السبت 2014/10/25

آخر تحديث: 12:31 (بيروت)

نكبة موسم الزيتون الجنوبي

السبت 2014/10/25
increase حجم الخط decrease

ينتظر اللبنانيون موسم الزيتون ليستقبلوا فصلاً جديداً من حياتهم، فموسم الزيتون لا يقف عند حدود قطاف ثمرة، بل يتعدى ذلك ليرتبط بدورة اقتصادية خاصة، تشمل كل اللبنانيين على مختلف فئاتهم الإقتصادية. فالموسم هذا يؤثر على أفراد العائلة جميعا، وينطلق ليطال أصحاب المؤسسات السياحية وأصحاب الكروم والعمال، وصولاً الى أصحاب معاصر الزيتون، الذين لا حول لهم ولا قوة سوى بما يشاء الموسم.


الدائرة الشاملة التي تستفيد من الزيت والزيتون، أصيبت بنكبة هذا العام، تأتي بعد نكسة أصابت موسم العام الماضي، نتيجة تراجع الإنتاج مقارنة مع الأعوام السابقة.

أما التراجع الحاد في الإنتاج، وفي تشغيل دائرة إقتصادية كاملة، فيظهر من خلال تراجع أعداد العاملين في القطاف، إذ ان "الكرم الذي كان يحتاج لحوالي 10 عمال لقطافه، بات اليوم يحتاج الى 4 أو 5 عمال فحسب، وهم لا يبذلون مجهوداً كبيراً في القطاف، نظراً لعدم وجود محصول"، وفق ما أشار إليه أحمد، وهو أحد العمال السوريين الذين يعملون في قطاف الزيتون، والذي أضاف خلال حديث لـ "المدن"، ان "تراجع الموسم أثر سلباً علينا كيد عاملة، فبدل أن نعمل في القطاف لمدة 10 أو 15 يوماً، بتنا نعمل 5 أيام، أو أسبوعا في أحسن الأحوال، بالأجر نفسه".

من جهته، أكّد أحد مستأجري كروم الزيتون، حسن حسّان، لـ "المدن"، انه لم يشهد مثل هذا الموسم في حياته، فالتراجع أصاب كل من له صلة بالقطاع، وقدّر نسبة التراجع بـ "حوالي 90%، على مستوى الزيت والزيتون". حسّان الذي كان يشغّل "بين 15 الى 20 عاملاً، لقطاف حوالي 2000 شجرة زيتون، وإنتاج حوالي 500  تنكة زيت"، بات يشغّل "حوالي 5 عمال"، أما الأشجار نفسها، فقد "انتجت حوالي 70 تنكة".

شحّ المحصول رتّب إرتفاعاً في أسعار الزيت، فالتنكة اليوم تباع في الجنوب بـ 225 ألف ليرة، بينما كانت بـ 150 ألف ليرة العام الماضي. والكلفة المرتفعة دفعت الكثيرين إلى شراء الزيت "العتيق"، الذي بات يباع هذا الموسم بـ 150 ألف ليرة. ففي حين كان الناس ينفرون من الزيت "المخلوط"، أي نصفه حديث ونصفه من الموسم السابق، باتوا اليوم يسارعون الى شراء انتاج الموسم السابق من دون إعتراض. الأمر الذي ساهم بتصريف إنتاج العام الماضي المكدّس، حيث يلفت حسّان النظر الى انّه باع "منذ شهر رمضان الفائت حتى اليوم 100  تنكة زيت عتيق".


صرخة العمال والمستثمرين تضامنت معها صرخة أصحاب المعاصر في مناطق الجنوب والنبطية وصولاً الى حاصبيافهؤلاء "ما طلّعوا سعر الكلفة". ففي معصرة "معركة"، إحدى قرى قضاء صور،"يُستدل على ضعف الإنتاج من كمية "الجفت" (مخلّفات عصر الزيتون). فالمعصرة في المواسم السابقة كانت تنتج حوالي 200 طن من الجفت، واليوم انتجت حوالي 7 أطنان"، كما أورد أحد أصحاب المعصرة، داود روميّة.

وذكر روميّة ان "الكمية التي عصرناها خلال 11 يوماً في هذا الموسم، كنا نعصرها خلال يومين سابقاً، وكنا نشغّل حوالي 12 عاملاً، واليوم لم نشغل أحداً، واكتفينا بالعمل نحن، الأخوة الثلاثة، أصحاب المعصرة". أضاف، "خسرنا في هذا الموسم، فعلى الأقل نحن دفعنا 10 ملايين ليرة لأعمال الصيانة في المعصرة، ولغاية اليوم حصّلنا 5 ملايين فحسب".

ويعود سبب الأزمة بحسب ما يُجمع عليه روميّة وحسّان، الى "موسم الجفاف، حيث لم تشهد أشهر شباط وآذار ونيسان هطولاً كافياً للأمطار، وزاد الطيب بلّة، هبوب عاصفة في نيسان قضت على الأزهار".


أزمة المنطقة الجنوبية لم تعشها منطقة عكّار في الشمال، فالموسم هناك على حاله
"منذ 20 عاماً"، والمنطقة لم تشهد أزمة أسعار، "لأن أغلب أبنائها يملكون زيتوناً ولا يحتاجون الى الشراء، فيكتفون بما تنتجه أشجارهم"، والمنطقة لم تشهد أزمة إنتاج "فالحمولة جاءت متقاربة مع حمولة العام الماضي، وسعر تنكة الزيت من إنتاج هذه السنة بقي 150 ألف ليرة، وسعرها العام الماضي كان 120 ألف ليرة. فيما كيلوغرام الزيتون البلدي حافظ على سعر 4000 ليرة"، وفق ما أورده أحد مزارعي الزيتون في عكار أحمد ياسين لـ "المدن". غير ان ياسين ذكر نوعاً آخر من الصعوبات، فالمزارعون يواجهون مزاحمة الزيتون الفرنسي للزيتون البلدي، ومع ان "نوعية البلدي أفضل، وإنتاجه أكثر، إلا ان الناس يتجهون الى الأرخص، مما يجبرنا كمزارعين على بيع كيلوغرام الزيتون البلدي بسعر الكيلوغرام الفرنسي نفسه".

نجاة منطقة عكار من كارثة حقيقية يعود الى تساقط كميات لا بأس بها من الأمطار، بخلاف منطقة الجنوب. وعليه، فإن زيت الجنوب وزيتونه أمام أزمة لن تُمحى آثارها إلا عندما "يبيّضها" موسم العام المقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها