الخميس 2016/02/11

آخر تحديث: 13:29 (بيروت)

مقابلة فضل شاكر وحملة تبرئته.. لـ"موازنة" إطلاق ميشال سماحة؟

الخميس 2016/02/11
مقابلة فضل شاكر وحملة تبرئته.. لـ"موازنة" إطلاق ميشال سماحة؟
increase حجم الخط decrease
مواقف أهالي شهداء الجيش اللبناني ممن سقطوا في معركة عبرا، والتي استعرضها تقرير لقناة "إل بي سي" مساء أمس الأربعاء، عقب الظهور الإعلامي الأخير للفنان المعتزل فضل شاكر عبر شاشة "إم تي في"، شكّلت التماساً أولياً للرسائل المختلفة التي بثّها شاكر، والتي أعطت إيحاءً جلياً بدخول قضيته مرحلة جديدة. فيما جاء تقرير "إل بي سي"، ومن خلال إعادة تسليطه الضوء على ما في جعبة الأجهزة القضائية والأمنية من أدلة على مشاركة شاكر في معركة عبرا وحمله السلاح، ليعكس الدوافع وراء الضخ الإعلامي والافتراضي المكثّف منذ أكثر من أسبوع لتدعيم حملة "تبرئة" شاكر وإبعاد صفة "الارهاب" عنه.

على أن تلك الحملة، التي خصص لها هاشتاغ #البراءة_لفضل_شاكر، ما زالت تتفاعل بموازاة الحديث عن دعوات أطلقها مؤخراً فنانون وإعلاميون عرب للوقوف إلى جانب شاكر، معلنين تضامنهم الكامل معه، في خطوة تكاملت بالشكل والمضمون مع الأبعاد التي حملتها الإطلالة التلفزيونية الجديدة لشاكر عبر شاشة "إم تي في"، والتي تتيح قراءة أبرز ما جاء فيها استشفاف معالم المشهد وعناصره، وما قد تؤول إليه مسارات قضية الرجل.

فالإطلالة التي أتت بعد انقطاع لقرابة عام من ظهور فضل شاكر الأخير، حسمت الجدل بداية حول مكان إقامته، التي أكّد فيها الإعلامي حسين خريس، خلال تقديمه للمقابلة أنها جرت في مخيم عين الحلوة، فيما شدد على أن لقاءه مع شاكر يندرج في إطار "السبق الصحافي"، خصوصاً بعد رفض الرجل المتكرر الظهور عبر أهم المحطات الفضائية، فضلاً عن عدم رضاه عن المقابلة الأخيرة التي ظهر فيها في آذار 2015 (عبر شاشة "إل بي سي")، كذلك عدم قبوله إجراء مقابلة معه، قبل نحو أسبوعين عبر قناة محلية أخرى (الجديد)، على ما أعلن خريس في مقدمة المقابلة "السبق".

تركيز خريس على استثناء شاكر لمحطات ووسائل إعلامية أخرى وتفضيله "إم تي في" عليها، بدا لافتاً لناحية ما يشير إليه هذا الأمر وما يحمله من معانٍ، قد يكون أبرزها ما بدا من حرص شاكر على اختيار الوسيلة الإعلامية التي يثق بأنه سيكون قادراً على أن  يظهر من خلالها بالصورة التي يريد وبالشكل الذي يختاره. فيما يبدو أن إطلالة الرجل حملت معها رسائل ومدلولات عديدة، واستتبعت أسئلة متعددة حول توقيت الظهور واهدافه.

وبدا جلياً ان أسئلة المقابلة وما تبعها من إجابات، تركت انطباعاً بأنها محضّرة ومتفق عليها بشكل مسبق بعيداً من العفوية والارتجال. وبدت لمسات المونتاج ظاهرة للعيان بشكل خدم المسار التصاعدي للمقابلة، التي استهلها خريس بسؤال يطرحه الأغلبية عند تطرقهم للحال التي وصل إليها من كان يُطلق عليه "صاحب الصوت المخملي". 


فكان أن سأل خريس: "فضل شاكر ليه عملت بحالك هيك؟"، منتهياً بالاستفسار عن تصوّر خاتمة وضعه المعلّق وكيفية إصلاحه بمحاولة معرفة "لمين رح تسلّم نفسك؟ وشو بتقول لمحبينك واللي اتضامنوا معك؟"، قابلتها إجابات من شاكر توحي باستماتته لالتقاط فرصة وانتهاز أي مؤشرات قد يقود تضافرها الى تحقيق أمنية الرجل بالولوج إلى تسوية تمهّد لخروجه من مخيم عين الحلوة ضمن ترتيب معين، وتبيّض صفحته وتعيده إلى حياته الطبيعية، خصوصاً انه أنكر أي سمات إرهابية أو نوايا إجرامية تربطه بتهديدات القتل او حمل السلاح. فيما عمد إلى محاولة التملّص من أي فعل عدائي تجاه الجيش من خلال إسباغ تفسيرات عفوية وارتجالية على أفعاله وكلماته الموثّقة بالصور والفيديوهات. ومن المتوقّع أن يقوم، في كتابه الأول الذي يستعد لإطلاقه قريباً، بإعادة رسم ملامح ومسار الأحداث الاخيرة التي مر بها، حيث سيروي رحلته منذ التزامه الدين إلى حين مغادرته منزله وإدراجه في عداد المطلوبين للقضاء عقب أحداث عبرا.


الجدل الإعلامي والافتراضي الذي أثارته المقابلة، في اليومين الأخيرين، أعاد تسليط الضوء مرة جديدة على انقسام اللبنانيين حول قضية شاكر وحول مسارها القانوني، فيما ضجّت الشبكات الاجتماعية والمواقع الإخبارية بإطلالته الأخيرة وما أدلى خلالها من تصريحات، اعتبرها البعض "استجداءً جديداً للعفو عن الإرهابي الفار"، بينما وضعها آخرون في سياق "الدليل الجديد على براءته". غير أن أكثر ما بدا لافتاً ومستوجباً التوقف عنده في تصريحات شاكر، كان في إجابته عن الجهة التي ينوي تسليم نفسه إليها، إذ تحدث عن قضية ميشال سماحة، والتي رأى فيها دليلاً على عدم نزاهة القضاء وعدالته، بعد قيامه بإطلاق سراح "مجرم كبير بحجم سماحة بدل إنزال عقوبة قصوى بحقه".

تنويه شاكر بتسليم نفسه لـ"القضاء العادل فقط"، والذي ينتظر منه بالطبع "تبرئته"، تشي بكونه تلميحاً وغمزاً  للقضاء بأنه في حال أراد تبييض صفحته والتصالح مع الطائفة "السنية" بعد فعلته "الشنيعة" في كيفية تعامله بملف سماحة، فإن قيامه بتبرئة ساحته قد تحقق هذا المسعى، خصوصاً أنّ لفضل شاكر معجبين كثراً ومتعاطفين يعملون على إظهار قضيته وكأنها قضية تشخص عيون الرأي العام إليها وتنتظر ما سوف ينتج عنها.

وفي ذلك كله ما يحيل إلى السؤال عن وضع ملف شاكر الحالي، وعن احتمال العمل على تسوية بشأنه، وعما إذا كانت وراء المقابلة الأخيرة أسباب دفعت بشاكر إلى القبول بالظهور إعلامياً في هذا التوقيت بالذات والخروج بما صرّح به وبالطريقة التي حاول تظهير قضيته فيها، وما إذا كلامه الإيجابي عن الجيش ودوره وعن عدم قبوله بالصدام معه تحت اي حال، هو موقف يجاهر به بملء إرادته وقناعته، بما قد يساهم في امكانية التوطئة والتمهيد لتسوية وضعه، بنفيه اي تهمة عن نفسه بأنه أطلق النار على الجيش. وبالتالي تحويل انظار أهالي الشهداء وقيادة المؤسسة العسكرية عن اعتباره شريكاً وفاعلاً في أحداث عبرا. مما قد يعطي انطباعاً بأن تزامن عرض المقابلة مع توقيت إطلاق حملة التبرئة في مواقع التواصل، قد يكون في سياق الأمر المبرمج الذي يمهّد لطي ملف شاكر وتسوية وضعه على نسق التسويات والمخارج المعهودة، التي تعوّد عليها اللبنانيون في معالجة قضايا مشابهة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها