الخميس 2017/08/17

آخر تحديث: 18:50 (بيروت)

رحلت فدوى سليمان.. مع زمن الثورة الجميل

الخميس 2017/08/17
رحلت فدوى سليمان.. مع زمن الثورة الجميل
increase حجم الخط decrease
كانت الممثلة السورية فدوى سليمان، التي فارقت الحياة في العاصمة الفرنسية باريس، صباح الخميس، أحد أبرز الوجوه الجميلة التي أفرزتها الثورة السورية السلمية. ومع الحزن الذي يغمر مواقع التواصل الاجتماعي على البطلة التي قادت المظاهرات الحاشدة في مدينة حمص قبل ست سنوات، يبدو التوقيت الذي رحلت فيه سليمان، إثر صراع مع مرض السرطان، لافتاً لتزامنه مع الأيام الحالية التي تحتضر فيه أيام الثورة السورية بالنسبة لكثيرين.




سليمان التي لم تنل شهرة كبيرة كممثلة، رغم موهبتها، باتت العام 2011 رمزاً للمعارضة السلمية، وتغيرت حياتها منذ اللحظة التي هتفت فيها للمرة الأولى ضد نظام الأسد في الشوارع والساحات، وباتت أيامها منذ تلك اللحظة مرآة يمكن من خلالها رؤية حالة الثورة الحالية، وحالة البلاد برمتها، بداية من الحماس الجميل والرغبة الجارفة في التغيير نحو الديموقراطية وحقوق الإنسان، إلى التهجير القسري مع اضطرار سليمان لترك البلاد واللجوء في فرنسا العام 2012، في فترة كان فيها النظام السوري مروعاً على مستوى الاعتقال والقتل والمضايقات للنشاطين المعارضين، قبل تحول الثورة نفسها إلى الأسلمة والعسكرة.


ومع اللجوء والبعد عن البلاد وتحول الثورة إلى حرب أهلية متداخلة مع حرب بالوكالة بين قوى إقليمية ودولية، بات صوت سليمان التي لم تتراجع عن مواقفها المبدئية، رمزاً لذلك الزمن الجميل الذي أعطى أملاً للملايين بإمكانية التغيير، فعملت في عدد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية المعارضة، أبرزها بلا شك مسلسل "أمل" وسلسلة "بسمة صباح" الإذاعية مع راديو "روزنة".


وخلال العامين الأخيرين، بدا واضحاً أن سليمان (47 عاماً) تميل لليأس والحزن العميقين مع خطاب منفصل عن الواقع وقائم على الشعارات يميز النخب الثقافية المعارضة التي أفرزتها الثورة عموماً، وتحديداً في مبادرة "نسكن" السياسية التي طرحتها العام الماضي في مقطع فيديو طوباوي أقرب للأمنيات ويعج بالنوستالجيا لأيام الثورة الجميلة.


وعكست سليمان في نشاطاتها الأخيرة حالة العجز التي تغلب على مثقفي الثورة الأوائل، الذين لم يحملوا أي سلاح ودعوا منذ اليوم الأول للحرية والمدنية وإنهاء العنف، ولم يساعدهم الواقع في تحقيق نواياهم الطيبة إلى حقائق، والذين رغم كل انفصالهم عن الواقع وتغييبهم عن المشهد الإعلامي والفني، يبقون أفضل بكثير من فناني النظام الذين حملوا السلاح وقاتلوا في صفوف الميليشات أو دافعوا بكلماتهم عن المجازر بحق المدنيين.



ولدت سليمان في مدينة حلب وكانت تنتمي للطائفة العلوية التي ينحدر منها النظام السوري، ما أكسب انضمامها لصفوف الثورة منذ أيام الأولى زخماً كبيراً، حين كانت تتصدر وسائل الإعلام وتقود التظاهرات إلى جانب حارس مرمى منتخب سوريا سابقاً عبد الباسط الساروت، قبل أن تقود مظاهرات بارزة في قلب العاصمة دمشق، بداية من تظاهرات واعتصامات ساحة عرنوس النسائية، إلى أحياء مدحت باشا والحريقة.



تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية وتخصصت في الأعمال المسرحية والسينمائية والدوبلاج مع ندرة ظهورها في الأعمال التلفزيونية. لكن نقابة الفنانين السوريين طردت سليمان وجردتها من عضويتها في النقابة إلى جانب عشرات الفنانين المعارضين الذين رفضوا أن يكونوا أداة لتلميع صورة النظام السوري عبر الفن، وانحازوا لحرية التعبير ضد الظلم والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق الشعب السوري.



وشاركت سليمان في الفيلم السينمائي "نسيم الروح"، ولها في التلفزيون مجموعة من الأعمال أبرزها، "الشقيقات"، "يوميات أبوعنتر"، "آخر أوراق العيد"، "هوى بحري"، "طيبون جداً"، "الحصاد"، "صرخة في ليل طويل"، "أنشودة المطر"، و"نساء صغيرات"، علماً أن نشاطاتها الإبداعية لم تقتصر على التمثيل، بل أصدرت أيضاً عدداً من الكتب والدواوين الشعرية، منها نص مسرحي بعنوان "العبور" الذي ترجم للغة الفرنسية وطبع في دار "لانسمان" العام 2012، وديوان "كلما بلغ القمر" المنشور عن دار "الغاوون" بالعربية العام 2013 قبل أن تترجمه دار "سوبراي" إلى اللغة الفرنسية العام 2014.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها