الإثنين 2013/09/09

آخر تحديث: 05:08 (بيروت)

"قضية" أوجيرو المخفية

الإثنين 2013/09/09
"قضية" أوجيرو المخفية
وزارة الإتصالات تتفرّج على ما يحصل في أوجيرو (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
تأكيدٌ أُطلق منذ نصف عام، لكنّ تحقيقه لم يبصرالنور حتى الآن. تأكيد تشوبه علامات إستفهام تبدأ بعدم التصريح العلني عن عدد المياومين، ولا ينتهي بتشغيلهم بدوام يصل الى 16 ساعة يومياً، دون إحتساب ساعات العمل الإضافية كساعات بأجر مضاعف. ناهيك عن نقل بعض المياومين للعمل في مناطق بعيدة عن محيط سكنهم، وطبعاً دون أي إحتسابٍ للوقت والتكاليف أو لطوارىء قد تحصل.
منذ ستة أشهر أثارت "المدن" قضية المياومين العاملين في أوجيرو، البالغ عددهم بحسب مصادر مطّلعة حوالي 300 مياوم، لكن المدير العام لأوجيرو عبد المنعم يوسف أشار حينها الى أن عدد المياومين لا يتخطّى الـ 130 مياوماً. وللمياومين مطالب تُثار دائماً في الإعلام وأمام الرأي العام، دون أن يلتفت أحد من المسؤولين إليها. لتبقى صرخة في العراء، تلامس صرخة مياومي الكهرباء ومياومي المياه ووزارة التربية، الذين يدفعون جميعهم ثمن المحاصصات والمحسوبيات وتراشق الإتهامات بين المسؤولين. فتعلق حيوات هؤلاء، نتيجة عدم الإتفاق على تمرير صفقة تطال قضية لمياومين آخرين... وهكذا دواليك.
يوسف كان أكد في تصريح سابق لـ"المدن" أن ملف المياومين "متّجه نحو الحل"، مشيراً الى أنّهم "ليسوا أصحاب كفاءات أو مؤهلات كافية، وبينهم شباب لم يتابعوا تحصيلهم العلمي"، وأن معظمهم "يعملون نتيجة مراجعات قاموا بها لدى نواب ووزراء". وبرغم ذلك، فتحت أوجيرو "لهم أبوابها من باب التعاون لحلّ مشكلة البطالة في البلد". 
متابعة الملف أعادت طرح مشاكل المياومين، التي تلامس أمنهم الإجتماعي والصحي، إذ لا ثبات في الوظيفة ولا ضمان يغطّي الإستشفاء، ولا شيء يغطّي أي نوع من طوارىء العمل. وبرغم ذلك لا إعتراف رسمياً كاملاً من قِبَل إدارة أوجيرو بوجود أكثريتهم الساحقة. وحتّى المستحقات وبدلات غلاء المعيشة وغيرها، لم تُعطَ لهم إلاّ بعد ضغوط إثر فضح الموضوع في وسائل الإعلام، بحسب ما تؤكّده مصادر المياومين.
تضيف المصادر قائلة "كلام يوسف عن تحويل الملف الى الضمان الإجتماعي فيه من الغموض ما يكفي لتأكيد الشكوك القائلة بأن الملف عالق بين يوسف والضمان، لأسباب غير واضحة المعالم حتى اليوم. وفيها ما يدل على قطبة مخفية، ترجّح فرضيات أنّها عبارة عن الضغوط السياسية ومتطلبات تمرير الصفقات أو المقايضة بين موضوع تثبيت المياومين في أوجيرو، مقابل تثبيت المياومين في مصلحة الكهرباء أو مياه الليطاني. أو أي عملية إبتزاز أخرى تحصل بين الأطراف المعنية في هذا الموضوع".
وقد تواصل المياومون مع إدارة الضمان، حيث أكدت الاخيرة "عدم وصول أي ملف يتعلّق بالمياومين"، وتكشف المصادر، أن "جهة من الضمان أتت الى مصلحة أوجيرو لمتابعة الملف والتحقق من المياومين، لكنّ الرد كان بعدم وجود مياومين. أمّا السبب، فهو على الأرجح توجّه الجهة المنتدبة من الضمان بإتجاه مكاتب أوجيرو حيث الموظفين الثابتين، وبطبيعة الحال لن يجدوا المياومين الذين يعمل أغلبهم في حراسة المباني وفي الصيانة".
ومن مظاهر إغفال وجود المياومين أنهم يوقّعون على حضورهم الى العمل "عبر جداول مطابقة لجداول حضور الموظفين الثابتين في أوجيرو، لكن مع فرق بسيط، هو عدم وجود إسم أوجيرو على جداول المياومين. وذلك لتأكيد عدم إنتسابهم الى أوجيرو، أو ضمان عدم إستعمالهم للجداول بهدف تأكيد وجودهم وعملهم في المؤسسة. لكنّها وطّنت رواتب المياومين في المصارف اللبنانية بإسم أوجيرو. ما يشكّل ورقة يمكن إستعمالها لإثبات وجود المياومين وقيامهم بعملهم لمصلحة أوجيرو. وذلك من خلال طلب كشف حساب من المصارف المعنية. وبالنتيجة تصير المؤسسة مجبرة، بحكم القانون، على دفع إشتراكات ضمان هؤلاء عن سنوات خدمتهم كافة زائداً التعويضات المستحقة عنها".
من جهته، يشير المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي محمد كركي، لـ"المدن"، الى عدم معرفته بهذا الأمر، لأن الملف لم يسلك الطرق الإدارية للوصول الى المدير. ويرجّح وجود الملف في التفتيش ريثما يتم التحقق منه، من دون أن يؤكد ذلك. ووعد بمتابعة الموضوع.
بين أروقة الضمان الذي تتضارب فيه المعلومات حول وصول الملف إليه أم لا، وبين تأكيدات أوجيرو بإنصاف المياومين، يعلق المياومون ولقمة عيشهم أسرى المماطلات التي تشتهر فيها المؤسسات اللبنانية كافة، الخاضعة لضرورات المقايضة والسمسرة. ومن لم يعجبه من مياومي أوجيرو، يمكنه الرحيل أو السكوت. لأنّه وكما قال يوسف بوضوح في تصريح سابق: "قطار العمل يستمر، ووضع المياومين في أوجيرو ليس كما هو حال مياومي الكهرباء، بمعنى أن عملنا لن يتوقّف وبالتالي من الأفضل لهم أن يحافظوا على باب رزقهم".
 
increase حجم الخط decrease