الثلاثاء 2016/05/24

آخر تحديث: 17:42 (بيروت)

المصارف و"حزب الله": ضحايا أبرياء

الثلاثاء 2016/05/24
المصارف و"حزب الله": ضحايا أبرياء
فضل الله: جمعية المبرات غير مدرجة على لائحة الحظر (Getty)
increase حجم الخط decrease
لم تنجح اللقاءات بين "حزب الله" ومصرف لبنان في رفع الخطر كلياً عن "إقتصاد" الحزب، وإقتصاد بيئته في المصارف اللبنانية. إذ إن الطريق إلى المصارف ما زالت مفخخة بألغام القرار الأميركي وتعميم مصرف لبنان 137 الذي يسمح للمصارف بفرض سلطتها على حسابات أفراد الحزب أو المقربين منهم. وبالطبع، فإن هذه السلطة ليست عامة، بل بحسب قوة المصرف إقتصادياً وتأثيرات أصحابه السياسية في لبنان.

الباب الجديد الذي فتحه القانون الأميركي دفع ببعض المصارف إلى المسارعة لإعلان الولاء بطريقة لم يطلبها الأميركيون أصلاً. فبدأ إيقاف حسابات لأساتذة في مدارس تابعة لـ"حزب الله" ومحيطه، ناهيك بـ"التدقيق في إنتماء الأساتذة والمتعاملين مع المصارف، الآتين من مؤسسات إسلامية عموماً، وليس من مؤسسات تابعة للحزب فحسب"، وفق ما يقوله لـ"المدن" أحد معلمي "مدارس المصطفى" في بيروت.

يؤكد المدرس خوفه من "قرار متسرع للمصارف في التضييق على حساباتنا وحسابات أقربائنا. فالمصارف باتت تدرج سؤالاً جديداً على قائمة أسئلتها لعملائها وطالبي القروض، وهو: "هل تذهب أو يذهب أحد من أقربائك إلى سوريا؟". وهو السؤال الرديف لـ"هل أنت أو أحد أقربائك ينتمي إلى حزب الله؟"، على اعتبار أن "حزب الله" يقاتل في سوريا، وأن عدداً من ابناء بيئة الحزب يذهب للقتال هناك". ويشير المدرس الذي "لا ينتمي إلى حزب الله، لا فكرياً ولا سياسياً"، كما يعرّف عن نفسه، إلى أن ما يحصل "هو أزمة حقيقية، قد تكون تبعاتها المستقبلية أخطر مما نشهده اليوم".

ويُذكّر المدرس بالتضييق على "جمعية المبرات الخيرية"، والتي تم تجميد بعض حساباتها في المصارف اللبنانية، كجزء من الممارسة "غير المتّزنة" لبعض المصارف.

وفي الإطار نفسه، ينفي السيد جعفر فضل الله، نجل السيد الراحل محمد حسين فضل الله، أن يكون إسم المبرات مدرجاً في لائحة الحظر. ويلفت الانتباه في حديث إلى "المدن" إلى أن "الحديث عن المبرات هو حديث لبناني داخلي، ولم ياتِ أي قرار أميركي بشأن المبرات. والمبرات غير معنية بالشأن الأميركي بل معنية بالشأن اللبناني". ويؤكد أن الموضوع "أبعد من دائرة مصرف هنا أو هناك، بل هو موضوع بلد وهوية وشعب، ولا يجوز خلط الأمور ببعضها، فهذه التصرفات تعني أن هناك من يحاول استعداء فئة كبيرة من اللبنانيين".

تجدر الإشارة إلى أن الجمعية ليست مؤسسة تابعة لـ"حزب الله"، بل على العكس من ذلك، فإن تصنيفها يمكن أن يوضع في خانة "الخصومة" مع الحزب، فمن ناحية تنافس مدارسها مدارس الحزب، ومن ناحية أخرى، فإن الحزب "نبذ" مؤسسها الذي كان في مرحلة تاريخية المرشد الروحي له، وبات لدى كثيرين من محازبي الحزب وجمهوره، "خائناً" ولا يجوز تقليده. وذلك انطلاقاً من الإختلاف الفكري الذي تميّز به فضل الله عن فكر ولاية الفقيه والمرجعية الإيرانية التي يتبعها "حزب الله".

وصول الخوف إلى دار الأساتذة والأيتام، يدل بحسب أحد موظفي المصارف في صور، على أن "مفاعيل القرار الأميركي بدأت تظهر دون الحاجة إلى توجيه تهمة إلى شخص أو جهة محددة، أو الحاجة إلى إقفال حساب أو رفض فتح حساب، فبمجرد إحداث بلبلة، هو إنجاز لعرّاب القرار، وللمصارف المستفيدة". ويشير الموظف في حديث إلى "المدن" إلى أن الناس "يسألوننا يومياً عن حساباتهم، ونؤكد لهم أن الأمر ليس بالخطورة التي يظنونها، ونطمئنهم إلى أن مصرف لبنان يتحكم بالدفة".

لكن الى جانب تهدئة الناس، يخاف الموظف على "عملنا نحن أيضاً. فنحن موظفون وأصحاب حسابات في المصارف، وأبناء بيئة حزب الله ولدى بعضنا أقارب أو أخوة في الحزب، فهل سنواجه عقوبات وأخطار؟". لا يجد الموظف من يجيبه بشكل شافٍ، غير أن "إدارة المصرف تقول لنا إننا بأمان، والمسألة ليست كما يروّج لها. لكن من يضمن ذلك في ظل خوف يطال حتى أصحاب الأموال في الخارج، والمحسوبون على بيئة الحزب".

ويسأل الموظف عما يمكن أن يبقى لأبناء الطبقة الوسطى الأكثر تضرراً من القرار الأميركي، وسط تعسف بعض المصارف في التطبيق، "خصوصاً أن هناك قراراً من مصرف لبنان يسمح للمصارف بالتدقيق على طالبي القروض من الصحافيين والعاملين في المجال السياسي، تحت شعار عدم ضمان إستمرارية عملهم في المؤسسات الإعلامية". وبين هذا القرار والقرار الأميركي، يبقى الموظفون أمام خطر عزلة حقيقية تهدد أمنهم الاجتماعي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها