الجمعة 2016/12/23

آخر تحديث: 16:53 (بيروت)

سخرية "شام إف إم" من "الخوذات البيضاء"..هذه هي الموالاة

الجمعة 2016/12/23
سخرية "شام إف إم" من "الخوذات البيضاء"..هذه هي الموالاة
increase حجم الخط decrease
لم يكتفِ مدير إذاعة "شام إف إم" الموالية، سامر يوسف، في منشوره الساخر في "فايسبوك" أمس من فريق "الخوذات البيضاء"، بالتهجم على فريق الدفاع المدني الشهير في الشمال السوري، بل قدم فيه أيضاً مستوى مروعاً من الشماتة المبطنة بكافة الضحايا الذين سقطوا جراء عنف النظام وحلفائه ضد المدنيين، في حلب تحديداً.


وعلى ما يبدو فإن مراسلي الإذاعة الموالية في حلب، "أهدوا" مديرهم قبعتين من قبعات الدفاع المدني، ربما يكون صاحباهما الأصليان قتلا خلال العملية العسكرية الأخيرة في حلب، ليقوم صحافيان من كادر المحطة بارتدائهما مع عبارات ساخرة تفصل الإنسانية والتعاطف وتفاضل بين الضحايا بشكل قبيح وفق معايير سياسية مسبقة، لا يحاول يوسف إخفاءها من باب اللياقة مثلاً، بل يجاهر بها بشكل قبيح رغم البداية التي تدعي الإنسانية عامة.

ارتداء القبعات هنا ليس عبثياً أو تماهياً في السخرية، بل هو محاولة فاشلة للقول أنه من السهولة ادعاء الإنسانية أمام الكاميرا عبر الرموز، حيث تميل دعاية النظام لتكذيب حقيقة  فريق "الخوذات البيضاء" التي يقوم أفراده بإنقاذ المدنيين في المناطق المحاصرة، ومن المخجل أن يرضى "صحافيان" أن يكونا دمية تحركها يد رب العمل الذي تحركه أيد أكبر من مسؤولين سياسيين وامنيين في النظام السوري.



والحال أنه لا يمكن انتظار مواقف مغايرة من إعلاميي النظام وتحديداً "شام إف إم"، التي اختارت الانحياز للقاتل على حساب الضحية مراراً وتكراراً، ولا يندرج ذلك طبعاً وكأنه مجرد وجهة نظر من منطلق الحرية الفردية والفكرية، والتي هي قيم يحاربها النظام وإعلامه، بل هو موقف سياسي معد مسبقاً ضمن أدوار وظيفية في إطار البروباغندا فقط.

ولا يتوقف الانحطاط الأخلاقي لأبواق النظام الإعلامية عند حد معين، فالأيدولوجيا العنفية - الأمنية التي يقوم عليها النظام، تنسحب إلى وسائل إعلامه الرسمية وشبه الرسمية بخطاب معاد للإنسانية، لا يرى الضحايا المدنيين الذين قتلوا في حلب المحاصرة تحديداً في الأيام الأخيرة، ويحاول بشكل محموم إظهار نفسه بثوب البطل المدافع عن قيم الحضارة أمام العالم الغربي، ووجود مبادرات إنسانية ومدنية وسياسية تعاكس هذه الفكرة تشكل الخطر الأكبر على النظام فكرياً ما يستوجب وصفها بالعمالة والشر أمام الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.

بالتالي، فإن المنشور الشامت من "نهاية مشروع القبعات البيضاء" حسب تعبير صاحبه، هو ابتهاج بنصر النظام في حلب بالدرجة الأولى، ويشير المشروع هنا على ما يبدو إلى "الإرهاب التكفيري وراء فريق القبعات البيضاء"، وليس الفريق بحد ذاته، مع لغة مستمدة من نظرية المؤامرة لشرح عمالة القبعات البيضاء للمشروع الصهوني الأميركي الغربي على السيادة الوطنية والحضارة الأصيلة التي مازال يتشدق بها النظام.

اللافت أن عودة الهجوم على الخوذات البيضاء تاتي بعد إعلان النجم العالمي جورج كلوني نيته تقديم فيلم سينمائي عن تجربة "الخوذات البيضاء" الملهمة، استناداً لفيلم وثائقي أنتجته "نيتفليكس" مؤخراً ويخوض سباق الترشح نحو جائزة "أوسكار" بخطى ثابتة، ويبرز هنا التناقض بين الفن والإعلام الذين يحرضان على العنف بوقاحة غير مسبوقة، بنموذج "ِشام إف إم"، وبين الإعلام والفن الداعيين للسلام والإنسانية رغم المسافات وتعدد الثقافات.

ومنذ تأسيس فريق الدفاع المدني السوري "الخوذات البيضاء" أواخر العام 2013، أخذ النظام السوري وأبواقه الإعلامية موقفاً حاداً منه، فشن حملات تشويه ضد أعضاء الفريق لإظهارهم كمنظمة إرهابية تساعد جرحى التكفيريين وتتظاهر بالإنسانية ومساعدة المدنيين أمام الكاميرات حسب الرواية الرسمية، فوجود مدنيين أولاً ثم مسعفين لهم ثانياً يظهر حقيقة حرب النظام الهمجية على المدنيين المحاصرين ويقضي على ادعاءات النظام المتكررة التي بنى عليها سياسة الأرض المحروقة في الشمال السوري، وتحديداً في حلب.

يذكر أن فريق "الخوذات البيضاء" هو فريق الدفاع المدني السوري الناشط لإغاثة وإنقاذ الجرحى في سوريا، تحديداً في المناطق التي تتعرض لقصف بالطائرات أو بالبراميل المتفجرة، علماً انه يقوم على متطوعين وبدأ نشاطه بمبادرة من رائد صالح أحد سكان إدلب أواخر عام 2013.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها