السبت 2016/03/26

آخر تحديث: 19:08 (بيروت)

"السفير": قنابل الدخان لن تحجب حقوق الموظفين

السبت 2016/03/26
"السفير": قنابل الدخان لن تحجب حقوق الموظفين
الحالة الوجدانية وحزن الموظفين الذي انتابهم لحظة الإعلان عن موعد ايقاف الجريدة تحوّلا إلى نقمة على الإدارة (غيتي)
increase حجم الخط decrease

تغريدات رئيس تحرير جريدة "السفير" طلال سلمان ورسائله التي أطلقها عبر حسابه التويتري الجديد، الذي أتى إنشاؤه تزامناً مع الجدل الذي توّج الإعلان عن امكانية إغلاق الصحيفة، رأى فيها متابعون قنابل دخانية يطلقها الرجل للتعمية على انسحابه من مسؤولياته تجاه تحمله وطأة إغلاق الصحيفة من جهة، ومحاولة النأي بنفسه عن معركة حقوق الموظفين التي بدأ الطرفان الحشد لها بإشهار ما في جعبهما وتسلحهما بالمواد القانونية التي تحكم الوضع الراهن والتي يفترض أن تفصل بين الخصوم الجدد.

ويأخذ الموظفون على "الناشر" بعد إطلاقه تغريداته سعيه الحثيث إلى محاولة حرف مسار الحوار المتعلق باستهجان الوضع الذي استفاق فيه موظفو "السفير" على ما اعتبروه انقلاب إدارتهم عليهم وعلى محاولة هدر حقوقهم، خصوصاً بعدما ارتفع الهمس الذي ردده سلمان في أروقة الصحيفة عن أنَّ لا يد له ولا علاقة له بالكيفية التي يتم فيها طرح التسويات المالية الخاصة بإنهاء خدمة الموظفين، وأن هذا من اختصاص غيره من القيمين على إدارة الشأن المالي للصحيفة. فيما يبدو أنه تفرَّغ هو للأمور الأعلى شأناً والمتمثلة  بمحاولته رسم صورة مغايرة أمام الرأي العام برده أزمة "السفير" إلى النظام السياسي والظروف الأخرى التي أدخلت الإعلام في لبنان في حالة من الوهن، بموازاة تأكيده على صون حقوق العاملين في "السفير"، والتي بدا أنه جرى التخطيط المسبق للتلاعب بها وصولاً إلى قضمها وهضمها بدلا من صونها.

ويشكك البعض بأنّ الحقوق التي أكّد سلمان التزامه بها في الرسالة التي وجهها إلى أسرة "السفير"، والتي اعتبر فيها عن أن أي قرار سيأخذ بالاعتبار حقوق العاملين "المصانة بل المقدّسة"، هي نفسها التي  تبيّن أنه ينظر لها على اعتبارها إنذارات مادية تُدفع للموظفين كل حسب أقدميته في المؤسسة، فيما لن يتم دفع التعويضات المالية للعاملين، وذلك حسب أكثر من مصدر من داخل "السفير"، ممن كشفوا أيضاً أن نقابة موظفي "السفير" قامت بتشكيل لجنة مؤلفة من 10 أشخاص، تضم 6 محررين و4 إداريين، اجتمعت إلى رئيس التحرير طلال سلمان، بحضور المدير العام أحمد طلال سلمان ومدير الشؤون الإدارية علي سلام، وجرى البحث بحيثيات قرار إغلاق الصحيفة وتعويضات الموظفين وحقوقهم.

ووفقاً للمصادر عينها فإنّ ما قاله رئيس التحرير عن أن "إغلاق الصحيفة هو نتيجة ظروف إقتصادية قاهرة"، تم الرد عليه من اللجنة بأن هذا الأمر ليس من مسؤوليتنا ولا اختصاصنا ولا نتحمل عبئه، وإن جلّ ما يهمنا في الوقت الحالي هو التعويضات وضمان حقوق الموظفين. إلا ان هذا الرأي لم يرق مدير الشؤون الإدارية علي سلام الذي سارع إلى الرد قائلا: "إن الإدارة ستبلغ الموظفين بشكل رسمي عبر كتاب موقع من رئيس التحرير سيتم إرساله إلى كل موظف في 31 آذار/ مارس الجاري، على أن يحصل بعدها كل على حدة على إنذار مالي وفقاً لعدد سنوات خدمته في المؤسسة والذي سيكون على الشكل التالي: من عمل لمدة تمتد من سنة إلى ثلاث سنوات يدفع له راتب شهر واحد، ومن عمل لمدة تمتد من ثلاث إلى ست سنوات يدفع له راتب شهرين، فيما يدفع راتب ثلاثة أشهر إلى من عمل لفترة تمتد من 6 إلى 12 سنة. أما من عمل لمدة تتعدى 12 سنة يدفع له راتب أربعة أشهر".

ويشير موظفون في "السفير" إلى أن شرط دفع هذه الإنذارات "على علاته" مرهون بحضور الموظفين إلى العمل مدة 3 أشهر بعد تاريخ إغلاق الصحيفة في الأول من نيسان/ أبريل المقبل، وأن المبالغ المذكورة لن تدفع دفعة واحدة. في حين يشير هؤلاء إلى أن أشهر الإنذار هي حق بديهي مكتسب للموظف، وأنه يتوجب على الإدارة قانونياً أن تقوم بتبليغ الموظفين قبل 3 أشهر من موعد إعلانها الإغلاق والقيام بتسريحهم. ولا يمكن اعتبار الإنذار أو إدراجه وفق القانون في أي حال تعويضاً مالياً، في حين أنَّ الإدارة تحاول فرض مفهومها بأن الإنذار هو التعويض، بل إنها تشمل وتربط في طرحها أيضاً تعويض الضمان الاجتماعي بهذا الأمر، فيما رفضت لجنة الموظفين ذلك بشكل  قاطع، باعتبار أن تعويض الضمان حقٌ شخصي مكتسب، ليس للإدارة علاقة به. 

ومع ما بدا من نيّة الإدارة ومحاولتها الالتفاف على حقوق الموظفين، اقترحت الجمعية العمومية لموظفي "السفير" الذهاب نحو التصعيد والتوجّه إلى مجالس العمل التحكيمي المناط بها الفصل في النزاع بين أصحاب العمل والعاملين في المؤسسة في حال لم تعد الإدارة عن قرارها ولم تفتح الباب للتفاوض مع الموظفين، إذ تم الاتفاق على انعقاد الجمعية العمومية مجدداً الثلاثاء المقبل للتشاور والاتفاق حول الخطوات التصعيدية المنوي اتباعها في حال عدم تجاوب الإدارة.

الحالة الوجدانية وحزن الموظفين الذي انتابهم لحظة الإعلان عن موعد ايقاف الجريدة، تحوّلا إلى نقمة على الإدارة وقراراتها التي كشّرت عن أنيابها بشأن إنكارها حقوقهم وتعويضاتهم، إذ تم التعبير عنها في مواقع التواصل من خلال إعلانهم عن تكاتفهم وتضامنهم من أجل تحصيل الحقوق، فيما توجهوا بشكل غير مباشر إلى إدارة التحرير بالتلميح إلى أن "الجريدة التي لطالما كانت مغرمة بحنا غريب والنقابات وحقوق العمال تحول غرامها إلى هيام بسحق حقوق العاملين فيها" و"صرنا بحاجة إلى حركة طلعت ريحتكم صحافية، كي تفضح أساطير حيتان المال التي بنيت على أقلام المغفلين الذين صدقوا كذبة الرسالة الصحافية الحرة".

ردود موظفي "السفير" على إدارتهم وضعها متابعون في إطار الرد غير المباشر على تغريدات طلال سلمان التي حاضر فيها عن قبائح المال السياسي وشروره. هذا المال الذي اعتبر البعض أنه لطالما تدفق على "السفير" لكنه لم يصب إلا في جيب واحد، في حين أن الذين صنعت "السفير" أمجادها من حبر أقلامهم من المفترض أن يكونوا هم مالكي الصحيفة الشرعيين بالتكافل والتضامن مع القراء والكتاب والمبدعين، بينما من حولها إلى مجرد ملكية تخصه وحده وتفرد بقرارها، كانت ذهنيته من أوصلت الجريدة لهذا المصير، كما أنَّها العقلية نفسها التي تسعى لابتلاع حقوق الموظفين وهضم تعويضاتهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها