الخميس 2017/06/01

آخر تحديث: 13:59 (بيروت)

"سبوتنيك" تصوغ خطاب المعارضة الإيطالية المناهضة للديموقراطية

الخميس 2017/06/01
"سبوتنيك" تصوغ خطاب المعارضة الإيطالية المناهضة للديموقراطية
increase حجم الخط decrease

يبدو أن الدعاية الروسية، والسياسة التي يتبعها الكرملين من أجل تفكيك الاتحاد الأوروبي، وجدت متكأ مريحاً لها، في إيطالياً التي يمكن اعتباراه الخاصرة الضعيفة الرخوة للاتحاد الأوروبي، مستغلة الفراغ الأميركي في روما من أجل دعم حركات مناهضة للديموقراطية في البلاد.

وتلعب وكالة "سبوتنيك" الممولة من الكرملين، دوراً محورياً في هذه العملية، حيث باتت المواقع الإلكترونية التابعة لحركة "فايف ستار"، وهي واحدة من الأحزاب المعادية للنظام "Anti-Establishment" الأكثر شعبية في إيطاليا، تنشر منشورات مأخوذة بالكامل من "سبوتنيك إيطاليا"، وهي النسخة الإيطالية من وكالة الأنباء الروسية الممولة من الدولة، كما باتت مقتطفات من الوكالة الروسية تظهر في خطابات قادة الحركة، إلى درجة اشتكى معها رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي سراً لمسؤولين أوروبيين حاليين وسابقين، من التدخل الروسي في سياسة بلاده من خلال دعم الأحزاب المناهضة للمؤسسة الديموقراطية. حسبما تشير تقارير غربية.

ويمكن تتبع خطاب "فايف ستار" تاريخياً، إذ كان التحول المفاجئ في موقفها العام 2014، حين انتقلت الحركة فجأة من منتقد عالمي بارز لسياسات الكرملين فيما يخص حقوق الإنسان إلى الدفاع عن بطولة الرئيس فلاديمير بوتين وقياديته للعالم الجديد، وهو الوقت الذي باتت فيه منصات الحركة الإعلامية وخطابات قادتها تقتبس من "سبوتنيك، وأثار ذلك شكوكاً بين مسؤولين حكوميين أوروبيين وأميركيين من أن الحركة باتت تتلقى مساعدى مادية مباشرة من الكرملين، وهو ما تنفيه الحركة بشدة عموماً.

وفيما يقدم السياسيون التقليديون مثل رئيس الوزراء باولو جينتيلوني والرئيس سيرجيو ماتاريلا تصريحات ودية تجاه روسيا، إلا أن التحذير المنطقي الأبرز يأتي من حركة "فايف ستار" تحديداً، لأنها تتصدر استطلاعات الرأي في البلاد، حيث تواجه إيطاليا احتمال إجراء انتخابات أواخر العام الجاري. على خلفية دعوة الحركة إلى إجراء استفتاء عام حول بقاء إيطاليا في منطقة اليورو، بموازاة دعوتها إلى إنهاء العقوبات الإيطالية - الأوروبية المفروضة على روسيا، وإلى التحول الجيوسياسي بعيداً عن الولايات المتحدة نحو روسيا، وذلك عندما كشف قادة الحركة مؤخراً عن برنامج سياستهم الخارجية في البرلمان الإيطالي، معتبرين روسيا شريكاً استراتيجياً تمت معاقبته على نحو غير عادل وأن الولايات المتحدة كانت حليفاً سيئاً لروما لأكثر من 70 عاماً.

وكانت إيطاليا في السابق، تضم أكبر حزب شيوعي خارج الكتلة السوفييتية السابق، وتعتبر برأي كثير من المحليين الغربيين نقطة ضعف واضحة في الاتحاد الأوروبي، ويزداد ذلك الضعف مع الفراغ الأميركي الحاصل مع عدم تعيين إدارة الرئيس دونالد ترامب سفارة لها في روما، وهو فراغ يستغله السفير الروسي هناك سيرغي رازوف على أكمل وجه، بسلسلة من النشاطات والحملات لبناء علاقات وطيدة مع السياسيين الإيطاليين، إضافة إلى نشاطات إلكترونية وإعلامية، فضلاً عن إقامة حفلات موسيقية لصالح ضحايا الزلازل في البلاد وزيارة مسؤولين إيطاليين إقليميين الذي يرون أن العقوبات على موسكو غير عادلة ويطالبون برفعها، حسبما تؤكد صحيفة "نيويورك تايمز".

ويتخوف العديد من المسؤولين الإيطاليين والأوروبيين والأميركيين، الحاليين والسابقين، من أن روسيا سوف تستخدم كثيراً من أنواع التأثير خلف الكواليس، عبر الضخ المشوش في وسائل الإعلام، بشكل مشابه لما قامت به في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، وذلك من أجل خلق ميل في إيطاليا نحو روسيا، وهو توجه قد يكون شديد التأثير لأنه لن يعتمد فقط على فكرة "الأخبار الكاذبة" و"الحقائق البديلة" كما هو حال الضخ الروسي تجاه دول أخرى، على خلفية قيام الكرملين علناً بنشاطات دبلوماسية مباشرة ومتبادلة مع إيطاليا، بما في ذلك استقبال الرئيس بوتين لرئيس الوزراء جينتيلوني في وقت سابق الشهر الجاري وكذلك الرئيس ماتاريلا قبل أسابيع قليلة.

وإن كان الضخ الروسي تجاه إيطالياً بدأ العام 2014، فيمكن بالفعل رؤية آثار المحاولات الروسية للتأثير على سياسات روما، فالسياسيون الايطاليون أصحاب الأداء المهزوز بمختلف الأطياف السياسية منذ زمن بعيد، والذين يلقون بالاً للعلاقات التجارية والصفقات في مجال الطاقة على حساب السياسة، باتوا اليوم يتذبذبون أكثر من أي وقت مضى فيما يخص الخط المتشدد الذي يتخذه الاتحاد الأوروبي تجاه موسكو منذ استيلاءها على الأراضي في أوكرانيا العام 2014، وهو نهج كانت عرابته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت أصلاً بمثابة حلقة الوصل الأساسية بين الاتحاد الأوروبي والكرملين، قبل أن تتآكل علاقتهما بسبب التدخل الروسي في أوكرانيا، ما خلق شرخاً يحاول الإيطاليون التدخل فيه من أجل بناء علاقات مالية فقط مع موسكو، وهو ما قد يكون له أثر مدمر على الاتحاد الأوروبي في المجمل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها