الثلاثاء 2017/03/14

آخر تحديث: 05:06 (بيروت)

قنبلة موقوتة في المصارف

الثلاثاء 2017/03/14
قنبلة موقوتة في المصارف
زاد الدين العام الذي تموّله المصارف بنسبة 6.02% (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
مع نشر المصارف اللبنانيّة ميزانيّاتها للعام 2016، بدأت بالظهور إلى العلن نتائج هندسات مصرف لبنان الماليّة، مع نسب نمو متضخّمة لم يشهدها القطاع منذ سنوات. والأهم، ظهرت متوجّبات ضريبيّة كبرى لم تشملها الموازنة الحكوميّة التي يتم العمل عليها، مع أنّها كانت تكفي وحدها لتغطية أعباء سلسلة الرتب والرواتب، لو تم ذكرها.


النمو الأكبر منذ 5 سنوات
وفق المصرف المركزي، شهد العام 2016 نسبة نمو بلغت 9.85% في مجموع موجودات المصارف اللبنانيّة، التي بلغت 204.31 مليار دولار في نهاية العام، أي بحجم نمو بلغ 18.3 مليار دولار أميركي. بالتالي، يكون القطاع المصرفي قد سجّل نسبة النمو الأكبر له منذ خمس سنوات.

بالتأكيد لا يمكن فصل هذا النمو الضخم في الموجودات عن هندسات مصرف لبنان الماليّة، التي تمّت خلال السنة الماضية، والتي درّت على هذه المصارف ربحاً صافياً يُقدّر بخمسة مليارات دولار، هي نتيجة عمليّات السواب التي تمّت. وفي تقرير لبنك داتا، زاد حجم أرباح مصارف مجموعة ألفا (أكبر 14 مصرفاً لبنانياً) بنسبة 11.9%. ما ساهم برفع العائد على متوسّط حقوق المساهمين لغاية 11.77%، مقارنةً مع متوسّط عالمي يبلغ 8.5%.

وظهرت آثار "الهندسات" في طبيعة الموجودات المصرفيّة، إذ ارتفعت، وفق تقرير بنك داتا، تسليفات المصارف بالليرة اللبنانيّة بنسبة 13.5% مقارنةً بـ1.4% بالعملات الأجنبيّة، وهو ما عزاه التقرير إلى فوائض السيولة بالليرة اللبنانيّة التي خلقتها عمليّات السواب في السنة الماضية. أمّا نسبة صافي السيولة في الودائع بالليرة اللبنانيّة فقد ارتفعت لدى المصارف من 18% إلى 40.5% في نهاية 2016.

مع العلم أنّ تحذيرات كثيرة خرجت إلى العلن في ما يخص الهندسات الماليّة، بينها تقرير صندوق النقد الدولي، الذي حذّر منذ فترة من آثارها لجهة ضخ السيولة بالعملة المحليّة بهذه الطريقة (التي ظهرت الآن في ميزانيّات المصارف للسنة الماضية). وحذّرت موديز من أثر هذه العمليّات على المصارف لجهة زيادة انكشافها على الدين السيادي وتقليص سيولتها بالعملات الأجنبيّة.

ترتيب المصارف الثلاثة الأولى
حافظ ثلاثي البنوك عودة، لبنان والمهجر وبيبلوس على ترتيبه في صدارة المصارف اللبنانيّة لجهة حجم الأرباح، مع تفاوت في نسب زيادة الأرباح. فظلّ عودة في طليعة القائمة بأرباح تجاوزت 470 مليون دولار في 2016، مقارنةً بـ403 مليون دولار في 2015، أي بنسبة نمو بلغت 17%. وزادت موجودات المصرف بقيمة 3.6 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 10%.

ووفق تقرير للمصرف، حصل بنك عودة على مليار دولار إضافي على شكل أرباح استثنائيّة كنتيجة مشاركته في هندسات مصرف لبنان، تم استعمالها لتكوين مؤونات واحتياطات وزيادات في حقوق مساهمي المصرف.

ويمكن ببساطة مقارنة حجم أرباح المصرف من أعماله التشغيليّة الاعتياديّة (470 مليون دولار) وحجم الأرباح الاستثنائيّة في السنة نفسها (مليار دولار) لملاحظة حجم التضخّم الذي شهدته ميزانيّات المصرف جرّاء عمليّة "غير تقليديّة" وسريعة.

أمّا بنك لبنان والمهجر فحلّ ثانياً بحجم أرباح بلغ 463 مليون دولار، كما صرّح المصرف، في زيادة بحجم 59 مليون دولار عن السنة الماضية، أي بنسبة نمو تقارب 14.6%. بينما تلاه بنك بيبلوس بحجم أرباح تجاوز 165 مليون دولار، بنسبة زيادة تقارب 2.4%.

متوجّبات ضريبيّة.. خارج الموازنة
يتوجّب على أرباح المصارف اللبنانيّة، في ميزانيّات العام 2016، من الهندسات الماليّة تكاليف ضريبيّة ضمن الأرباح العاديّة للمصارف. وقد أبلغت وزارة الماليّة بتاريخ 21/01/2017 جمعيّة المصارف بوجوب أداء الضريبة على عمليّات السواب والتصريح بها ضمن أعمال السنة التي تمّت فيها، ثم قامت الجمعيّة بتعميم طلب الوزارة على المصارف.

في بيان لجمعيّة المصارف، قدّرت الجمعيّة إجمالي المستحقّات الضريبيّة التي سيتم دفعها كنتيجة لأرباح عمليّات السواب عن العام 2016 بـ850 مليون دولار. أي ما يوازي 1281 مليار ليرة لبنانيّة، وهي مستحقّات تكفي وحدها لتغطية قيمة سلسلة الرتب والرواتب المدرجة في إحتياطي الموازنة بقيمة 1200 مليار ليرة لبنانيّة، من دون الضرائب الإضافيّة.

إلا أنّ الغريب هو عدم إدراج هذه القيمة في مشروع الموازنة العامّة. ما ضخّم قيمة العجز فيها بالقيمة نفسها، الأمر الذي تم استعماله لتبرير الزيادات الضريبيّة لسداد كلفة السلسلة.

الدين العام تضخّم أيضاً
في إمكان نتائج العام 2016 أن تطلق بعض الرضى في الأوساط المصرفيّة لجهة نسب النمو المرتفعة التي حقّقتها المصارف في هذه السنة. لكنّ الأمر الأهم هو أنّ هذه النتائج لا تأتي بمعزل عن عمليّة استثنائيّة كانت محل جدال طوال الفترة الماضية.

ولا يمكن النظر إلى هذه النتائج بمعزل عن التحدّيات المقبلة على القطاع المصرفي والنظام المالي اللبناني بشكل عام. وأوّلها تحدّي الدين العام الذي تموّله المصارف، الذي زاد، وفق جمعيّة المصارف، بنسبة 6.02% لغاية شهر تشرين الثاني 2016، ليبلغ 74.54 مليار دولار أميركي. ولاشك في أنّ الهندسات الماليّة كان لها دورٌ بارز في تضخيم قيمة الزيادة في هذا الدين.

وتكفي الإشارة إلى أنّ المصارف تموّل 40.9% من قيمة الدين العام بشكل مباشر، و43.6% منه بشكل غير مباشر عبر مصرف لبنان، وفق جمعيّة المصارف. ما يعني أنّ القطاع المصرفي يموّل عمليّاً ما نسبته 84.5% من هذا الدين، وهو ما سيبقى التحدّي الأبرز أمام القطاع، وربّما قنبلته الموقوتة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها