الأربعاء 2014/09/17

آخر تحديث: 14:42 (بيروت)

سينما ألمانية في بيروت: عودة شلوندورف

الأربعاء 2014/09/17
increase حجم الخط decrease
12 فيلماً ألمانياً حديثاً تشق طريقها الى بيروت بدءاً من الخميس 18 الجاري في صالة "متروبوليس". هذه المرة الأولى التي يُعرض فيها هذا الكمّ من الأفلام الألمانية بشكل منظم وبرعاية معهد غوتيه الذي استطاع الإتيان ليس فقط بأحدث انتاجات السينما الألمانية، بل بسبعة أشرطة كانت أبصرت النور في الدورة الأخيرة من مهرجان برلين، مع التفاتة الى السينما العربية مع عرض "عمر" لهاني أبو أسعد في الختام.

الأفلام متنوعة، منها ما هو كوميدي خفيف يحاكي الاسلوب التلفزيوني، ومنها أعمال درامية رصينة تضعنا في صميم الذات البشرية. في الحالتين، هذه مناسبة لاطلالة على الواقع الألماني حاضراً وماضياً.

"بنكلايدي" لكريستيان ألفارت هو فيلم الافتتاح (18/9). مخرج "قضية 39" يقدم فيلماً ديناميكياً بحركة متواصلة، على طريقة السينما الأميركية. نوع من "بوني وكلايد" تجري احداثه في ضواحي هامبورغ. الفيلم مقتبس من سيرة جيزيللا فرلرن التي ذاع صيتها كأشهر سارقة مصارف في ألمانيا، اذ انها خططت ونفذت مع عشيقها عمليات سطو على 19 مصرفاً، وفي بالها هدف واحد: الهرب الى جزيرة كابري الايطالية. من عاملة مصنع تعيش في ظروف الفقر والتهميش، تتحول جيزيللا الى واحدة من أشرس اللصوص. الفيلم ليس النموذج الأدق لما هي عليه السينما الألمانية اليوم. فهناك مستلزمات اعادة التجسيد والخيارات الجمالية والمعالجة الايقاعية وكل تلك الأشياء التي جعلت الفيلم أقرب من "عقدة بادرماينهوف"، منه الى "حياة الآخرين".



في اليوم الثاني لانطلاقته، يرد "اسبوع السينما الألمانية" الاعتبار ــ ولو بطريقة غير مباشرة ــ الى الألماني الكبير فولكر شلوندورف (75 عاماً)، صاحب "سعفة كانّ" عن فيلمه "الطبل". المخرج الذي انجز "المزوّر" العام 1980 عن الحرب الأهلية اللبنانية، لن يحضر الى "الاسبوع"، لكن سيُعرض له "اليوم التاسع" (2004). قصة رئيس دير متحدّر من لوكسمبورغ، أمامه تسعة أيام للتوصّل إلى قرار مصيري ما بين الحياة والموت. المهرجان لا يكتفي بهذا القدر عن شلوندورف. هناك ايضاً عرض "وداعاً شلوندورف"، الذي يُعرف عنه الملف الصحافي على هذا النحو: "عرض سمعي بصري مدته خمسون دقيقة تمتزج فيه رسائل حميمة وأصوات مجهولة الهوية مسجّلة على أشرطة، ومؤلفات موسيقية مع مشاهد قصيرة من "المزوّر" ومقتطفات من كواليس التصوير. يعود المشاهد بالزّمن إلى الأحداث اللبنانية التي جرت في الثمانينات من خلال امتزاج الواقع المتمثّل بالرسائل الحميمة وفيلم شلوندورف الروائي". الأداء لوائل قديح ويان بيتارد.

ومن الأفلام التي تُعرض ايضاً: "5 سنوات" (20/9) لشتيفان شيلار الذي يحكي قصة شاب ألماني من أصل تركي يُلقى القبض عليه من قبل الجيش الأميركي خلال تواجده في باكستان ويُنقل الى سجن غوانتانامو حيث سيُعتقل من دون أي تهمة حقيقية لمدة خمس سنوات. الفيلم برمته هو عن ظروف الاعتقال والتعذيب والاستجواب حيث لا يتراجع القائمون على السجن امام أي وسيلة لاستدراج المعتقل الى الاعتراف. هذا أول فيلم روائي طويل يخرجه شيلار، وقد ركز في السيناريو الذي كتبه بنفسه على المعاناة النفسية والقهر الجسدي اللذين سيعاني منهما شاب كل جريمته انه اراد تغيير واقعه والتخلي عن مهنته كنادل للالتحاق بمدرسة قرآنية في باكستان.

المخرج الألماني- التركي بورا داغتيكين يقدم "اللعنة، غوتيه" (20/9). فيلم هزلي حقق ايرادات عالية جداً (7 ملايين مشاهد) في الصالات التجارية الألمانية. داغتيكين يتعاون مع ممثله المفضل الياس مبارك للمرة الخامسة، مانحاً اياه دور لصّ اسمه ذكي يخرج من السجن ويسعى الى العثور على الكنز الذي كان طمره في حقل. كم ستكون دهشته كبيرة عندما يعلم ان صالة رياضة تابعة لمدرسة قد شيدت في مكان الكنز. امام هذا الواقع، لا يجد ذكي نفسه الا مضطراً ان يعمل معلماً في المدرسة، الأمر الذي سيخلق سلسلة مفارقات لا تنتهي.

المخرج القدير دومينيك غراف يأتينا بـ"الأخوات الحبيبات" (21/9)، مثلث غرامي "دقّة قديمة"، عُرض في مسابقة الدورة الماضية من برلين. بالكثير من الحسّ الأكاديمي والاطالة الزمنية، يرسم غراف بورتريه شقيقتين وقدرهما العاطفي، انطلاقاً من علاقتهما بالشاعر فريدريش شيللر. عمل مسطح على الرغم من الأداء المتماسك لهنّا هرزبرونغ وهنرييت كونفوريوس.

"كولهاس" (22/9) ليس الفيلم الذي قد نتوقعه. في أيّ حال، لم ينجز ارون ليمان، في تجربته الإخراجية الأولى، أفلمة كلاسيكية لرواية هنريش فون كلايست. السيناريو يضعنا في قلب عملين: واحد يظهر كيفية تصوير الفيلم، والآخر يخبرنا قصة رجل الريف الذي سينتقم لشرفه بعد تعرضه لإهانة من أحد الاسياد. في الفيلم الأول، نرى ليمان وهو يحاول تصوير "كولهاس"، لكن سرعان ما تقطع الجهة المنتجة المال عنه بسبب الاختلاف في وجهات النظر، فيطالب ليمان من العاملين ان يستعينوا بمخيلتهم لايصال فكرة الفيلم الى المشاهدين بأبسط الامكانات.

"فتاة الباروكات التسع" (23/9) لمارك روثموند، فيلم يقول ان الاصرار على التخلص من المرض ضروري للتخلص منه فعلاً. مع ذلك، لم ينجز روثموند فيلماً مناضلاً. فهو صوّر ببساطة شديدة وتسلسل محكم حكاية صوفي ذات العشرين عاماً التي تكتشف خلال اعياد رأس السنة بأنها مصابة بالسرطان. كل شيء ينهار على اثر هذا الخبر، الأحلام والطموحات، ما عدا الأمل الذي ستتمسك به صوفي للخروج من محنتها. ليزا توميشيفسكي تقدم اداءاً جميلاً في دور صوفي.

في "ملحمة حبيب الشعرية" (23/9) لميشاييل بومان نتعرف الى 4 رجال تتقاطع مصائرهم خلال أربع ليال صيفية. وعندما تشرق الشمس فوق المدينة ويعدُل عمّال النظافة عن إضرابهم ليعيدوا النظام الألماني، يتغيّر مصير هؤلاء الرجال الأربعة للأبد. بحسب الملف الصحافي، هذا فيلم عن "تفويت الفرص وحنين إلى وطن يتخطّى حدود كلّ الأوطان".



"اسبوع السينما الألمانية" يأتينا ايضاً بـ"حياتَين" (24/9) لجورج ماس، المرشح الألماني لفئة أفضل أجنبي في "أوسكار" 2014. الفيلم مقتبس من رواية لهانيلور هيبه، وهو من بطولة الممثلة الكبيرة ليف أولمان. تبدأ الأحداث بعد فترة قليلة من سقوط جدار برلين. كاترين، التي ترعرت في شرق ألمانيا وعاشت في النروج لعشرين عاماً، هي "وليدة الحرب"، ثمرة علاقة بين امرأة نروجية وجندي ألماني محتلّ خلال الحرب العالمية الثانية. تعيش كاترين حياة سعيدة مع والدتها وزوجها وابنتها وجدّتها. ولكن عندما يطلب منها محام أن تشهد هي وأمّها في المحكمة ضدّ الدولة النروجية باسم أطفال الحرب، تتردّد بشدّة. دراما انسانية عن اسرار الماضي التي تهز حياة سيدتين.
 
"اسبوع السينما الألمانية"، من 18 الى 27 أيلول/سبتمبر. تجري العروض في مجمع "متروبوليس" بيروت (أمبير ــ صوفيل). للمزيد من المعلومات عن جدول العروض، ندعوكم الى زيارة الموقع.


ورش عمل لمواهب عربية
على هامش "اسبوع السينما الألمانية"، تطلق جمعية "متروبوليس" باشراف معهد غوته الدورة الأولى من "مواهب بيروت" التي ستجري من 18 الى 22 الجاري. هذا الحدث يُنظم بالتعاون مع مهرجان برلين السينمائي الدولي ومهرجان مرسيليا الدولي للأفلام التسجيلية. نشاط يتكون من ورش عمل تركز على مهن متعلقة بصناعة الأفلام لم تُنصف بعد في العالم العربي. تم تأليف لجنة من محترفين لبنانيين وأجانب، وهذه اللجنة اختارت 20 مشاركاً من مدير تصوير، ومونتير، ومهندس صوت، ومؤلف موسيقى أفلام من العالم العربي للمشاركة في ورشات عمل وجلسات متخصّصة تمتدّ على خمسة أيّام، يتم خلالها استضافة سبعة خبراء في صناعة الأفلام، من مثل ستيفان شيوبك الذي عمل مديراً للتصوير في أكثر من ثلاثين فيلماً، ومديرة التصوير الفرنسية القديرة كارولين شانبوتييه التي اقترن اسمها بـ"هولي موتورز" لليوس كاراكس، "رجال وآلهة" لكزافييه بوفوا و"بونيت" لجاك دوايون. وأخيراً، تستفيد ثلاثة أفلام لا تزال في مرحلة ما بعد الإنتاج ــ وهي مموّلة من الصندوق العربي للثقافة والفنون – (آفاق) من جلسات إستشاريّة يقدّمها خبراء المونتاج الحاضرين في برنامج "مواهب بيروت".
increase حجم الخط decrease