن الحريات بالمطلق". وأضافت إدريس لـ"المدن" أن "الإعلان أتى من منطلق منع التجريم وليس للتشجيع على المثلية". 

كما أشارت الإعلامية إلى أن زملاء لها تعرّضوا لتهديدات مباشرة، وهدّد أصحاب "الساتلايت" القناة بقطع البث في عدد من المناطق، حتى انها أكّدت لـ"المدن" أن البثّ قُطع بالفعل في أحياء بيروت وضواحيها.  

الـ"أم تي في" في دائرة الاستهداف
وضع الإعلان الجريء قناة "أم تي في" في دائرة الاستهداف مرّة جديدة. فبعدما شنّ رجال دين وشخصيات عامة ومؤثرون وناشطون حرباً على الجمعيات الداعمة لقضايا حقوق الإنسان، ومنها المثلية الجنسية، ومن ثم على إعلاميين وفنانين داعمين لمجتمع الميم عين، جمع هؤلاء قواهم لمحاربة القناة الأخيرة بخطاب كراهية تحريضي، وصل إلى حدّ المقاطعة وتهديد العاملين فيها. كل ذلك أُرفق بوسم "قناة الشذوذ" الذي تصدّر في الساعات الأخيرة موقع "أكس".
 

المفارقة الأولى أن "أم تي في" لم تلقَ دعماً إعلامياً من قنوات تقليدية يُفترض أنها داعمة للقضايا الحقوقية والإنسانية. والمفارقة الثانية أن ضمائر الغيارى على المجتمع والدين وقيم الأسرة لم تتحرّك على قضية الطفلة لين طالب، التي اغتصبها خالها وشاركت أسرتها في التستّر على الجريمة. كما أن تلك الضمائر لم تتحرّك أيضاً على جرائم قتل وتعنيف النساء شبه اليومية، ولا على جرائم السلطة من الانفجار إلى الانهيار وسرقة أموال المودعين وغيرها. لم تستفق تلك الضمائر، ولم تتوحّد، إلا على "خطرٍ داهم" اسمه المثليّة الجنسية.    
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها