الجمعة 2014/06/13

آخر تحديث: 15:44 (بيروت)

كأس العالم.. إستثمار مربح للمقاهي

الجمعة 2014/06/13
كأس العالم.. إستثمار مربح للمقاهي
عشاق كأس العالم يرتادون المقاهي بكثافة رغم إتجاه بعضها الى رفع الأسعار (الصورة: علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

تقدّم غالبية المطاعم والمقاهي لزبائنها، مجاناً، خدمة مشاهدة مباريات كأس العالم، وتتكبّد هي تكاليف الإشتراك مع القنوات التلفزيونية المتخصصة في نقل المباريات، بالإضافة الى تكاليف الأجهزة الكهربائية والصوتيات وما الى ذلك. لكن في لغة المال، لا شيء مجانياً، فكل شيء يعتبر إستثماراً يجب ان يعود بالفائدة على المستثمر. عليه، فإن ما تتكبده المطاعم والمقاهي لا بد وان ينعكس مزيداً من الأموال عبر إجتذاب الزبائن بطرق مختلفة. وبرغم ان كرة القدم لعبة شعبية، إلاّ ان الإستثمار فيها يطاول الفئات الميسورة بشكل بارز، فالأماكن التي تعرض المباريات، تجهد في إجتذاب الزبائن الميسورين، وتعمل على خدمتهم بأفضل الطرق، طمعاً بدفع الكثير من الأموال لقاء الخدمة.
مطعم الساحة، على طريق المطار، في بيروت، يقدّم خدمة نقل مباريات كأس العالم الى الزبائن مجاناً، لكنه يعتمد على الزبائن المهمين، أو المعروفين بالزبائن "في.آي.بي" VIP، فهؤلاء "لهم الأفضلية في الحجوزات، مع أننا نستقبل كل الناس، فزبائن الـ VIP يدفعون جيّداً، لذلك بدل ان نقدّم الطاولة لزبائن مع طلبات عاديّة، نقدّمها لمن يدفع أكثر، خصوصاً ان من بين هؤلاء زبائن مياومون في المطعم"، وذلك وفق ما يقوله مدير الأغذية والمشروبات في المطعم، عبد الكريم مكّي، لـ "المدن".
وعملية إجتذاب الزبائن وإستدراجهم لطلب المأكولات والمشروبات، تعتمد على "الشباب"، أي الموظّفين الذين يقومون بخدمة الزبائن، حيث يشير مكّي الى ان "هناك شباباً لديهم طريقة في دفع الزبون الى تكثيف طلباته، وبالتالي ترتفع قيمة فاتورته"، ويضيف، "الى جانب زبائن الـ VIP، نستقبل كل الناس، ولا نقوم برفع الأسعار".
لكل مطعم زبائن يعتبرهم زبائن "مهمّين"، ولكل مكان سياسة تجعل أرقام الفاتورة أكبر، لكن هذه الأرقام، ترتفع أحياناً بطريقة إلزامية عبر إلزام الزبائن بطلب مأكولات ومشروبات بقيمة محدّدة، لقاء السماح لهم بحجز طاولة ومشاهدة المباريات، وفي الغالب، لا يُعلن عن هذه السياسة، بل يُفاجأ الزبون بها فور دخوله المطعم. فقد كشف أحد العاملين في أحد مطاعم بيروت، ان المطعم يعتمد ما يسمّى الـ "مينيموم أوردر" minimum order، حيث يلزم الزبون بطلب مأكولات ومشروبات "بقيمة حولي 20 دولاراً، وهذه القيمة ملزمة للزبائن الذين يجلسون في المنطقة القريبة من شاشة العرض، فيما الجالسون بعيداً عنها، غير ملزمين بقيمة محدّدة". ويبرّر هذا الإجراء، بأنه "ليس من المنطقي ان يجلس أحدهم لحوالي 3 ساعات دون أن يشتري شيئاً، أو يشتري بقيمة متدنّية، فيما يحجز طاولة قريبة من الشاشة، يمكن الإستفادة منها إذا ما خصصت لزبائن VIP".
في شارع الحمراء في بيروت صورة جامعة لعينات من المطاعم والمقاهي، بعضها رفع أسعاره والبعض الآخر أبقاها ثابتة، وتختلف دوافع القرار هذا تبعاً لكيفية نقل المباريات، فبحسب أحد أصحاب المقاهي الليلية في الشارع، "فضّل بعض أصحاب المطاعم نقل المباريات بطريقة شرعية عبر الإشتراك مع شركة "سما"، الوكيل الحصري لنقل المباريات في لبنان، وهؤلاء رفعوا أسعارهم لأنهم تكبدوا تكلفة كبيرة لقاء الإشتراك، وصلت لدى بعضهم الى حوالي 7000 أو 8000 دولار". فـ"الكلفة تختلف تبعاً لمساحة المكان ولعدد المقاعد، لأن الشركة تأخذ بالإعتبار العائدات التي سيجنيها المطعم لقاء عرضه المباريات"، أما غير القادرين على دفع كلفة الإشتراك، فيعمدون الى نقل المباريات "بطريقة غير شرعية، دون علم "سما"". لكن "إتخاذ مثل هذا القرار يعتبر مجاذفة كبيرة، لأن الشركة ترسل مراقبين لإكتشاف أي عملية نقل غير شرعية، وفي حال إكتشاف ذلك، يتعرض صاحب المطعم، بعد إستدعاء القوى الأمنية، الى غرامة بقيمة 40 مليون ليرة. لكن عدداً من هؤلاء يستند الى حصانة حزبية تجعله بعيداً عن المحاسبة أو دفع الغرامة، وفي الحالتين، فإن من لم يتكبد تكاليف الإشتراك، لا يضطر الى رفع الأسعار".
أمام إرتفاع الأسعار وثباتها، "لا شيء يلزم أصحاب المطاعم والمقاهي بعدم الزيادة"، هي خلاصة أكّدها الأمين العام لنقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني رامي، لـ"المدن"، "فموسم كأس العالم هو موسم حماسي جداً وكل الناس تعيش هذا الجو، والمطاعم تجري تحضيرات معيّنة وتغيّر في ديكور المحلات، وتصرف أموالاً إضافية، وبعضها يزيد الأسعار، وهو حق مكتسب، والبعض الآخر يحافظ على أسعاره المعتادة".
من خلال هذه الخلاصة التي يدعمها النظام الإقتصادي المعتمد في لبنان، يبقى المواطن صاحب القرار في ان يرتاد مطعماً يرفع أسعاره، أم لا. لكن الكلمة الفصل تبقى لقدرة رياضة كرة القدم على أسر جماهيرها وجذبهم، حتى لو كلّفهم ذلك أموالاً طائلة.

increase حجم الخط decrease