الثلاثاء 2016/05/10

آخر تحديث: 19:15 (بيروت)

أطفال شوارع: آخر الضحكات.. في سجون الداخلية المصرية

الثلاثاء 2016/05/10
أطفال شوارع: آخر الضحكات.. في سجون الداخلية المصرية
متهمون بالبذاءة وسب الرئيس والتحريض على التظاهر
increase حجم الخط decrease
خمسة عشر تسجيل فيديو، هي ما لزم للقبض على "أطفال شوارع" بتهم البذاءة وسب الرئيس والتحريض على التظاهر والإساءة إلى الدولة وحزمة الاتهامات الجاهزة المعلومة.

الخميس الماضي، ألقي القبض على أصغر أعضاء "أطفال شوارع"، عز الدين (19 عاماً) وحُبس على ذمة التحقيق لمدة أربعة أيام، ثم أخلي سبيله بكفالة، قبل أن يعتقل بقية الأعضاء أمس.

اليوم قبل عرضهم على النيابة، ظهر الشباب وقد حلق شعر اثنين منهم بغرض "التأديب"، أو الإخضاع. الفكرة العسكرية نفسها عن الضبط، بغرض ترويض النكتة إلى أدنى سقوفها.

ويأتي ذلك في ظل احتراق القاهرة حرفياً ومجازياً، خلال الأيام القليلة الماضية: اشتعلت مديرية أمن الجيزة وشارع كامل في منطقة العتبة. وعادت التظاهرات رفضاً لبيع جزيرتي تيران وصنافير، ثم انعقدت الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين المطالبة بإقالة وزير الداخلية بعد اقتحام رجال الأمن لمبنى النقابة للمرة الأولى في التاريخ. أفراد أمن مقتولون في جنوب القاهرة على أيدي مجهولين.. كل ما في الصورة يمضي في مسار احتراقه، فيما الإدارة السياسية بلا رصيد هذه المرة، تطيح الجميع عشوائياً، وبلا استثناء.

خمسة عشر تسجيل فيديو لمجموعة من المسرحيين الشباب، قرروا أن يستخدموا الشارع باعتبارهم أبناءه، وكاميرا "السيلفي" ورصيد هائل من الكليشيهات السمعية والبصرية لانتزاع الكوميديا عبر تكرارها. كان المقطعان الأخيران لهم: "عبدة البيادة" و"السيسي رئيسي"، ويعتبران الأعلى سقفاً والأكثر جرأة في استخدام المادة السياسية الآنية لصناعة فيديو كوميدي.

في المقطعين استخدام للوسوم المنتشرة بين مؤيدي النظام والعبارات الأكثر ترداداً بينهم. هي دليل جديد على تهافت مؤيدي السيسي والعالم الموازي الذين يعيشون فيه، وهمُ القطيع ووهم الاستقرار، واسم الدولة بصورتها القديمة.

لا شيء أكثر كشفاً عن السخافة من تكرارها منزوعة من سياقها العصابي. ولا شيء يثير جنون الدولة السمجة أكثر من خفة الظل الكاشفة. السماجة السلطوية تدفعها إلى إيقاف برنامج باسم يوسف وإرغامه -بالحصار- على ترك مصر. ثم تجييش جيوشها ضد شادي أبو زيد وأحمد مالك في "فيديو الواقي الذكري". ثم القبض على إسلام جاويش رسام "الورقة"، وقبلهم الروائي والصحافي أحمد ناجي، والصحافي اسماعيل الاسكندراني، وأخيراً "أطفال شوارع".

تتغاضى الدولة عن فكرة وجودها للحفاظ على صورتها. وصورتها اختصارا هي صورة السيد الرئيس طبيب الفلاسفة. أي أنها تدافع عما يناقض أصلها بالإصرار على الانكماش. هذه الضآلة في مواجهة الضحكة غير مسبوقة. حفنة من المغفلين في مناصب سيادية يلاحقون كل ضحكة لا تطابق المعايير.

في مقابلة "المدن" مع "أطفال شوارع"، لم يبدُ أن الحدث السياسي شاغلهم، على اعتبار أن "لا أحد في مصر كلها الآن يستطيع أن يقدم "إفيهات" أعلى منه، فالواقع أعلى من خيالنا في الكوميديا". غير أن النظام الأحمق، استمر في استفزازاته لفئات الشعب كافة، وبينها المحايدة والبعيدة عن العمل السياسي، حتى انفجرت غاضبة. وبدلا من أن يقف على أسباب الغضب، وضع نفسه في خصام مع الجميع، باستثناء مهووسيه المجانين، وهم أيضا يتناقصون يوماً بعد يوم.

من ناحية أخرى، الشباب ومنذ لحظة إطلاق آخر مقاطعهم، كانوا على وعي تام بمدى جنون دولتهم وعواقب فعلتهم. ولعل هذا هو أصل المشكلة، وهذا هو سبب خوف الدولة وتحركاتها الطائشة. هذا وعي لا يمكنها مجابهته إلا باستخدام السلطة أي بقمعهم.

هذا الوعي الراغب في التغيير، الراغب في الحياة العادية بلا بطولات محتملة، طلب الفرصة في الحياة هو ما جعلهم يكتبون في فايسبوك: "لن نقول إننا متفاجئون، لأننا تأكدنا أن ثمة ما سيحدث، مصر صارت بلداً مخيفاً جداً، لم يكن يجوز أن نصل إلى هذه المرحلة في مصر، عمرنا يتغير أمام أعيننا، لكن مصر مصرّة ألا تتغير.. نعلم أننا نكرة في مسار الأحداث، لكن حياة الستّ نكرات تتشكل اليوم أو ربما هي تنتهي، الموضوع صعب".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها