الأحد 2018/01/07

آخر تحديث: 17:21 (بيروت)

#المهد_لن_تخون.. قالوا لثيوفيلوس الثالث الذي باع أراضي لإسرائيل

الأحد 2018/01/07
increase حجم الخط decrease
غاب التجييش الإلكتروني والتحشيد في مواقع التواصل الاجتماعي التي عبر فيها الفلسطينيون عن احتجاجهم ورفضهم دخول البطريرك اليوناني ثيوفيلوس الثالث الذي يعتلي كرسي الطائفة الأرثوذوكسية، دخول كنيسة المهد في بيت لحم، بمجرد أن حطّ موكبُه أرضها، السبت، فيما واكبت المواقع الإلكترونية الحدث بتغطية موسعة سابقة ولاحقة للحدث، في مشهد نادر ضمن الحدث الفلسطيني المتشنج عموماً.


وكانت عبارة "البطريرك خاين برا..هالكنيسة حرة حرة"، شعاراً موحداً هتف به مسيحيون ومسلمون فلسطينيون للتعبير عن احتجاجهم ورفضهم، وهي العبارة التي ارتكزت عليها وسائل الإعلام التي تابعت الحدث لكونها تختزل عُمق الغضب الشعبي من البطريرك اليوناني المتهم ببيع وتسريب وتأجير أراضٍ ومتلكات كنسية أرثوذكوسية لصالح إسرائيل.

والحال أن المشهد جديد تماماً ويحدث لأول مرة في الأراضي الفلسطينية المقدسة، وذلك بأن يرفض آلاف المسيحيين استقبال البطريرك، كما جرت عليه العادة سنوياً لإقامة الشعائر والصلوات إيذاناً واحتفاء بعيد الميلاد المجيد وفق التقويم الشرقي. حيث لاقوه بالأحذية والبيض، وسط حماية مشددة له فرضتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في محيط موكبه؛ فيما تعالت الأصوات المطالبة بإقالته أو استقالته حماية للكنيسة الأرثوذكسية.

ولعلّ السبب في رفض هذه الزيارة من البطريرك ثيوفيلوس الثالث نابع من تورطه في تسريب وبيع أراضٍ وممتلكات وقفية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية وتأجير أخرى للاحتلال، سواء في القدس أو داخل أراضي 48.

ووقف الفلسطينيون، مسيحيين ومسلمين، صفاً واحداً واستبقوا الزيارة بدعوات غير مؤثرة في "فايسبوك" و"تويتر"، لمقاطعة البطريرك ومنعه من دخول كنيسة المهد باعتباره "خائناً"، حيث كان حجم الحدث على الأرض وردة الفعل الشعبية هناك أكبر بكثير من الدعوات الإلكترونية، كالاشتباكات التي حصلت بين المحتجين وأفراد الأمن الفلسطيني إثر محاولتهم اعتراض الموكب وإلقاء البيض والأحذية عليه.

وتركّزت التفاعلات الغاضبة في السوشيال ميديا مِن البطريرك ومَن حماه من السلطة الفلسطينية تحت هاشتاغ #المهد_لن_تخون (الأعلى تداولاً)، فانتشرت صور لبعض السيارات التي كانت في الموكب وقد تكسر زجاجها باستثناء سيارة البطريرك التي كانت مصفّحة حيث كساها البيض والأحذية التي ألقاها المحتجون الغاضبون عليها.

في السياق، غرّدت الفلسطينية المسيحية نيفين حزبون، الابنة العشرينية لبيت لحم في "تويتر": "اليوم استقبلنا البطريرك غير المستحق ثيوفيلوس باجمل العبارات. رددنا بأعلى صوت: البطريرك خاين عميل.. البطريرك عميل الاحتلال. عليه ان يعلم ان بيت لحم ارض مقدسة لا نريدها ان تتدنس بمجيئه"، فيما نشرت صمود، ابنة الأسير وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، عبر صفحتها الشخصية في "فايسبوك" صورة للناشطة رلى أبو دحو وهي تلقي حذاء على موكب البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وعلقت عليها: "بالجزم والأحذية يُستقبل الخونة والعملاء. وهكذا استقبلت رفيقتنا الرائعة رلى أبو دحو #العميل_ثوفيلوس. رلى وحذائها قصة نضال لا تنتهي".

وبالنظر إلى خطاب المجالس والمؤسسات الأرثوذوكسية في الأراضي الفلسطينية فقد توحدت وتناغمت مع مجمل المواقف الفلسطينية المختلفة في رفض استقبال البطريرك، بعدما ظهرت وثائق كشفها موقع "ويكيليكس" لتؤكد معلومات وردت في برتوكولات إسرائيلية، وتقدم "مادة دسمة جداً" عن التدخل الدولي السياسي وخاصة الأميركي، في شؤون البطريركية اليونانية في القدس، بتشجيعها على تسريب ممتلكات لإسرائيل، مقابل امتيازات من بينها الاعتراف بها.

وكان عضو المجلس المركزي الأرثوذوكسي في الأردن وفلسطين أميل الغوري، من بين كثر قد عبروا عن هذا الخطاب الذي لا يُهادن في مسألة "الخيانة"، وإن كانت في سياق مزاعم وبورتوكولات صادرة من جهة بعينها حتى اللحظة. وقال الغوري لـ"المدن" أن تسريبات "ويكيليكس" هي تأكيد لوثائق سابقة صدرت عن بروتوكول الاعتراف الإسرائيلي بالبطريرك، ولعل الخطورة تتعلق بشكل خاص بصفقة "باب الخليل" في القدس العتيقة التي تنازل بموجبها البطريرك عن ارض وقفية كنسية أرثوذوكسية.

ويوضح الغوري أن الوثائق تتحدث أيضاً عن بيع أملاك أخرى في أراضي 48، فضلاً عن صفقة حديثة لبيع أكثر من 500 دونم في الرحابية والطالبية غربي القدس، لكن الحجم الإجمالي لما تم تسريبه لصالح إسرائيل غير معروف تحديداً، لأن أي جهة رسمية لم  تفرج عن كل المعلومات، وحقيقة ماجرى.

يذكر أن نسبة أراضي البطريركية الأرثوذوكسية في عموم فلسطين تبلغ حوالي 8%، حيث تعد الملّاك الثاني للأراضي بفلسطين، ولديها أيضاً أملاك داخل الخط الأخضر إضافة للقدس، منها عشرات الدونمات على شواطئ طبرية ويافا، عدا عن امتلاك الكنيسة لاكثر من  1000 دونم في قيسارية في الداخل.

لكن الغوري يبين أن مسألة البيع غير مرتبطة فقط بشخص البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وإنما هي عملية متراكمة منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (بطريرك وراء بطريرك) وتعمقت بعد اقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين ولا سيما خلال خمسينيات القرن الماضي.

ولذلك فإن قضية بيع ممتلكات تعود للكنيسة الأرثوذوكسية معقدة ولها اكثر من جانب، بعضها له علاقة بالاعتراف الإسرائيلي بالبطريريكة الأرثوذوكسية والكرسي الأعلى في الأراضي المقدسة، وبعضها مرتبط بفساد مالي، علاوة على جانب متعلق بالضغوط السياسية والحمايات. بيدَ أن الجزء المهم جداً في هذا السياق هو أن هناك تفريطاً بالأراضي العربية الأرثوذوكسية للاحتلال بما يعزز تهويد كافة الأراضي الفلسطينية.

في المقابل، بقيت لهجة خطابات الكرسي الأعلى للبطريركية الأرثوذوكسية الإعلامية مموهة مع كثير من التعمية من جانب، والدفاع عن البطريرك والتسويق له عبر عدد كبير من الموظفين المحيطين به من جانب آخر، من دون ضحد الاتهامات بوثائق ملموسة من شأنها أن تُقنع الرأي العام المسيحي خاصة والفلسطيني والعربي عامة.

يُشار إلى أن كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث (66 عاماً)، هو بطريرك المدينة المقدسة وسائر فلسطين وسوريا العربية والأردن وقانا الجليل، وهو البطريرك الأرثوذكسي الـ 141 على "كرسي أورشليم". وانتخب بطريركاً بالإجماع في التاسع من آب/أغسطس 2005. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها