- ما أهمية أن يكون العرض الدرامي مُرتَّباً؟ نظراً لأن الحدث يحدث في مكان واحد تقريباً، لذا فالاستبطان مفهوم أساسي للعمل، مثلما يتمّ التركيز على الكلمات والعواطف والشخصيات.
أولاً، لتبسيط عملية التصوير، كنت بحاجة إلى طاقم صغير جداً لمنح الجميع الثقة، والحصول على مساحة آمنة. وكنت أعلم أن الفيلم سيكون استبطانياً. لم أكن مهتمة على الإطلاق بأصالة المواقع لإعادة إنتاج تلك الموجودة في حياتهن. يمكن القول إن المواقع التي صوّرنا فيها كانت استرشادية. قررنا التصوير في فندق قديم في تونس... إذا كان لارس فون ترير قد صنع فيلماً كاملاً بدون طاقم عمل، ونجح (فيلم دوغفيل)، فيمكنني أنا أيضاً إنجاز فيلم بموقع تصوير إسترشادي.
أتاح لي هذا النهج الاقتراب قدر الإمكان من ألفة، وهي أمّ مفرطة في الحماية. ورغم أنها تتحدر من خلفية تقليدية، إلا أنها أرادت أن تكون قدوة مختلفة لنسلها. باستثناء، بالطبع، أنه عندما يكبر الأطفال، يرفضون نموذج الوالدَين، مما يؤدّي إلى مشاكل...
في الفيلم تتحدّث ألفة عن لعنة. تقول: "ما عانيت منه هو ما عانت منه بناتي". في الواقع، إنها لعنة انتقال الصدمات وردود الأفعال السيئة والعنف بين الأجيال. ما تسمّيه لعنة، أعتقد أنها تشير به، من دون وعي منها، إلى النظام الأبوي المتكامل. تقول لها الممثلة: "صحيح، هذا ما نفعله جميعاً بين الأمّ وابنتها، حتى يأتي جيل يكسر هذه اللعنة، سلسلة انتقال العدوى هذه. أعتقد أن بناتك هكذا. وهذا ما حاولن فعله. الأكبر سناً والأصغر سناً، بطرق مختلفة جداً".
- عندما تتحدثين عن ألفة وبناتها، فأنت تتحدثين أيضاً عن تونس، وتداعيات الربيع العربي، وصعوبات النشأة كامرأة ومراهقة. هل كان من المهم خلق لعبة المرايا هذه بين الجزئي والكلي، الحميم والسياسي، المرأة والسلطة الأبوية؟
نعم. وما جذبني أيضاً إلى هذه القصة هو مدى تأثير السياسة في حياة الناس العاديين. غالباً ما يعتقد الناس أن السياسة شيء منفصل. لكنها ليست كذلك. فهي تؤثر في الحياة اليومية. كانت لعبة المرايا هذه مهمة جداً بالنسبة إلي. أردت أن أصنع فيلماً حميماً للغاية، لكنه فيلم تتعارض فيه حميمية القصة الصغيرة مع القصة الكبيرة. حين عُرض الفيلم في تونس، أواخر العام الماضي، لاقي نجاحاً كبيراً، لأن الجمهور وجد شيئاً من نفسه فيه.
- في أثناء تكشُّف أحداث الفيلم، يبدو أن بطلاتك شكّلن في ما بينهن رابطة أختية، داعمة ومتحدّية كذلك؟ هل أصبح الأمر كما توقّعت؟
ما أحبّه في الفيلم الوثائقي هو أني الجمهور الأول لفيلمي. لذلك أنا مندهشة طوال الوقت. في بعض الأحيان تعتقد أنك ستحصل على مشهد بعينه، لكن الأمور لا تحدث كما تعتقد. لذلك أجد تحدياً دائماً لتوقعاتي في ثراء الواقع وأصالة الناس وردود أفعالهم الحقيقية.
- بعد عرضه في مهرجان "كانّ" منتصف العام الماضي، سافر الفيلم كثيراً بين المهرجانات، ووصل إلى اللائحة المختصرة لجوائز أوسكار في فئة أفضل فيلم وثائقي. ما رأيك في فرصك للتتويج؟ ولماذا تعتقدين أن فيلمك يخاطب جمهوراً واسعاً؟
لا أعرف شيئاً عن فرصي، لكني بالطبع أتمنى أن يفوز الفيلم. سنكتشف ذلك يوم 11 آذار/مارس المقبل. ونعم، الفيلم يتحدث حقاً إلى الناس، مهما كانت ثقافتهم أو خلفيتهم. ربما تظن أنها قصة عن المرأة العربية، وبالتالي فجمهورها محدود للغاية. لكنها ليست كذلك. وبعيداً من السياق التاريخي والسياسي والثقافي للفيلم، فإنه يتحدث عن شيء عالمي حقاً. عندما نتحدث عن العلاقات بين الأمّ والابنة، فهذه أمور عالمية بامتياز. عندما نتحدّث عن المراهقة، فهي مرحلة إلزامية على الجميع. الجميع يتعرّفون على أنفسهم في هذا الفيلم. في أي عرض حضرته حول العالم، حين تضيء الأضواء، كان هناك دائماً شخص يبكي في الصالة. إنه شيء يمسّني حقاً. لأن النوايا أو الأشياء التي أثّرت في هذه القصة، تمكّنتُ بطريقة أو بأخرى من نقلها إلى الكثير من الناس.
- ما الأفلام أو مَن هم صانعو الأفلام الذين كان لهم دور مهم في شغفك بالسينما؟
لم أكن لأتمكن من إخراج هذا الفيلم لولا فيلم "لقطة مقرّبة" لعباس كياروستامي، وهو أحد المخرجين المفضّلين لدي. بالنسبة إلي، كانت الأفلام في الأساس بمثابة اكتشافات. مثل فيلم "راشومون" للمخرج أكيرا كوروساوا، وهو فيلم عن الحقيقة ونسبيتها، لم يَشِخ يوماً واحداً. هناك أيضاً فيلم My Winnipeg للمخرج غاي مادين، والذي كان له تأثير كبير فيّ. أعدتُ مشاهدته في مرحلة التحضير لـ"بنات ألفة". حاولتُ إعادة النظر في جميع الأفلام التي تجاوزت حدود النوع، وهذا فيلم أصلي للغاية، جميل وقوي وصعب في الوقت نفسه.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها