الخميس 2018/02/22

آخر تحديث: 10:01 (بيروت)

عمليّة تجميل للموازنة: تغطية فضيحة البواخر

الخميس 2018/02/22
عمليّة تجميل للموازنة: تغطية فضيحة البواخر
تلزيم عقود البواخر قد يتم بصورة رضائية عبر مجلس الوزراء (خالد الغربي)
increase حجم الخط decrease
بدأت الحكومة العد العكسي للخروج بموازنة "لائقة" للعام 2018، يمكن تقديمها إلى المجتمع الدولي في مؤتمر باريس 4. لكن حتى اللحظة، تصطدم الموازنة بعقبات تفاقم العجز الناجم بصورة أساسية عن الهدر والفساد. وإحدى أبرز العقبات، ملف الكهرباء الذي يسجّل عجزاً يفوق 3 مليار دولار، إذا أضفنا إليه كلفة مشروع بواخر الطاقة المنوى استجرارها.

اتجاه السلطة نحو حشر نفسها في الزاوية الضيقة، يدفع أقطابها إلى محاولة الاستفادة من إمكانية تمرير بعض الصفقات العالقة، كنوع من المقايضة غير المعلنة بين تسهيل التوافق على إخراجٍ للموازنة، وبين تمرير مشاريع كمشروع البواخر، خصوصاً إذا تمكّن أصحاب مشروع البواخر من إقناع المعترضين بأن مكاسب المشروع يمكن تحصيلها بعد توزيع المغانم التي سيحصل عليها لبنان في مؤتمر باريس.

من المؤكد أن المقايضة المباشرة، بصيغة إمّا البواخر وإمّا الموازنة، لا يمكنها أن تحصل. فالمعترضون والموافقون على مشروع بواخر الطاقة، متضررون من جمود حال الموازنة التي من المفترض عدم تأخير إقرارها الى ما بعد 5 آذار، وفق ما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأربعاء في 21 شباط 2018، لأن إقرارها بعد هذا التاريخ "مستحيل". والمقايضة المباشرة تؤدي إلى خسارة الجميع، إذ "لا يمكن رهن ملف الموازنة بملف البواخر". فالملف الأول سيكون "واجهة لبنان إلى المجتمع الدولي، الذي لا يهتم بالتفاصيل اللبنانية الضيقة، ولا يكترث للصراعات الداخلية، بل يريد أن يرى موازنة واضحة يدفع بموجبها أمواله. لذلك، من مصلحة أطراف السلطة كافة التوافق على الموازنة وإقرارها لتحصيل الأموال من المجتمع الدولي"، وفق مصادر متابعة للملف.

عليه، يمكن اجراء المقايضة بعد تدوير زوايا الخلافات، وتبيان المكاسب، وتحديداً بعد فصل عجز الكهرباء عن حسابات الموازنة العامة. وهو ما يجد توافقاً شبه حتمي من قبل أطراف السلطة.

وتلفت المصادر إلى أن "استجرار بواخر الطاقة يمكّن لبنان من حصر كلفة الكهرباء". ويمكن لأحزاب السلطة الركون إلى مسألة حصر الكلفة لتعليل تمرير المشروع عن طريق العقد الرضائي بموافقة مجلس الوزراء. فتتخلص بذلك من أي نقمة شعبية قد تحصل جراء تمرير الصفقة التي أوقفتها إدارة المناقصات في التفتيش المركزي، غير مرّة. وفي ضوضاء الموازنة، يمر مشروع البواخر من دون اعتراضات تذكر.

وحصر الكلفة يتلاءم مع فصل عجز الكهرباء عن حسابات الموازنة العامة. وهو الإجراء المزمع اتخاذه لتحسين صورة موازنة الدولة اللبنانية أمام المجتمع الدولي. إذ سيتقلص عجز الموازنة نظرياً على الأقل، في حال تم وضع عجز الكهرباء خارجها. وهذا الفصل يعني إعطاء مساحة أكبر للتناحر السياسي حول ملف الكهرباء بعيداً من الموازنة، سواء كان التناحر في شق البواخر، أو في شق المؤسسة ومشروع مقدمي الخدمات والمياومين. "وهذا الإجراء يُناسب كل أحزاب السلطة لأنه سيُخفي العجز والفضائح مع الوقت، وسيصبح من المستحيل تتبّع أثره"، وضمناً فإن خسائر صفقة البواخر لن تُلحَظ في الموازنة العامة. وتراكم العجز "سيسهّل تقديم مؤسسة كهرباء لبنان للخصخصة، على طبق من فضة". من هنا، تصبح المقايضة غير المباشرة أمراً ممكناً، خصوصاً أن وزير المال علي حسن خليل ربط إجراء الإصلاحات البنيوية، ومنها تأمين الكهرباء، بوجود "قرار سياسي حاسم وإستراتيجي يعالج المشكلة القائمة". والقرار السياسي مرهون دائماً بالتوافق على كيفية إيجاد مخرج للصفقات والأزمات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها