الأربعاء 2014/11/26

آخر تحديث: 18:12 (بيروت)

ملف المياومين: مبادرة جنبلاط إختفت... والخصخصة هي الهدف

الأربعاء 2014/11/26
ملف المياومين: مبادرة جنبلاط إختفت... والخصخصة هي الهدف
مبادرات الحلول إختفت لصالح بقاء الوضع كما هو (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

 


السياسة التي تدير شؤون البلد ومؤسساته، أوصلت أزمة مؤسسة الكهرباء الى حد اعتبار حلّها أصعب من تفسير نشأة الكون. فوضوح تفاصيل لعبة خصخصة قطاع الكهرباء، تجعل التعامل مع الملف أكثر صعوبة، فالمعضلة واضحة ومفاتيح الحل أوضح - وهي التسوية السياسية - لكن لا أحد من أقطاب التسوية يريد انهاء الملف، بسبب إصرار الجهة التي ترى خلاصها بإمتلاك قطاع الطاقة، على مواقفها.

آخر الحلول كان عبارة عن مبادرتين متشابهتين نسبياً، لناحية المضمون، الأولى أعلن عنها ودخلت حيز التداول، من دون تنفيذ، والثانية بقيت مستورة التفاصيل، وأوقف الحديث عنها فجأة، على الرغم من أن لجنة العمال المياومين وقّعت عليها وأعلنت إلتزامها بها، تماماً كما بقية الأطراف السياسية المعنية بهذا الملف.

لبّ المبادرة الأولى يكمن في المضي بمباراة مجلس الخدمة المدنية، التي يفترض تثبيت 897 مياوماً من خلالها، على أن يستكمل إدخال باقي المياومين الى ملاك المؤسسة خلال سنتين، ويساعد في ذلك إحالة عدد من موظفي المؤسسة الى التقاعد خلال هذه الفترة. ومع أن المبادرة تحافظ على عدد الشواغر الذي أعلنته إدارة المؤسسة- بخلاف العدد 1400 الذي اعلنه المياومون بعد مراجعة اعداد الشواغر في دوائر المؤسسة- الا ان المياومين قبلوا بها، شرط تقديم ضمانات خطية من جهات سياسية، تؤكد دخولهم الى الملاك في الفترة المذكورة. فالضمانات الشفهية باتت "كلام ليلٍ يمحوه النهار"، بحسب توصيف رئيس "لجنة العمال المياومين" لبنان مخول.

لكن يبدو أن هذا الطرح لم يولد بشكل رسمي لدى المدير العام لمؤسسة الكهرباء كمال حايك، اذ طلب من المياومين، خلال حديث لـ "المدن"، تقديم هذه المبادرة الى الإدارة، وأكد أن "الإدارة منفتحة على كل الحلول، وهي تحت سقف القانون الذي أقره مجلس النواب، وتحت سقف مجلس الخدمة المدنية".

عدم بلورة الآلية المذكورة بشكل خطي، ورفعها رسمياً الى مجلس الإدارة، قد يبدو وكأنه العثرة الوحيدة، التي تنتهي بمجرد صياغة بضعة أوراق. لكن الكشف عن اختفاء مبادرة جديدة "مباركة" سياسيا، ينهي إمكانية النقاش حول جدوى تقديم المبادرة الأولى خطياً أو حتى شفهياً. فالمبادرة الثانية، التي قدمها رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط، عبر تكليفه وزير الزراعة أكرم شهيّب بمتابعة الملف، "لا تختلف كثيراً عن المبادرة المتداولة إعلامياً، وهي كانت تسير نحو التنفيذ، بعد توقيع الجهات السياسية المعنية عليها، إضافة الى توقيع لجنة المياومين وإدارة المؤسسة، لكن فجأة توقف الحديث عنها"، وفق ما أعلنه مخول لـ "المدن".

إذاً، المبادرة الثانية التي تم التداول فيها منذ شهر، "كانت خطيّة"، ومع ذلك لم تنفذ ولم تقدّم كخلاصة لمعاناة استمرت على مدى حوالي 3 سنوات. أما سبب توقفها، فمجهول حتى الآن، أو على الأقل غير معلن.

وجود نواة الحل لم يشفع لملف المياومين، ولم ينهِ إعتصامهم الذي تعتبره إدارة المؤسسة احتلالاً، ويتململ منه عمال ومستخدمو المؤسسة، على اعتبار أنّه يضر بالعمل. نقابة العمال والمستخدمين لفتت النظر في هذا الإطار، إلى أنّ إستمرار الوضع كما هو، "ينذر بعواقب وخيمة على ملاك المؤسسة والمياومين على السواء"، ويدعو الى الشك بأن هناك "شيئاً ما يحضر للمؤسسة وعمالها، كأن يصار إلى تلزيم الإنتاج والنقل للشركات، فيكون قانون الخصخصة قد طبق من حيث لا ندري". وأوضحت النقابة في بيان لها بعد اجتماعها مع الإتحاد العمالي العام، اليوم الأربعاء، انها تؤيد المبادرة الأولى، وتحذر من "الوضع المالي الذي وصلت إليه المؤسسة، حيث لم يعد بإستطاعتها دفع تعويضات الصرف للذين أنهوا خدماتهم، ناهيك عن معاناة العمال في الضمان والإستشفاء والفواتير النقدية والصيدليات والساعات الإضافية وغيرها".

مخاوف النقابة تقاطعت مع "شبه اليقين" الذي وصل إليه المياومون حيال خصخصة الكهرباء. حيث ان التعنت في حل الملف لا يترك مجالاً للشك في ان الخصخصة هي المقصد المنشود، مع فارق مهم بين هذه الخصخصة وطروحات الخصخصة في مجالات أخرى. اذ ان خصخصة الكهرباء ستتم بعد تدمير القطاع نهائياً، من دون إنجاز الهدف الذي يعلنه المسؤولون في الغالب، بعد كل قرار بالخصخصة - أي إصلاح القطاع - ويأتي التصويب على نية تدمير القطاع، من ملاحظة عمل الشركات مقدمي الخدمات، التي اتت بهدف الإصلاح، لكنها "بنت خبرتها على ظهر المياومين"، كما أوضح مخول الذي أكّد انه "لو قيل لنا إن شركة خاصة عملت في بلد ما ونجحت، وتريد استلام الكهرباء في لبنان، لكنا رحبنا بذلك، لكن ما يحصل الآن مع الشركات الحالية غير مقبول".

مبادرة تثبيت عدد من المياومين بمباراة، وإلحاق الباقين خلال سنتين، لم يتم التعرف إليها. ومبادرة جنبلاط الذي اخذ على عاتقه لعب دور الوسيط للوصول الى حل، إختفت. وإدارة الكهرباء ما زالت "منفتحة" على الحلول. و"حزب الله" غائب عن "المياومين الشيعة الذين يعدّون من القاعدة الشعبية للحزب"، وفق ما ذكره أحد المياومين. أما وزير العمل، فيبحث عما يمكن ان يجده لدى المعنيين... مما يعني ان الحل بعيد جداً!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها