الخميس 2017/02/02

آخر تحديث: 02:58 (بيروت)

نصف الودائع المصرفية لـ1%.. هكذا اقتصاد لبنان

الخميس 2017/02/02
نصف الودائع المصرفية لـ1%.. هكذا اقتصاد لبنان
عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب تحد للنظام المالي اللبناني (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

نشر صندوق النقد الدولي تقرير "تقويم استقرار النظام المالي" الخاص بلبنان، والمؤلف من 70 صفحة، بالإضافة إلى مشاورات بعثة "المادّة الرابعة"، مرتكزاً على نتائج بعثته التي زارت لبنان مرتين خلال العام 2016. ويهدف التقرير إلى تقييم استقرار النظام المالي ككل، وتحديد المخاطر التي تواجهه واقتراح السياسات التي تعزّز مناعته.

استئثار 66 مصرفاً
في القسم الخاص بالمخاطر التي تواجه النظام المالي اللبناني، يشير التقرير إلى هيمنة المصارف عليه، حيث يستأثر 66 مصرفاً بـ97% من موجودات النظام المالي، وتشكّل موجوداتها 397% من الناتج المحلّي. وتشكّل هذه الموجودات المصرفيّة، ونسبتها إلى الناتج المحلّي، حجماً كبيراً بالنسبة إلى بلد متوسّط الدخل، بينما لا تلعب المؤسسات المالية غير المصرفية أدواراً مهمة في النظام المالي. 

ويذكر صندوق النقد في هذا الإطار إنكشاف المصارف الكبير تجاه الدين السيادي، الذي بلغ 138% من الناتج المحلّي، بينما بلغ العجز ما يوازي 9 إلى 10% من الناتج المحلّي. وإذ تشكّل المصارف المصدر الأساسي لتمويل الدين، تشكّل سندات الدين الحكوميّة نحو 28% من موجودات هذه المصارف، بينما تشكّل المطلوبات من مصرف لبنان 40% من هذه الموجودات المصرفية. بالتالي، تمثل الموجودات لدى مصرف لبنان وسندات الدين الحكومية ما مجموعه 68% من الموجودات المصرفية. ويشير التقرير إلى كون المصارف معرضة إلى خفض تصنيفاتها الائتمانية بسبب هذا الانكشاف.

يلاحظ التقرير ارتفاع نسبة الديون المتعثرة إلى 10.4% في حزيران 2016، في ظل قطاع عقاري متباطئ. ما يشكّل مخاطر متزايدة على المصارف. كما أن نحو 90% من محفظة ديون المصارف مرتبطة بمخاطر السوق العقاري، إما بشكل مباشر كما في حالة القروض العقارية والسكنية، وإما بشكل غير مباشر عبر الرهونات العقارية. وفي حالة القروض العقارية، فقد بدأت عوارض التعسر في هذه القروض بالظهور، في ظل وجود كميات كبيرة من العقارات غير المباعة.

ويشير التقرير إلى أن عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب تشكل تحدياً كبيراً للنظام المالي اللبناني، حيث تشكّل عائدات الجريمة، بما فيها العمليات المرتبطة بالفساد، فرصاً لاساءة استعمال القطاع المصرفي. كما أن العديد من الأفراد والمنظمات والمؤسسات المالية اللبنانية خضعت لاجراءات خاصة من الحكومات الأجنبية على خلفية ارتباطها بعمليات غسل أموال وتمويل الجرائم.

هندسات مصرف لبنان
بالنسبة إلى هندسات مصرف لبنان، يشير صندوق النقد إلى أنها لا تقدم حلاً مستداماً لحاجات لبنان التمويلية. فالهندسات أدت إلى ضخ كمية معتبرة من السيولة في يد المصارف بالليرة اللبنانية توازي ثلث الناتج المحلي، كما أنها قلصت بشكل كبير السيولة بالدولار الموجودة لدى المصارف. وأدت هذه الهندسات إلى تقليص فروق الفوائد بين الودائع بالليرة والدولار. ما يضاف إلى مخاطر دولرة الإقتصاد. أخيراً أدت هذه الهندسات إلى زيادة أعباء مصرف لبنان في العملة الأجنبية. ما أثّر على الميزانيّة العامّة للمصرف.

أما على صعيد السيولة فهي متركزة بحسب صندوق النقد بشكل كبير، إذ إن 1% من الحسابات المصرفية تستحوذ على 50% من محفظة الودائع الإجمالية. و0.1% من الحسابات تستحوذ على 20% من هذه المحفظة.

ويعتبر التقرير أن مساهمة أسواق المال في التمويل هامشية، إذ يوجد 10 شركات مدرجة في البورصة لا تتخطى قيمتها السوقية 24% من الناتج المحلي، بينما تبلغ النسبة هذه 40% في البلدان متوسطة الدخل. ورغم الأنظمة التي تم وضعها في السنوات الماضية ليتماشى لبنان مع المعايير الدولية، هناك اجراءات إضافية يجب اتخاذها، مثل تشكيل لجان فرض العقوبات وتوفير الحماية القانونية لهيئة الأسواق المالية.

التوصيات
في التوصيات، يشير صندوق النقد إلى أن السلطات اللبنانية يجب أن تصغ سياسات تركز على الحد من نمو الدين العام، وتضع الإقتصاد على طريق أكثر استدامة. ويوصي باعتماد موازنة ذات صدقية تقوم على نفقات أكثر توازناً، وعلى إصلاحات ضريبية عادلة. من ضمن هذه الإصلاحات الضريبيّة التي يقترحها الصندوق، زيادة الضريبة على أرباح الشركات وإيجاد ضريبة على الربح العقاري، بالإضافة إلى زيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفيّة من 5% إلى 7%. ويقترح الصندوق رفع الضرائب على التبغ والبنزين بالإضافة إلى رسوم جديدة أخرى.

يعتبر الصندوق أن في إمكان لبنان رفع نسبة التحصيل الضريبي (نسبة الضرائب التي يتم تحصيلها فعلياً من إجمالي الضرائب المستحقة التي يمكن تحصيلها بالحد الأقصى). إذ إن هذه النسبة لا تتخطى في لبنان 50% في الحد الأقصى، بينما يبلغ المعدل العالمي 70%. ويعتبر الصندوق أن أي عملية تصحيح للأجور يجب أن تترافق مع خطوات لزيادة إنتاجية الإدارة وعقلنة النمو في حجم التوظيف في القطاع العام، ويجب أن يتم تعويض هذه الكلفة في الموازنة من خلال موارد أخرى.

يشكل تقرير صندوق النقد دلالات ذات أهمية إستثنائية، إذ إنه التقرير الأول منذ العام 2013، الذي يتناول الأنظمة المالية اللبنانية ويدرس حجم تعرضها للمخاطر. وكما في كل التقارير المشابهة تبقى نقطة الإنطلاق هي التعامل مع أعظم مخاطر النظام المالي اللبناني الكامنة في حجم الدين العام ونموه، ومشكلة العجز المزمن التي تفرض زيادة هذا الدين بشكل مستمر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها