الثلاثاء 2017/02/14

آخر تحديث: 18:34 (بيروت)

سقوط فلين: الإعلام الأميركي ينهض من كبوَته

الثلاثاء 2017/02/14
سقوط فلين: الإعلام الأميركي ينهض من كبوَته
"واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز".. بالمرصاد! (غيتي)
increase حجم الخط decrease
"الطريق الطويلة نحو إطاحة دونالد ترامب باتت أقصر"، عنوان تصدر موقع "هافينغتون بوست" الأميركي، والذي أتى معبّراً عن الجدل السائد في معظم وسائل الإعلام الأميركية، بل يمكن القول إنه مؤخراًَ بات شغلها الشاغل، من خلال نقاش يومي حول محاولة الوصول إلى الوسيلة التي تحدد كيفية سحب الثقة والشرعية من الرئيس الذي وصفته بأنه "جلب الفساد إلى البيت الأبيض"، وهو ما اعتبره "هافنغتون بوست" تسارعاً للزخم الهادف لحجب الثقة عن الرئيس ترامب، ووافقته في رؤيته صحيفة "بوليتيكو" بتأكيدها على إمكانية الرهان على هذا الهدف، مشيرة إلى احتمال حصوله قبل إكمال ترامب عامه الثاني في البيت الأبيض، شرط تكاتف الأميركيين ضدّه بشكل جماعي.

المتابع للسجال الدائر في الولايات المتحدة حول مصير ترامب، يُدرك أن الموضوع أكثر من مجرد كلام أو فقاعات في الهواء، وذلك من خلال استشعار القلق الجدّي السائد. إذ أظهرت استطلاعات الرأي ميل 46% من الناخبين المسجّلين إلى سحب الثقة من ترامب، بعدما كانت النسبة حول الموضوع نفسه لا تتعدى 35% قبل أسبوعين فقط. الأمر الذي يؤكّد على نهوض الإعلام الأميركي من كبوته، مستعيداً دوره المهم الذي دأب عليه، لناحية تأثيره في تشكيل الرأي العام، والذي تتنامى قناعاته بأن أفعال ترامب ليست مجرّد سقطات وهفوات بل هي فضائح وقضايا كبرى يجدر التصدّي لها، تحقيقاً للمصلحة الأميركية العليا.

وعلى وقع صفعة جديدة وجهها الإعلام الأميركي لإدارة ترامب، استفاق الشعب الأميركي اليوم على خبر استقالة مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأميركي، بعد 24 يوماً فقط على تبوئه هذا المنصب، إثر فضيحة فجرتها صحيفة "واشنطن بوست"، التي نشرت تحقيقاً كشف عن قيام فلين يوم 29 تشرين الثاني/ديسمبر الماضي، وفي عزّ الحملة الانتخابية للرئيس ترامب، باتصلات مع السفير الروسي، سيرغي كيسلياك، مباشرة بعد إعلان أوباما فرض عقوبات جديدة على روسيا على خلفية فضح تدخلها في الانتخابات الأميركية.

فلين الذي تحدث إلى السفير الروسي عن إمكانية قيام إدارة ترامب، برفع العقوبات الأميركية عن روسيا في حال وصول الأخير للرئاسة، يجعل منه، بحسب "واشنطن بوست"، ساعياً لمحاولة تقويض سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، خصوصاً أن فلين وقتها كان مجرّد مواطن أميركي ولا يحتلّ أي منصب رسمي، ما يجعل من فعلته تجاوزاً صارخاً لقانون "لوغان"، الذي يحظر على أي مواطن أميركي لا يتمتّع بمنصب رسمي من التواصل مع جهات أجنبية وتداول شؤون السياسة الخارجية الأميركية، وما يجعل فلين الأميركي الأوّل الذي تُساق إليه الاتهامات بخرق هذا القانون، منذ إقراره، والعمل به قبل أكثر من 200 عام.

وقبل نشر التقرير بيوم واحد، نفى فلين أن يكون قد تطرق في حديثه مع السفير الروسي إلى موضوع العقوبات، إلا أن الصحيفة أكّدت كذبه، من خلال استصراحها تسعة مسؤولين سابقين وحاليين، كانوا على علمٍ وإطلاع بمضمون الاتصال، الذي رصدته وسجلته الاستخبارات الأميركية، والتي من المرجّح أن تكون هي الجهة التي سربت المعلومات، في حين سارعت بعدها "نيويورك تايمز" إلى نشر تقرير يساند رواية زميلتها ويؤكّد ما جاء في تقريرها بالأدلة والوقائع.

فلين، وهو جنرال متقاعد، كان معروفاً بتقاربه مع الروس واتصاله معهم، وكان من الداعين إلى توثيق العلاقات الأميركية مع روسيا باعتبارها حليفاً يخوض المعركة ضد "الإرهاب الإسلاموي"، وله صور عديدة تجمعه بالرئيس فلاديمير بوتين، أشهرها التي تظهره جالساً إلى جانبه العام 2015 في عشاء تكريمي لقناة "روسيا اليوم" في ذكرى انطلاقتها العاشرة، الأمر الذي يُعتبر دلالة واضحة على السبب الذي دفع ترامب بضمّه إلى فريقه ومنحه هذا المنصب الرفيع وفائق الحساسية.

إدارة ترامب التي نفت مراراً وتكراراً أن يكون فلين قد تحدث إلى السفير الروسي حول العقوبات الأميركية على روسيا، دافعت عنه عبر مختلف المنابر الإعلامية والسياسية، لدرجة خروج مايكل بنس، نائب الرئيس الأميركي، عبر الإعلام وقوله إنّ الحديث بين فلين والسفير الروسي لم يتعدّ التهاني بمناسبة عيد الميلاد، وهو ما كرره أيضاً المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، خلال تصريحات صحافية مختلفة، ما يجعل الفضيحة ذات وقعٍ أكبر، كونها تُظهر كذب ترامب وإدارته على الشعب الأميركي، أو جهلهم في حال تم خداعهم من قبل فلين.

وفي حين قال فلين في نصّ استقالته، إنه يقدم اعتذاره للرئيس دونالد ترامب ونائبه مايكل بنس، يشكك الإعلام الأميركي متسائلاً "هل كذب فلين فعلاً على بنس، أم أنّ الأخير كان على علم بالحقيقة وكذب على الشعب الأميركي؟"، لتأتيه الإجابة من آدام شيف، العضو البارز في مجتمع المخابرات، الذي رجّح أن يكون فلين قد تصرّف بأمر من الرئيس أو من مسؤولين آخرين في إدارته على الأقل، فيما أظهرت تغريدات سابقة لترامب، أنه في حين كان فلين يتحدث إلى السفير الروسي، غرّد ترامب معبّراً عن إعجابه بردّ فعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الذي قرر حينها التريث في الرد على العقوبات الأميركية تجاه بلده لحين حسم نتيجة الانتخابات الأميركية ووصول الرئيس الجديد إلى الحكم، إذ أغدق عليه ترامب المديح بطريقة مفاجئة، قائلاً: "خطوة عظيمة تلك التي اتخذها فلاديمير بوتين، لطالما عرفت أنه شخص ذكي". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها