الثلاثاء 2018/02/06

آخر تحديث: 15:43 (بيروت)

الخارجية الاسرائيلية تستضيف صحافيَين.. لبناني وسوري

الثلاثاء 2018/02/06
الخارجية الاسرائيلية تستضيف صحافيَين.. لبناني وسوري
increase حجم الخط decrease
كما لو أنه إنجازٌ سياسي ضمن سلسلة انتصاراتها المزعومة على صعيد وفود التطبيع، انتهزت الصفحة التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية في فايسبوك الفرصة للتفاخر بإستضافة ما قالت إنه وفد إعلامي عربي مكون من تسعة أشخاص جاء زائراً لإسرائيل تلبية لدعوتها، فنشرت صورة للوفد الذي يضم 5 مغاربة، لبناني، كردي عراقي، يمني، وسوري.

المتابعة الخبرية من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلي المختلفة للزيارة التطبيعية التي دخلت يومها الثالث تكاد تكون مفقودة، فلم ترصد "المدن" أي خبر أو تقرير يتحدث عنها حتى لحظة إعداد التقرير، باستثناء برنامج شبابي ساخر على القناة الثانية الإسرائيلية اسمه "اناشيم" (أي الناس)، والذي تطرق، ليل الإثنين، إلى الزيارة ليسخر من وزير الإتصالات الإسرائيلي ايوب قرا، الذي بشّر في وقت سابق بزيارة تطبيعية من العيار الثقيل، لينقل البرنامج عن اعضاء الوفد التطبيعي قولهم "إنهم لا يعرفون ايوب قرا وأنهم لم يأتوا عن طريقه"، كما أن البرنامج أشار إلى أن الوفد عبارة عن مجموعة اعلاميين عاديين.
ومما علمته "المدن"، إثر متابعات ورصد لطبيعة وماهية هذا الوفد في ظل شح المعلومات حول الزيارة التطبيعية، أن أعضاء الوفد العربي لم يأتوا جميعاً من بلدانهم الأم. وباستثناء المغاربة الخمسة الذين جاءوا من بلدهم إلى تل ابيب مباشرة، فإن السوري أتى بجواز سفر سويدي، واللبناني من الولايات المتحدة، وكذلك الحال بالنسبة إلى لكردي واليمني اللذين جاءا من أوروبا.

ووصل الوفد إلى الدولة العبرية، الأحد، وتستمر زيارته خمسة ايام، إذ تنتهي الخميس، حيث أمضوا نصف يومهم، الإثنين، في مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية، فتعرضوا إلى ما وصفه مراقبون بـ"عملية غسل أدمغتهم" عند لقائهم العديد من المسؤولين هناك والذين بثوا لهم معلومات ووجهة نظر على المقاس الإسرائيلي مئة في المئة.

الحكاية بدأت قبل نحو عام ونيف، عندما تعرف الناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي حسن كعبية، على الأشخاص التسعة عبر صفحته في فايسبوك، فأصبحوا أصدقاءه، لتبدأ عملية اقناعهم واغرائهم لإجراء زيارة رسمية إلى إسرائيل، إذ تكفلت وزارته بتغطية الزيارة من ألفها إلى يائها.. بدءاً من تذكرة الطيران، مروراً بإقامتهم في فنادق، وطعامهم وشربهم، والتكفل بوضع برنامج كامل لزيارتهم تُحدد فيه الأماكن والمؤسسات التي سيذهبون إليها، والشخصيات التي يلتقونها، بما يحقق الغاية من استقدامهم، ألا وهي "رؤية إسرائيل الحقيقية"، على حد زعم حسن كعبية الذي يُكلّف باستقدام الوفود العربية إلى تل أبيب.

ويدّعي كعبية أن "الهدف من هذه الزيارة كمثيلاتها من قبل هو أن يروا أن إسرائيل ليست كما يرونها عبر الآلاف من وسائل الإعلام العربية والفضائيات المُضلِّلة.. بل سيرون التعايش وكل شيء".

ويُجمع صحافيون كبار وواسعو الإطلاع أنهم عندما نظروا إلى وجوه اعضاء الوفد في الصورة وتفحصوها، لم يتمكنوا من معرفة أي منهم، ورجحوا لـ"المدن" أنهم صحافيون وإعلاميون ليسوا بارزين ولا مشهورين.

 لكن، ومع ذلك تولي إسرائيل أهمية كبيرة لمثل هذه الزيارات حتى لو كانت لأشخاص على مستوى متدن، فهم يعتمدون على نظرية "التدحرج"، وهذه الزيارات ستُشجع المترددين- من وجهة نظرهم- وتفتح الباب تراكمياً امام مزيد من تعبيد الطريق لهذا النوع من الزيارات التي تخصص الخارجية الإسرائيلية ميزانية ضخمة لها.. وهي تجري محاولات كثيرة لاستقدام المزيد من زيارات التطبيع بغية إظهار صورة أخرى لإسرائيل (طبعاً مُزوّرة)، غير التي يعرفونها.

وبحسب المعطيات المتوافرة، فإن الخارجية الإسرائيلية تمكنت على مدار سنوات ثلاث من استقدام 6 زيارات علنية لوفود عربية مُطبّعة، تنوعت بين أكاديمية وفنية وصحافية وسياسية.

لكن هذا الرقم لا يحتسب الزيارات التطبيعية السرية والتي لا يُعلن عنها لأسباب معروفة، لا سيما تلك المتعلقة بشخصيات دبلوماسية وأمنية عربية او رجال أعمال يأتون بشكل متكرر إلى الدولة العبرية، الأمر الذي يفسر صخامة الموازنة التي ترصدها الخارجية الإسرائيلية لها.
والواقع، أن خارجية الإحتلال تطمح في أن تتمكن من استقدام ثلاثة وفود عربية إلى إسرائيل خلال عام 2018، أحدهما من الأردن وآخر من مصر، للغاية ذاتها. غير أنه لا يُعرف ماهية وطبيعة هذه الوفود المرتقبة.

وينظر فلسطينيو 48 بعين الغضب الشديد إزاء هذا النوع من الزيارات التطبيعية العربية، فهم يؤكدون على انها غير مقبولة ومُدانة، ويظهر ذلك جلياً سواء مما ينشرونه عبر مواقع التواصل الإجتماعي في مثل هذه المناسبات او تصديهم للوفود في الطرقات أو الجامعات الإسرائيلية التي يأتون إليها، وحصل في أكثر من مرة أن حاول فلسطينيون التصدي لعدد من العرب المطبّعين حينما كانوا يلحظوهم في الشوارع او الأماكن العامة.

ويؤكد اعلامي من داخل الخط الأخضر لـ"المدن" أن فلسطينيي الداخل يتابعون تحركات هذا الوفد عن كثب، للتصدي له حينما يزور القدس والناصرة وحيفا وعكا.
بَيدَ أن السؤال الذي يطرح نفسه في خضمّ الجهد الإسرائيلي المبذول على صعيد زيارات التطبيع، هل تحقق الهدف المنشود؟ 

في هذا السياق، يقول باحثون بالشأن الإسرائيلي لـ"المدن" إنه بالرغم من الجهد المُكثف الذي تبذله إسرائيل منذ فترة ليست بالقليلة وما تشكله من ضرر معنوي محدود لقضية فلسطين، إلا أن نتائجها قريبة جداً من الصفر؛ لأنه في نهاية المطاف أي من العرب سواء كانوا مطبعين أم لا، فإنهم لا يستطيعون بيع القضية الفلسطينية، ليس خوفاً من الفلسطينيين وإنما من شعوبهم.

عدا عن ذلك، فالحقيقة تتكلم من تلقاء نفسها، فإسرائيل مهما اتبعت نظرية "اكذب ثم اكذب، حتى تصدق الكذبة" وخصصت أموالاً طائلة لذلك، إلا أن المثل العربي القائل "شو بدها تعمل الماشطة بالشّعر العِكش"، يحسم الأمر، لأن أي عربي جاء مُطبّعاً إذا ما اراد أن يخرج عن برنامج زيارته الذي حددته له "الخارجية الإسرائيلية" ويلتقي بفلسطينيين وغيرهم، سيلمس حجم العنصرية الإسرائيلية وإرهاب الإحتلال الذي تجاوز كل الخطوط الحمر. فهل ينتظر العربي المُطبّع من وزارة يتزعمها مستوطن يميني ومتطرف مثل افيغدور ليبرمان "ان يُفصّل له الحقيقة مثلاً ويتحدث معه بمنطق مُنفتح لا أيدولوجي"؟!.

هذا النمط من العمل السياسي الإسرائيلي المتمثل باستقدام المزيد من زيارات التطبيع العربية، يلقى فشلاً ذريعاً حتى الآن، فليس مهماً ما تقوله الماكينة الإعلامية الإحترافية لإسرائيل، بل ما هو سلوكها؟.

 هذا الوفد الذي يواصل زيارته لإسرائيل، فإنه إلى جانب لقائه بوزراء وأعضاء كنيست يهود، سيذهب لزيارة الناصرة وحيفا وعكا والأماكن المقدسة، وسيصطدم بكل الوقائع ولا بد ان يلتقي فلسطينيين ويلمس مواقف حقيقية. لكن هذا السيناريو مُستبعد؛ ذلك ان الخارجية الإسرائيلية لن تسمح له بالتواصل مع فلسطينيين من شأنهم ان ينقلوا لهم صورة مختلفة، وإلا فجهدها يكون قد ذهب هباء منثوراً. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها